هل حان الوقت لتقاعد الطائف والبحث عن صيغة جديدة للحكم في لبنان؟!
لم تشبه صورة اليوم بالامس… تضج مواقع التواصل الاجتماعي بصور تقارن ما بين النكبة التي حلّت ببيروت منذ اسبوع وما بين مشاهد اخرى تعود الى الحرب الاهلية… حيث الدمار والدماء والخراب هو القاسم المشترك! اضف الى ذلك الضائقة الاقتصادية والازمة المالية والارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار… وما يلحق به من ارتفاع لمختلف اسعار السلع.
واذا كانت تلك الحقبة طويت في ايلول العام 1989 باتفاق الطائف الذي اعاد الحياة الى طبيعتها بشكل تدريجي، فهل بعد نحو 30 سنة، قد خدم “هذا الاتفاق عسكريته” وحان الوقت لتقاعده والبحث عن صيغة جديدة للحكم في لبنان؟!
النائب والوزير السابق بطرس حرب – الذي كان من المشاركين في المؤتمر الذي عقد في مدينة الطائف في السعودية والموقعين على الاتفاق الذي حمل اسمها، اعتبر ان التقرير المجتزأ لا يمكن ان يخدم القضية، بل قد نكون امام عهد انتهى وادى الى كوارث وطنية واجتماعية وانسانية… ودمّر الاقتصاد والنظام ايضا…
وفي حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، اشار حرب الى ان هذه التركيبة الحاكمة كلها بحاجة الى تغيير، من رئيس الجمهورية (العماد ميشال عون) الى آخر موظف معيّن من قبلها، لا سيما بعدما حوّل اطراف هذه التركيبة الدولة اللبنانية الى مزرعة يتقاسمونها ويتحكّمون بها دون قانون او دستور!
وسأل: متى يقف المسؤولون ليحدّدوا الى اين يريدون ان يذهبوا؟ هل استقالة مجلس النواب هي الحل؟ او الحكومة؟ او رئيس الجمهورية ؟!! قائلا: اذا استقال كل هؤلاء كيف ستجري الانتخابات من اجل وصول شخصيات جديدة جديرة بالحكم، كيف ستجري الانتخابات من سيكون المسؤول عن العمل في ظل هكذا حكومة ثبت ان الاكثرية من اعضائها فاشلون وغير مسؤولين؟
ومن الاسئلة ايضا: هل اللبنانيون بعدما وصلنا اليه يستطيعون ادارة الازمة التي ستنتج عن المرحلة المقبلة؟ ام اننا سنكون امام تدخل دولي للاشراف على انتخابات نيابية جديدة، وهل ستجري على اساس قانون جديد يصدر عن مجلس النواب، او على اساس القانون النافذ الكارثي الذي أوصل البلد الى ما نحن فيه؟!
الا ان حرب شدد على ضرورة الاطلالة بقانون جديد، والمجلس الذي سينبثق عن هذا القانون هو الذي سينتخب رئيسا جديدا للجمهورية، ويشارك في تشكيل الحكومة، مضيفا: انما السؤال الاكبر من سيدير البلد في هذا الوقت، في ظل حكومة فاشلة، وافلاس، وناس على ابواب جوع… وما كان ينقص الا مصيبة المرفأ .
وفي هذا السياق، أسف حرب الى ان من يتولى شؤون البلد هم ناس همّهم الوحيد حالهم والمغامرات والجاه والمال والسلطة والنفوذ والتحكم… على الرغم من الضرر والضحايا والآلاف من الجرحى ومئات الآلاف من المشردين.
وتابع: اننا امام مصيبة كبيرة، لكن المصيبة الاكبر انهم اوصلوا البلد الى الحالة التي نحن فيها، وبالتالي لا بدّ من البحث عن وصفة عجائبية لاخراج البلد مما هو فيه، او من الحالة التي وضعوه فيها، وايضا البحث عن كيفية العودة الى آلية تسمح باعادة احياء البلد.
وهل هذا يعني ضرورة البحث عن اتفاق جديد؟ اجاب حرب: “الطائف” هو ضحية هذه الممارسات، وهو في الوقت عينه ليس منزلا، ويمكن اعادة النظر به او ببعض مندرجاته، لكن في الوقت عينه الطائف لم يطبّق للقول انه سقط.
واضاف: ما طبّق هو الامر الواقع ورغبة الحكام المتسلطين، مع السوري سابقا ومع حزب الله كل اتباع اللعبة اليوم، معتبرا ان “الطائف” يصلح ليكون مشروعاً للدرس في ضوء التجربة التي عشناها ومنه نحدّد كيف يمكن ان نخرج من هذا الواقع الأليم. ولكن اذا استمر اللبنانيون بنفس نمط التفكير، بمعنى الاستمرار بطريقة الانتخاب ذاتها التي أوصلت هؤلاء الفاشلين الى السلطة، فاننا سنبقى مكاننا، في حين ان المطلوب البحث عن الصادق والكفوء ومصلحة لبنان، ليبدأ الانقاذ الحقيقي.
وفي هذا الاطار، استغرب حرب الكلام عن “الاجماع” عند كل محطة، قائلا: هذه المواقف تأتي من “هؤلاء السفلة” الذي يريدون التغطية على فشلهم، مشددا على انه لا يمكن الاستمرار بالديموقراطية القائمة في ظل البحث دائما عن الاجماع، معتبرا ان المطروح هو ايجاد حلول ضمن اطار اعادة البحث في تطبيق الطائف، وعلى كل واحد ان يتحمّل مسؤوليته والا لن يبقى لبنان الذي نعرفه، لا بل قد يتفتّت… وقد بدأنا نرى موجة غضب من الناس المجروحين.
وردا على سؤال، أوضح حرب ان عيش كل فئة لوحدها، هو أخطر ما يمكن أن يصيب او يتعرّض له لبنان، محذرا في الوقت عينه من انه لا يمكن ان نعيش تحت وطأة سلاح حزب الله وايران وسوريا، ولا يمكن ان نعيش في دولة كل واحد من مسؤوليها يلهث وراء مصالحه الشخصية. وشدد على ضرورة “ضبّ” السلاح لنعود الى الحياة الطبيعية في ما بيننا… والا فاننا لا نستغرب ان تكبر موجة الغضب هذه.
وعن استقالة الحكومة، قال جدا: من الطبيعي جدا ان تستقيل، لكن نظرية الاتجاه نحو حكومة وحدة وطنية ستعيدنا الى نفس المكان، اي فساد وتوازنات وكل ما أوصل البلد الى ما نحن فيه.
واذ قال: رئيس الجمهورية غير قادر او غير راغب على التحرر من حزب الله وكلّ من يحيط به، سأل حرب: هل عون راغب وقادر على البحث عن ناس مستقلين جديا وليس في الكلام، وليس مُعيّنين من تحت الطاولة، كما هي الحال مع هذه الحكومة؟!
وشدّد على ان بداية الحل تكون باستقالة الحكومة وتأليف حكومة مستقلة من شخصيات توحي بالثقة ليست على غرار الحكومة الحالية، التي تضع مشروع قانون انتخابات تتجه به الى مجلس النواب، وما تبقى من المجلس يوافق عليه ويدعو الى انتخابات مبكرة، وبعدها الرئيس عون يقدّم استقالته، والمجلس المنتخب ينتخب رئيسا جديدا للجمهورية.
وسئل: في حال لم يحصل هذا المسار؟ أجاب حرب: استقالة النواب لا تصبح سارية المفعول الا من تاريخ تلاوتها في اول جلسة عامة، وبالتالي يمكن الاستفادة من الاستقالة كوسيلة تهديد، مع العلم ان رحيل هذا المجلس هو ضرورة.
وختم: يمكن استعمال الاستقالة وسيلة تهديد كما جرى من قبل النواب الذين استقالوا رفضا للحالة الراهنة، دون ان تتحول الى “غسل اليدين من دم هذا الصديق بعدما ذبح لبنان” .