هل يفكر احد منكم بما يعانيه الجيش اللبناني ؟
صدى وادي التيم – لبنانيات
طبعا انها واجباته وبامتياز ، فهو مكلف رسميا بحفظ الامن والحدود وبتنفيذ المهمات مهما كان طابعها ، امني ،عسكري ، انمائي ، اجتماعي ، صحي بيئي ، حراسة منشآت ، حراسة شخصيات ، حراسة محجورين ، فتح طرقات ، اقفال معابر غير شرعية ، وغيرها الكثير من كل ما يخطر ببالكم من مهمات او اعمال او اجراءآت ، وكيف لا ، فهو يقبض معاشه بدل ذلك ويحصل على امتيازات لقاء ذلك …
انه الجيش اللبناني ، جيش الدولة اللبنانية العجيبة الغريبة الاستثنائية ، صاحبة الصيت اللافت في الفساد الاداري والسياسي والهدر والمحسوبيات والسرقات وإستغلال النفوذ والسلطة ، وايضا ، صاحبة كل ما يخطر ببالكم من موبقات وتجاوزات للقانون وللانظمة وللاعراف و…و….الخ
عند كل ازمة سياسية او ازمة صلاحيات او ازمة اقتصادية او اخلاقية ( وما اكثرها ) بين المسؤولين او اتباعهم ، ومع تطور تلك الازمات وانحرافها الى الشارع – وهذا يحدث في اكثر تلك الازمات المذكورة – نجد الجيش راس السهم على الارض وفي الميدان ،هو المسؤول عن ضبط الامن وضبط الاخلاق التي تفلت بسهولة ، هو المسؤول عن تصرفات هذا الطرف وعن تصرفات خصمه ، هو الذي عليه تهدئة النفوس وتليين المواقف على الارض ، وهو الذي عليه حماية المواطن المشاغب والمواطن المسالم ، هو الذي عليه افهام المعتصمين والثوار والمتظاهرين بان واجبه ومهمته فتح الطرقات وحماية الاملاك العامة والخاصة ، وبانه لا ينحاز لاي طرف سياسي او حزبي ، وعليه وبكل رحابة صدر ان يتقبل شتائم الفالتين والمجانين والصادقين والهايشين والمجانين والزعران ، والاّ … هو منحاز وهو غير عادل وعليه التنحي والاهم الاهم ، يخرج الكثير من هؤلاء الفاقدي التوازن والعقل والاخلاق ، نساءً ورجالاً ، كهولاً وصبيةً ، ويذكِّرونه بان معاشه ومعاش عائلته منهم وهم يدفعون له بدل كل شيء ولولاهم سيموت جوعا ويندثر مع عائلته وذريته .
نعم ، بكل موضوعية وبكل صدق ، لا نبالغ في توصيف الوضع على الارض عند الاحتكاكات مع المدنيين المعترضين والمعتصمين والثائرين ، وهذه الحالة يعيشها افراد وضباط الجيش اللبناني منذ عشرات السنوات ، وبالتحديد منذ بداية تكليفهم بمهمات حفظ الامن في الداخل ، ودائما تتكرر سبحة المواجهة وطريقة التصرف واسلوب التعامل بين وحدات الجيش والمواطنين ، ولم يتغير شيئا تقريبا ، لا في الشكل ولا في المضمون ، نفس الصورة والمشهد ، ربما تتغير بعض الامكنة او الاطراف اوالهتافات ، ولكن مستوى التعامل مع الجيش يبقى نفسه تقريبا ، ومستوى النظرة للجيش يبقى نفسه ايضا .
طبعا ، لا احد من كل من هو غير عسكري ، يعلم حقيقة ما يعانيه العسكري من مختلف الرتب – حيث كلمة عسكري تعني الضابط والفرد والجندي والمجند – لا احد من المدنيين المشاغبين او المسالمين ينتبه او يهمه ما يعانيه العسكري في مهمته ، فهو ( العسكري ) وعذرا على التكرار ، مجبور لانه يقبض معاشه ويحصل ايضا على تعويض ضخم ، يشتري به منزلا وارضا وسيارات وكل ما يخطر ببال زوجته ، يستطيع ان يؤمنه لها من تعويضه التقاعدي ، هكذا يفكر او كان يفكر ومازال يفكر اغلب الناس والمواطنين … تقريبا ، حتى لا نظلم الجميع .
ايضا ، لا احد من السلطات السياسية الا بعضها استثنائيا وهي نادرة جدا – يعلم او يريد أن يعلم ما يعانيه العسكري عند تنفيذ مهمته ، فالظروف المناخية لا ينتبه لها المسؤولون ، حيث يتابعون الازمة او الحادثة من غرفة مبردة او دافئة تبعا لحركة الفصول ، وظروف وحساسية وخصوصية بعض المهمات لا يعلم بها المسؤولون ولا يريدون ان يعلموا بها … ما يعلمونه فقط انه على الجيش تنفيذ المهمة وتماما، كما يناسبهم او كما يناسب موقفهم وموقعهم السياسي والاّ … يجب تغيير هذا المسؤول او القائد او المدير او الآمر او حتى يجب تغيير او تشكيل او طرد رامي الاربي جي احيانا ، اذا لم يطلق قذيفة على من يشتم ذلك المسؤول او الزعيم … وهكذا تكون الامور تقريبا .
هل يعلم اغلبكم ، مسؤولين سياسيين او حزبيين او مواطنين مدنيين ، كم بلغت قيمة معاش العسكري اليوم بفضل ادارتكم وسياستكم ورؤيتكم ونظافة كفكم ؟؟ وهل يعلم اغلبكم ان العسكري اليوم اصبح يفضل البقاء في الخدمة توفيرا لبدل الانتقال ، والذي يغطي له ثمن الخبز والدواء والحبوب ( طبعا دون اللحمة لانه نسي طعمها مؤخرا في الثكنة بعد ان كان قد نسي طعمها في المنزل منذ زمن ) ؟؟؟ وهل يعلم اغلبكم يا مسؤولين ويا مشاغبين ويا ثوار ، أن العسكري اليوم ، من مختلف الرتب ، لم يعد يستطع شراء سيارة بتعويض نهاية خدمته ؟؟؟ طبعا ، لا احد يعلم كل ذلك ومن تسنى له ان يعلم لسبب ما ، فهو يتجاوز ذلك ولا يهتم ولا يعني له الموضوع شيئا .
والاهم ايضا ، لا احد يعلم او يعني له ، ما يحصل كل فترة للمؤسسات العسكرية والامنية ، وبطريقة مخالفة للقانون وللانظمة وللدستور ، عندما يأتيك بعض جهابذة القانون والادارة والسياسة او بعض أمراء الطوائف، ويعرقلون ترقية العسكريين من رتباء وجنود وضباط ، والذين يستحقون رتباً، اعلى بعد أن إستوفوا شروط الكفاءة وسنوات الخدمة بالرتبة الحالية ، والسبب او الحجة ، زيادة في قيمة المعاشات والتعويضات والمخصصات المترتبة لصالح الرتبة الجديدة المستحقة .
بالنهاية ، ما يعلمه فقط هؤلاء جميعا – الذين لا يعلمون كل ما ذُكر اعلاه عن مسار العسكري – انه على الاخير أن يبقى جاهزا وحاضرا ناضرا للتدخل عند كل مهمة تطرأ مهما كانت ظروفها ، لان واجبه يقتضي ذلك ولانه – وهذا هو المهم – لانه يقبض معاشه من المواطنين ومن المسؤولين.
العميد المتقاعد شارل ابي نادر – تيار. اورغ