الغاز يرسم سايكس بيكو جديد
صدى وادي التيم – لبنانيات
بعيداً عن أخبار النيترات والمفرقعات، والتحقيقات السخيفة والاتهامات بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين، فلنتكلّم بجديّة وبأساس الصراع.
من المؤكد ان موضوع الشعب اللبناني ومعاناته واقتصاده والظلم الذي يتعرّض له لا يدخل في استراتيجيات الدول الغربية والاقليميّة القادمة بأساطيلها، فالعيون والبوارج كلّها شاخصة اليوم على الغاز اللبناني، وبشكل أوسع، على كميّات الغاز الضخمة التي تم اكتشافها شرقي البحر المتوسط من سوريا مروراً بلبنان واسرائيل وقبرص وصولاً الى مصر، فالغاز هو طاقة المستقبل وهذا الغاز موجود على تخوم الاتحاد الاوروبي، اول مستهلك للغاز في العالم.
منذ توقيع العقود مع تجمّع “TOTAL ENI” و”NOVATEC” كان واضحاً الفيتو الأميركي على بدء عملية استخراج الغاز اللبناني قبل ترتيب بعض الاوراق الداخلية في هذا البلد.
فتأجّل الحفر من شهر 12/2019، حتى منتصف شهر كانون الثاني الى ان تم التوافق على تسوية بين الفرنسيين والاميركيين على عملية الحفر في آواخر شهر شباط فقط، على ان يتم تجميد تنفيذ المراحل اللاحقة حتى ترتيب الامور السياسية والامنية مع لبنان.
ومن الواضح ان هناك أمرين تسعى اميركا إلى حلّهما، وهما:
-موضوع ترسيم الحدود البحريّة مع اسرائيل على مستوى البلوك 9
-موضوع سلاح الحزب ووجود قواعد ايرانيّة على البحر المتوسط وعلى الحدود مع اسرائيل.
كل ما يتم الاتفاق عليه اليوم، سيكون له انعكاسات على شكل المنطقة في المئة سنة القادمة واعني بذلك تقسيم الغاز بين الدول ونفوذهم السياسي والعسكري.
بذلك، نحن حاليّاً امام مشهد معقّد نسبياً بسبب وجود كثير من اللاعبين:
أولاً: اللاعبين الاقليميين وأعني تركيا، ايران، مصر واسرائيل.
ثانياً: لاعبين دوليين اي فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، وفي الخفي روسيا التي تترقّب، والصين المتخفّية حتى هذه اللحظة.
فالكلّ يريد حصّته من هذا الكنز المُكتَشف!
كل هذه العوامل تضع لبنان امام مرحلة جديدة غير مسبوقة، فالشركات التي تريد استثمار هذا الغاز وبناء منصات وبنى تحتية بعشرات مليارات الدولارات تحتاج قبل كل شيء الى توافق واستقرار سياسي واقتصادي وامني محلّي ودولي.
بذلك، وبعد انهاء ترسيم الحدود البحرية والبرية مع اسرائيل قد يدفعون لبنان نحو التطبيع وهذا ما ظهر في مقابلة الرئيس ميشال عون.
من جهة اخرى يسعون الى معالجة موضوع سلاح الحزب، أي نزعه وربما شيء آخر، والضغط باتجاه خلق نظام جديد في لبنان أكثر استقراراً وأقل فساداً ليتمكّنوا من العمل بطمأنينة وراحة بال وسلام.
تبقى أسئلة كثيرة غير واضحة:
هل يفاوضون على نزع السلاح مقابل مراكز اضافية في الدولة اللبنانية لهذا الفريق؟
هل يسعون الى تغيير دستور لبنان والذهاب نحو اللامركزيّة الموسّعة؟
هل على لبنان القبول دون قيد او شرط بالحدود المحددة مم قبل اسرائيل، يتبعها اتفاق 17 ايار جديد؟
هل ستفشل الدول بالاتفاق فيما بينها، واعني بشكل خاص ايران من جهة وتركيا من جهة اخرى مع الغرب، ويدخل لبنان في حرب داخلية شبيهة بما حصل في سوريا؟
هل سنشهد على انفجارات “مفرقعات” اخرى شبيهة بانفجار المرفأ؟
الأيام والأسابيع القادمة، ستكون حاسمة..
“ليبانون ديبايت”- غسان جرمانوس