ماذا أرادت إسرائيل من قصف الغازية؟

صدى وادي التيم-امن وقضاء/

فلنضع التافهين من فئة المغردين الإلكترونيين و”الأذكياء” من المحللين العسكريين جانباً.

قصف مصانع في المنطقة الصناعية ببلدة الغازية لم يكن هدفه “التعليم” على حزب الله. كذلك لم يسعَ إلى تدمير جزء من البنية التحتية العاملة في مجال تطوير الصواريخ. حزب الله لا يعمل وفق هذه الطريقة ولا ينصب وينشر معامله “الدقيقة” على الطريق الدولية وبين الناس. 

قصف الغازية رداً على إرسال مسيرة “مجهولة” إلى طبريا ذريعة. تل أبيب تعلم جيداً بأن المسيرة لم ترسل من لبنان. دعكم من هوية الجهة. كانت إسرائيل ترد على أمر ما، أخطر، حصل فعلاً وتفضل عدم البوح به طالما أن المقاومة لم تُعلن عنه. أيضاً، تستغل ما جرى في مجالات أبعد. إننا في زمن “الغموض البناء” والمعركة جولات. 

إذاً ما الدافع وراء قصف معمل المولدات ومعمل الحديد في الغازية؟ عدة أمور بسيطة:

1. تبعد الغازية عن أقرب نقطة حدودية في الجنوب مسافة تبلغ حوالي 50 كيلومتراً. كالضاحية الجنوبية بالنسبة إلى بيروت، تعتبر الغازية ضاحية من ضواحي مدينة صيدا، وهي تبعد عن بيروت مسافة تقدر بـ45 كيلومتراً. عسكرياً، تريد تل أبيب القول أنها تجاوزت رأي حزب الله ووسّعت خريطة القصف وتقترب من العاصمة وردت على الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله. يمكن العثور على مؤشر واضح الدلالات بين كلام وزير الحرب “المجنون” يواف غالانت الذي ادعى أنه في “إمكان إسرائيل الوصول إلى دمشق وبيروت والنبطية وصيدا”. 

لماذا صيدا؟ لما تمثله من بعد ضمن التركيبة الطائفية اللبنانية، وما تمثله أيضاً من نقطة عمق بالنسبة إلى الجنوب ومدى قربها من بيروت. إذاً تريد تل أبيب في جانب من خططها إثارة أهالي صيدا وزرع مخاوف لديهم.

2. من وراء استهداف الغازية، تريد تل أبيب الإيحاء بأن شيئاً لا يقيدها إن أرادت توسيع نطاق المعركة. في هذه الجزئية تعبير عن جديتها لجهة التهديد بتوسيع نطاق الحرب إن لم يجر التوصل عبر المساعي الدبلوماسية إلى اتفاق حول ما يسمى “إبعاد حزب الله عن الحدود في موعد أقصاه آخر شباط الجاري”. في نفس القالب يتعين فحص مضمون الرسائل الدولية الأخيرة التي وصلت بيروت بالبريد السريع متعدد الجنسيات. من جهة ثانية تريد إسرائيل القول بأنها قوة غير مردوعة على عكس ما “يزعم” حزب الله! 

3. اختيار موقع الغارة في المنطقة الصناعية تحديداً وإن أخذنا قرب المنطقة المستهدفة من الطريق الدولية، يرتبط بطبيعة الموقع المستهدف، وهو عبارة عن مشغل متطور يقوم بتجميع وصيانة المولدات الكهربائية فيما الآخر كناية عن معمل لمجسمات الحديد على أنواعها. المعملان يحويان مواد قابلة للاشتعال وأخرى سريعة الاشتعال، إلى جانب كون الأول يضم محركات بقياسات معينة فيما الثاني وبحكم وظيفته تنتشر فيه القطع الحديدة بقياسات مختلفة. هذا كله يُبرّر للإسرائيلي لاحقاً تسويق سردية أنه استهدف موقعاً لبناء الصواريخ ربطاً بالمحتوى، فيما يفيده استمرار تجدد الحريق بفعل المواد سريعة الاشتعال التي ظهرت في عينات التربة التي أخذتها الأجهزة الأمنية وحققت فيها. 

4. وفضلاً عما سلف من أهداف عسكرية، تراهن إسرائيل على تسميم أجواء القرى اللبنانية الجنوبية وصولاً إلى بيروت فضلاً عن استغلال عامل واضح لدى حزب الله مفاده أنه يقدر لكنه لا يريد الآن توسيع نطاق قصفه ألا يعطي مبرراً للعدو. ويجب ألا يغيب عنا أن العدو يعمل على خلق حالة حرب معينة، ودفع المزيد من النازحين باتجاه بيروت من خلال زيادة وتيرة قصفه لتكريس حالة توازن في ملف النازحين.

إذاً الموضوع أعمق مما ذكر على الإعلام. “التحرش” بمناطق بعيدة، باعتقاد العدو، يعطيه دفعاً لزيادة نسب الضغط على العمق اللبناني. 

بعد كل الذي تقدم ما الذي تفعله الدولة اللبنانية؟ حول قصف الغازية، أجرت تحقيقاً وتوصلت إلى خلاصات بأن ما قصف ليست سوى معامل مدنية. لذلك تحضر الخارجية أوراقها لزيادة الشكاوى إلى مجلس الأمن شكوى إضافية.

المصدر: عبدالله قمح – الأفضل نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى