هواء بيروت بات خطراً… الهلع ضروري
صدى وادي التيم – لبنانيات
كتبت جنى جبور في “نداء الوطن” جعنا، إحترقنا، ثرنا، إفتقرنا، مرضنا، إنفجرنا… فهل كُتب على لبنان ألا يعيش بأمان وبسلام وبطمأنينة؟ هل كُتب على بيروت أن تموت ثم تموت ثم تموت…؟ من لم يمت البارحة، قبل ثلاثين ساعة، بانفجار بيروت، مات قلبه. وكأن يوم القيامة، قد حلّ في بيروت… ومن لم يمت بالأمس، جسدياً، قد يموت ذات يوم قريب بمرض عضال، بنيترات البوتاسيوم أو نيترات الصوديوم أو نيترات الأمونيوم أو نيترات “حكام” ظنوا أنفسهم أولياء أمرنا حتى على قرار موتنا… فهل من تعليمات تنجينا من الموت الذي يلاحقنا مثل ظلالنا؟ في ظل غياب اي خطة طوارئ، ثمة توصيات قد تساعد أجدادنا وجداتنا واولادنا، لحماية أنفسهم، من سموم هذا الانفجار.
من الحرائق التي قضت على الاخضر واليابس، الى انتشار جائحة كورونا، وصولاً الى الانفجار الاكبر في تاريخ بيروت، نتأكد يوماً بعد يوم اننا في دولة فاشلة، غير مسؤولة. في الأول من أمس، تشرد اللبنانيون على الطرقات اثر تحطيم منازلهم وتعثر وصول الجرحى الى المستشفيات، لعدم توافر اي ممر امامهم يسهل تنقلهم عند وقوع اي كارثة، وفاق عدد الجرحى قدرة المستشفيات على الاستقبال، فعاين طبيب مصاباً ينزف في موقف للسيارات، وكشفت ممرضة على امرأة “انقطع نفسها” على الرصيف في ظل غياب خطة استحداث المستشفيات الميدانية.
كمية نيترات الأمونيوم بالمرفأ تعادل ما بين 600 و800 طن من الـtnt… حرب نووية وقعت!
نترات الأمونيوم تولّد حرارة ذاتية وتتحول قنبلة خطرة
أمّا المرفأ فتحول الى ما هو أسوأ من ساحة حرب. انتشر بالأمس، عناصر الدفاع المدني وفوج اطفاء بيروت بمؤازرة الجيش اللبناني في كل زاوية فيه، وفق خطة منظمة خطّها قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي قسم المرفأ الى مربعات للعمل والبحث عمن اختفى أثرهم. حاول الدفاع المدني بمساعدة الجيش انتشال الاشلاء والتعرف الى الوجوه المشوهة تحت ركام المرفأ الذي تدمر بالكامل. عناصر من القوى الامنية ترقوا الى رتبة شهداء، غطاسو الدفاع المدني غطسوا الى قعر البحر للبحث عن الجثث وانتشالها… وما زال البعض مفقوداً حتّى الساعة!
بغض النظر عن سبب الانفجار، أشارت المعلومات الأوليّة الى أنّ انفجار مرفأ بيروت ناتج عن اشتعال كميّة كبيرة من مادة نيترات الأمونيوم. فما هي الأضرار الصحيّة التي قد تنتج عن ذلك؟ قد تكون الغازات المنبعثة من انفجار هذه المادة خطيرة جداً في حال تنشقها بشكل كبير. كما تتفاعل “نيترات الأمونيوم” على حرارة تبلغ 290 درجة مئوية، لينبعث منها “النيتروجن”، وهي غازات ملوثة تصدر عادة من عوادم السيارات والمصانع بشكل يومي، لكن ما يجعلها أكثر ضرراً، كما في حال انفجار بيروت، هو حجم الغازات المنبعث في زمن قصير، الأمر الذي قد يسبب صداعاً أو ضيق نفس أو وجعاً في الحلق أو سعالاً، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى تشوهات خلقية أو أمراض سرطانية ومشاكل مزمنة كما يجري الترويج بشكل خاطئ.
وتقول الخبيرة في الشؤون البيئية الدكتورة فيفي كلّاب أنّ “نيترات الأمونيوم” يستعمل في الزراعة لتغذية الأرض، وهو مؤكسد وليس منتجاً قابلاً للاشتعال، لكن تعرضه لدرجة حرارة هائلة، يسبب باحتراق مادة اخرى مشتعلة. مع الاشارة، الى أنّ تخزينه أو نقله يجب أن يخضعا لمعايير دقيقة لانه من المواد الخطرة جدّاً”.
تأثيرات “نيترات الأمونيوم” على البيئة متعددة، وتشمل كلاً من النبات والمياه والبحر والانسان والحيوان والمعادن وكل ما يحيط بنا. وتوضح كلّاب أنه “يسبب موت الاسماك والطحالب وكل الثروة السمكية في البحر، لكن هذا لا يعني التوقف عن أكل الاسماك. كذلك، وجود هذه المواد في المزروعات تؤثر على صحة الانسان بشكل غير مباشر، من هنا اهمية غسل اي شيء قبل تناوله، وتتأثر الحيوانات بذلك أيضاً، كما يتأثر الانسان، لكن لا يوجد خطر داهم على “حليب البقر” مثلاً، لانّ هذه المواد لا تشبه تلك التي تنتج عن المحارق، والتي تؤثر مباشرةً على الحيوانات التي يتناولها الانسان. من جهة أخرى، لا يمكن التحديد بدقة مدّى جدية هذه التأثيرات ولا سيما اننا لا نعلم بعد تحديداً ما هي المواد التي تبعثرت في الهواء، ونسبة تركزها في البيئة. لكن ندرك جيداً، التأثيرات الآنية على الانسان إن كان بالنسبة للغشاء المخاطي في العين، والتقرحات الجلدية، وحالات الإغماء وضيق التنفس والصداع والغثيان. وهذه العوارض تختلف من شخص الى آخر بحسب كمية المواد التي استنشقها الفرد. من هنا ننصح الجميع بعدم التعرض للهواء وتنشق الغبار، كذلك نوصي المسؤولين باتخاذ اجراءات أمنية وصحية دقيقة خلال عمليات التنظيف ونفض الغبار”.
المصدر : نداء الوطن