جورج شديد سفير القطاع الزراعي في البقاع ومرجعيون
الدولة غائبة كليًا عن دعم القطاع الزراعي
كبير مزارعي سهل سرده والوزاني السيد جورج شديد الملقب بـ “السفير”، فهو حقًا سفير القطاع الزراعي في البقاع ومرجعيون، لما يتمتع من خبرة طويلة في هذا القطاع، وكان له الفضل بإحيائه من كبوته في منطقة مرجعيون، محولًا أراضيه الصخرية وهضابه إلى أرض سهلية صالحة لكافة أنواع المزروعات بفضل كده وجهده وعرق جبينه وخبرته الممتدة لسنوات طوال بدءًا من منطقة سهل بعلبك، فتناقلت عدوى نشاطه إلى العديد من المزارعين الذين أقتدوا به، فأصبحت تلك الأراضي جنة من جنات الله على الأرض تفيض غلالًا ومواسم خيرة لأنواع العنب، التفاح، الدراق، البندورة، الخس، الملفوف، البطيخ، البطاطا، البصل واللوبيا، إنما إختصاصه فقط بزراعة العنب على أنواعه، والتفاح والدراق. وحيث لجهوده الحثيثة الكبيرة التي أثمرت عن إنتاج مواسم خيرّة عدا إيجاد حركة إقتصادية وأسواق لتلك المنتوجات، إضافة لتشغيل اكبر عدد من اليد العاملة المحلية.
وكان لمبادرته تلك، الصدى الكبير لدى أهالي المنطقة مما عزز صمودهم والتعلق بالأرض.
وحيث “مجلة وموقع كواليس” الشاهدة والمتابعة دائمًا لكل هذه الأعمال المنتجة، كان لا بد من لقاء وحوار مع السيد جورج شديد، ليحدثنا عن شؤون وشجون هذا القطاع، قائلًا:
عملنا في القطاع الزراعي بداية مع اشقائي وبالوراثة عن والدي في زراعة البندورة والشمندر والبطاطا على مساحة تزيد عن 3000 دونم أرض في منطقة البقاع، وبعد تحرير الجنوب، وفي العام 2003 توجّهت إلى هذه المنطقة التي كانت معظم أراضيها “بور” عبارة عن هضاب وسهول مليئة بالصخر وزراعتها بدائية، فعملت ما بوسعي لأجل إستثمار أراضي على مساحة 1500 دونم في سهل سرده والوزاني وإستصلاحها وزرعها بدءًا من أصناف العنب والتفاح والدراق، وقد جاهدت كثيرًا وجُبل عرقي بترابها، والسهر ليلًا نهارًا لإنجاح المواسم دون أية مساعدة أو إلتفاتة من وزارتي الزراعة أو الإقتصاد أو ما يسمى التعاونيات الزراعية فهي للمنفعة الخاصة فقط، فلا دعم للبذار او لمواد الرش أو تخفيض فاتورة الكهرباء والمازوت وما شابه، فقط دولة للضرائب والهدر والفساد يا للعار!!
ومؤخرًا ما حصل من إنفجار في مرفأ بيروت، فإن نترات الأمونيوم التي جرى تفجيرها، كانت مخصصة للمزارعين والأراضي الزراعية كسماد كيماوي ومُنعت عنَّا بحجة مواد متفجرة تشكل خطرًا علينا، إنما بالمقلب الآخر جرى تسويقها وبيعها، وما تبقى منها تم تجميعها، وحصل ما حصل من إنفجار، ودُمرت بيروت.. حرام ثم حرام تلك المدينة، عروسة الشرق والعالم.. أم الشرائع.
وبالعودة إلى هذه الأرض، كانت البداية زراعة 200 شتلة دراق بسعر 10 دولارات لكل منها، زرعتهم قرب بركة سرده، وكان المزارعون والمواطنون يحضرون للمشاهدة ونجاح زراعتها. ومن هنا أنطلق مشروع الجنوب بما لا يقل عن 7000 دونم أرض، لمختلف أنواع الزراعات من أشجار مثمرة متنوعة وحبوب وخضار وبقولات، كل ذلك بفضل همة السفير وإندفاعه وخبرته في هذا الحقل.
وتواجهنا عقبات كثيرة بدءًا من إرتفاع سعر صرف الدولار بحيث نشتري معظم إحتياجاتنا من أدوية وأقفاص ونايلون ونباريش وقساطل مياه بعملة الدولار، بينما عملية البيع تتم بالليرة اللبنانية، كذلك مادة المازوت حيث نستهلك كميات كبيرة يوميًا للمعدات الزراعية ومضخة المياه بأسعار السوق السوداء دون حسيب أو رقيب، وهذا العام أنضرب موسم العنب الذي اصيب بالهريان بسبب وجود غش في الأدوية الزراعية المستعملة ونحن ندفع ما علينا من رسوم وضرائب وفواتير كهرباء التي تبلغ 250 مليون ليرة سنويًا وأدوية زراعية لا تقل عن 800 مليون ليرة وثمن مازوت حوالي 80 مليون ليرة، أضف إلى ذلك وجود أكثر من 300 عامل يعتاش من هذه المصلحة وإجرة العامل بـ 20 ألف ليرة كانت تساوي 12 دولار اليوم العشرين ألف تساوي أقل من 3 دولارات، فكيف بإمكانه العيش في ظل الغلاء المستفحل، وما يبقى للمزارع من أرباح، فهي ضئيلة جدًا جدًا..
*لنتطرق إلى آلية الزراعة، كيف تتم؟
شتول العنب نستوردها من الخارج (إيطاليا، فرنسا، أميركا) وهي عدة أنواع تزرع ضمن مساحات ومسافات محددة لكل صنف، ويلزمها مدة ثلاث سنوات لكي تبدأ بالإنتاج تدريجيًا، وحكمًا يلزمها ري وفلاحة وتوريق للأوراق والطرود الزائدة واليابسة. وفيما خص شجر الدراق والتفاح والخوخ فهي أقل تكلفة، إنما الرش لا بد منه، ولا ننسى الأضرار الناتجة عن العوامل الطبيعية من عواصف وسيول التي تصيب المزروعات والأشجار ومؤخرًا حصل تدمير لـ “هنكار” ولم يسمحوا لنا بإعادة بنائه كما كان، فكيف يطلبون منا الإهتمام بالزراعة والتمسك بالأرض بدل إعطاء التسهيلات والدعم، ونحن لا نطلب منهم شيئًا سوى كف مصائبهم عنّا وأتمنى على مسؤولي وزارة الزراعة والتعاونيات الزراعية من زيارتنا والوقوف على واقع هذا القطاع.
حاوره : فؤاد رمضان – مجلة كواليس
جورج شديد حوّلّ سهل سرده – الوزاني من أرض جرداء إلى واحة غناء بالأشجار الخضراء المثمرة