هذا البلد الذي لا يشبه لبنان بشيء!

اندريه قصاص 

قد لا يكون هذا البلد الذي لا يشبه لبنان بشيء غير موجود، أو ربما هو موجود في أي مكان يقصده اللبنانيون، إما للعمل فيه وإما بهدف تمضية إجازة قد تكون قصيرة ولكنهم يتمنون لو تطول نظرًا إلىالإنطباع  الذي يكونه عن البلد الذي يحلم العيش فيه.
 

هذا البلد يُصّنف على أنه بلد سياحي بإمتياز، وذلك لما يقدمه من خدمات وتسهيلات للسائح الذي يفتش عن راحته ورفاهيته بأقل كلفة ممكنة، وهذا ما يجده في البلد الذي يقصده، والذي يقضي فيه إجازة مريحة وممتعة.

مواضيع ذات صلة

 
هذا البلد، للأسف لا يشبه لبنان في زمننا هذا، وهو لم يكن على ما نذكر على ما هو عليه اليوم، حين كان قبلة السياح العرب والاجانب، الذين لم يكونوا ليستبدلوه بأي بلد سياحي آخر، لا في الجوار ولا في الدول الأوروبية، وذلك نظرًا إلى المستوى العالي من الخدمة التي كان يقدمها اللبناني للسائح، سواء في فنادقه الفخمة أو في مطاعمه وملاهيه وفي الأمكنة السياحية في مختلف المناطق.
 
أما اليوم فماذا في إمكان لبنان أن يقدّم للسائح؟
 
هل هي الكهرباء التي تصل إفتراضيًا أو وفق الوعود الكثيرة إلى المناطق 24 على 24 ساعة من دون إنقطاع؟
 
أم هي المياه غير المتوافرة ولو بـ”القطارة”؟
 
أم هي زحمة سير خانقة، مع فوضى لا مثيل لها في أي بلد آخر في قيادة السيارات؟
 
أم هي البيئة النظيفة الخالية من سموم النفايات ومن دواخين المعامل العشوائية؟
 
أم هو البحر الآمن صحيًا وغير الملوث؟
 
أم هي الطبيعة التي لم تشوهها يد الإنسان والكسارات؟
 
أم هي الأسعار المدروسة والمراقبة من قبل الوزارات المعنية في المطاعم الملغومة فواتيرها؟
 
أم هي الفوضى التي تسود في مطار بيروت الدولي؟
 
ولكي لا نُفهم خطأ على أننا نساهم في “تطفيش” السياح، وعلى أننا لا نرى سوى السلبيات ولا نتطلع إلى الإيجابيات، نسارع إلى التأكيد أن من بين المسببات الكثيرة لجعل السائح يفكّر ألف مرّة قبل القدوم إلى الربوع اللبنانية، على رغم أن الوضع الأمني فيها أفضل بكثير من أي بلد آخر، هو ما نشهده يوميًا وعبر الفضائيات ووسائل التواصل الإجتماعي من مماحكات وسجالات بين السياسيين، الذين يساهمون بخلافاتهم الصغيرة في تنفير السائح، وهو الذي أصبحنا نفتش عنه بالسراج والفتيلة، وذلك نظرًا إلى أن لبنان بتركيبته الهشة من الناحية الإقتصادية يعتمد في شكل أساسي على السياحة كمورد طبيعي في تعويم وضعه المالي المتعثر وتأمين توازن ثابت بين المداخيل والمصاريف.
 
فلو صرف بعض المسؤولين القليل من الجهد لتأمين الحدّ الأدنى من متطلبات العيش السهل للمقيمين قبل الوافدين لتوقف مسلسل “النق” و”التذمر” أو ما يسمونه أهل السياسة تحاملًا في غير محله وتعميم “ثقافة التيئييس” والإكتفاء بالنظر إلى النصف الفارغ من الكوب ولعن الظلام بدلًا من إضاءة شمعة تنير الدروب.
 
أوقفوا سجالاتكم العقيمة وبادروا إلى حلحلة العقد وشمرّوا عن سواعدكم في ورشة إعادة ثقة المواطن بدولته نوقف “النق”. وهذا وعدٌ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى