ما مصير السنة الدراسيّة؟

صدى وادي التيم – لبنانيات

كتبت رانيا شخطورة في وكالة “أخبار اليوم”: “المصائب قد لا تأتي فرادى”… هذا ما ينطبق على لبنان، الذي يعاني من ازمة اقتصادية حادة، فأتته جائحة كورونا… وعلى وقع ارتفاع اعداد الاصابات بالوباء، اتى تفجير المرفأ ليزيد الطين بلات وبلات…

كل الناس وكل القطاعات، تئن من شدة الالم، ولكن قد يكون الطلاب اكثر من غيرهم امام مصير غامض، ففي حين كانت بعض المدارس تستعد لاستقبال الطلاب في ايلول وفق شروط السلامة والتباعد، حصل الانفجار حيث تضررت مدارس في بيروت على غرار كافة المباني، كما البعض الآخر فتح ابوابه امام من تشردوا من منازلهم المدمرة…

لذا بات بعض المعنيين في الشأن التربوي، وامام هذا الواقع، يدعون الى تقييم تجربة التعليم عن بُعد، وتعزيزها، في انتظار ان يلملم لبنان جراحه!

فرصة ذهبية

وفي هذا الاطار تؤيد الأستاذة الجامعية لورانس عجاقة تعزيز التقييم عن بعد، واعادة النظر بكل المناهج التعليمية. وقالت، عبر وكالة “أخبار اليوم”، يمكن النظر إلى جائحة COVID-19 على أنها فرصة ذهبية للتخلص من الغبار المتراكم فوق مناهجنا الأكاديمية القديمة، حيث سمعنا في السنوات السابقة الكثير من الاصوات التي تدعو إلى تحديث المناهج الدراسية، ولكن في الواقع لم تحصل في هذا المجال الا محاولات احتفالية فقط، وشددت على ضرورة أن نعتبر هذه المنصة الإلكترونية على الإنترنت فرصة لإعادة تأسيس أنظمتنا التربوية بطريقة تناسب الوضع الحالي.

ورأت ان محور مناقشة اليوم هو تقييم الطلاب، وهو موضوع شائك منذ ما قبل الأزمة، وقالت: يختلف الجيلان الأخيران اختلافًا جذريًا عن أولئك الذين سبقوهم، ومع ذلك ما زلنا نطبق نفس المفاهيم في التقييم.

واشارت الى انه في جميع أنحاء العالم، تم التشكيك في صلاحية طرق التقييم على مدى العقود القليلة الماضية، ومع ذلك فإن الأنظمة الموحدة لا تزال قائمة، معتبرة هذه الأساليب لا تختبر مهارات الطلاب وذكائها، فتجبرهم على التكيف مع نمط موحد لا يأتي بالتأكيد في “مقاس واحد يناسب الجميع”. بدليل ان اساتذة يتفاجأون بقدرات بعض الطلاب في معايير معينة كانوا قد فشلوا بشكل كبير في معايير أخرى. وذلك من خلال فرض توقعات غير واقعية للأشخاص الموهوبين، فإننا بذلك نحرمهم من الوصول إلى دعوتهم في الحياة. لذلك، يجب علينا أن نعترف، على الأقل، بأن أنظمة التقييم لدينا “معيبة” ويجب إعادة النظر فيها.

وهنا ابدت اعتقادها أننا نحتاج الى تأسيس هذه الأرضية المشتركة حتى نتمكن من المضي قدمًا في تصميم نظام تقييم أكثر عدالة. ولكن كيف يمكن القيام بذلك بطريقة عملية للمعلمين والطلاب؟

معرفة منفصلة عن الواقع

واضافت: يخبرنا تصنيف “بلومبرغ” أننا بحاجة إلى نقل المعرفة إلى الطلاب، ولكن ما فائدة هذه المعرفة إذا كانت منفصلة عن الواقع؟ سيخضع الطلاب لسنوات من التعليم على المستوى الجامعي ثم يذهبون إلى بيئة العمل حيث يصابون بالصدمة من التناقضات بين ما تعلموه وما يطبقوه. لذا، يكمن الخلل في التركيز الدؤوب على الدرجات كتقييم بدلاً من المعرفة المكتسبة، حيث بات الطلاب لا يهتمون إلا بالـ GPA. هذا ما يعملون من أجله وتنصب عليه كل جهودهم. وكانت النتيجة خلق طلاب لا يحتفظون الا بالقليل مما تعلموه، وفي المقابل يكون المجتمع امام موظفين مستقبليين يحتاجون إلى إعادة تأهيل بمجرد دخولهم القوى العاملة.

وردا على سؤال، اجابت عجاقة: بصفتنا مدرسين، فإن مهمتنا هي تغيير تلك الأولوية إلى اكتساب فهم عملي للمواد المقدمة، مشيرة الى ان التحول إلى تقييم أكثر ديناميكية قد بدء بالفعل، ذلك من قبل الرواد الشجعان الذين أدركوا أن طلابهم لم يعودوا يتوافقون مع قوالب الماضي.

نهج يجذب المتعلمين الجدد

وفي هذا السياق، اشارت الى توفر العديد من المنصات عبر الإنترنت مجانًا لأي معلم يحتاج إلى مساعدة في تقييم الطلاب عبر الإنترنت. يمكن أن تكون صالحة حتى لإعداد الفصول الدراسية المادية في وقت لاحق مع بعض التعديلات. واضافت: ما هو عبقري في هذه الأنظمة أنها تسمح بمهارات ووظائف مختلفة. وفيها أنشطة تختبر جوانب مختلفة من الذكاء بدلاً من الحفظ النموذجي وإعادة نشر المعلومات. كما يمكن تقسيم الطلاب إلى مجموعات ذات مهارات مماثلة أو تكميلية، اعتمادًا على التقييم ، حيث يعالجون مواقف متنوعة من جوانب مختلفة.

ورأت ان هذا الانسياب في النهج يجذب المتعلمين الجدد. نظرًا لأنهم خبراء رقميون، فهؤلاء لا يقبلون نقلهم لاستكشاف ما هو متاح لهم في غضون ثوان، لان ما يحتاجونه هو تحدي الأسئلة التي لم يتم العثور على إجاباتها على ويكيبيديا.

الشعور بالمتعة

واكدت عجاقة أن هؤلاء الطلاب الجدد يتم تحفيزهم بسهولة، فيشعرون بالمتعة من خلال مهاراتهم فلا يطلب منهم فقط الحفظ. وبالتالي، يقع على عاتق المعلمين تحقيق هذه المتعة. اوضحت ان الطالب قد يكون سلبيًا في أحد الفصول، ومع ذلك فهو مشارك نشط في فصول أخرى أو حتى في الأنشطة اللامنهجية، قائلة هؤلاء ليسوا كسالى كما يراها معظم الناس، بل هم “عاطفيين بشكل انتقائي”.

وانطلاقا مما تقدم، شددت عجاقة على ضرورة تعزيز مهارات وقدرات الطلاب. وبالتالي العمل على خلق إنسان قادر على العمل بكفاءة في العالم الحقيقي.

كما شددت على اهمية تزويد الطلاب بما يكفي من الأسئلة والحالات التي تثير قدرتهم على التفكير النقدي. ولا بد من أجيال جديدة المهارات وكلها من خلال التوجه الرقمي.

وختمت عجاقة: يبقى الأمر متروكًا لنا لتعزيز بيئة التقييم التي تلبي هذا التحدي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!