مافيا الدولار فالتة. وصندوق النقد: تحاربون ‏انفسكم‎!‎

 

‎تلقّت الحكومة جرعة إنعاش من حاضنتها السياسية، التي حدّدت لنفسها في هذه المرحلة ‏هدفاً اساسياً وحيداً، هو تفعيل الحكومة، والسير بها نحو الانتاجية الملموسة، وعلى قاعدة ‏أنّ هذه الانتاجية ولو جاءت متأخّرة، فهذا أفضل بكثير من ألاّ تأتي أبداً، على غرار ما كان ‏سائداً طيلة الفترة الممتدة منذ نيل هذه الحكومة ثقة المجلس النيابي وحتى اليوم‎.‎
يأتي ذلك في وقت، تحضّر فيه الحكومة لبدء ترجمة ما تصفها اوساط السرايا الحكومية ‏ايجابيات زيارة الوفد الوزاري العراقي الى بيروت، وذلك في فترة قد لا تتعدّى نهاية الشهر ‏الجاري، فيما لفت الانتباه حضور كويتي على خط الازمة الداخلية، مرخياً مناخاً ايجابياً يؤشر ‏الى خطوات كويتية محتملة لمساعدة لبنان في هذه المرحلة، وأشّر الى ذلك بشكل غير ‏مباشر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعد استقباله في عين التينة امس، سفير الكويت ‏في لبنان عبد العال القناعي، بقوله رداً على سؤال عن اسباب زيارة السفير الكويتي: “آمل ‏بخير قريب بعد لقاء سفير لبلد شقيق وصديق‎”.‎
‎ ‎
مافيا
على انّ هذا التفعيل بات واجباً من منظور السلطة، لأنّها ضاعت في “السوق السوداء” ‏التي تحكمها مجموعات منظّمة لـ”شفط الدولار”. وكما يقول مرجع سياسي لـ”الجمهورية”، ‏هو “اكثر من مطلوب وملحّ في هذه الفترة، وذلك لتحقيق هدف رئيسي يحتل صدارة ‏الاولويات، اي “ضبط الدولار”، والمواجهة الصارمة لـ”المافيا” التي تتلاعب به. فبعض ‏الصرافين هم جزء صغير من هذه “المافيا”، وبعض المصرفيين هم ايضاً جزء من هذه ‏‏”المافيا”، الّا انّ “المافيا” الكبرى، تلك التي تدير السوق السوداء وتتحكّم بها بقفزات جنونية ‏وغير واقعية للدولار، وتسعى الى ايصاله الى مستويات عالية جدا‎”.‎
ورداً على سؤال عمّن يقف خلف هذه المافيا الكبرى، قال المرجع: “لا شك العوامل الداخلية ‏متعدّدة للانهيار المالي، واهمها عجز السلطة وضعفها وانعدام مبادراتها، وكذلك انعدام ‏الثقة الشعبية بالمنظومة السياسية، وبإجراءات الحكومة، وخصوصاً تلك المتعلقة بضبط ‏الوضع المالي وحماية الليرة. اما في ما يتعلق بالمافيا الكبرى، فقد ثبت لدينا بالملموس ‏وبالمعلومات اليقينية، بأنّ هناك منظومة خارجيّة لضرب الليرة، لديها ادوات داخلية كثيرة ‏ومتعددة الاشكال والالوان، وتشغّلها في هذا الاتجاه‎”.‎
‎ ‎
بري
في سياق متصل، قالت أوساط عين التينة لـ”الجمهورية”، انّ الرئيس بري يأمل ان تتوالى ‏الخطوات الحكومية في هذه المرحلة في مواجهة الازمة، والاساس لجم سعر الدولار وردع ‏المتلاعبين بالعملة الوطنية‎.‎
وبحسب هذه الأوساط، فإنّ الاولوية هي ان تبادر الحكومة الى العمل الحثيث، وتحقيق ما ‏هو مطلوب منها في هذه المرحلة، فأمامها الكثير لكي تقوم به. وخصوصاً في مجال ‏الاصلاحات التي تربط كل المساعدات الممكنة للبنان باتمامها‎.‎
‎ ‎
‎”‎ما فينا نكمّل هيك‎”!‎
الى ذلك، فإنّ الجامع المشترك بين اطراف الحاضنة السياسية للحكومة، وأكثر من أي وقت ‏مضى، هو الإقرار بأنّ تجربة الحكومة خلال اشهر ولايتها القصيرة مُنيت بفشل ذريع، يتحمّل ‏بعض اطراف هذه الحاضنة مسؤولية مباشرة عن هذا التفشيل، يُضاف الى الوضع الركيك ‏للحكومة بلونها التكنوقراطي، الذي كان دون مستوى مواجهة ازمة اقتصادية ومالية خانقة، ‏تتطلب خبرة وجرأة ومبادرات وقرارات سياسيّة مباشرة‎.‎
هذا الإقرار يتلازم مع شعار جديد أجمعت الحاضنة على رفعه، ومفاده: “ما عاد فينا نكمّل ‏هيك”. الّا انّ السؤال الذي يواكب هذا الشعار: بعد جرعة الانعاش وتعذّر الذهاب الى ‏حكومة جديدة، ماذا ستقدّم الحاضنة السياسية لحكومتها؟ وهل سيفرج القرار السياسي عن ‏الحكومة ويتركها “تنغل” في ميدان الاصلاحات؟ وماذا لدى الحكومة لتقدّمه؟ وأي ابواب ‏ستلج منها الى الانتاجية والانجازات؟ وهل تملك اصلاً خريطة طريق لتبني من خلالها جسور ‏الثقة بها من قِبل اللبنانيين اولاً، وكذلك بالمجتمع الدولي الذي يضعها في خانة الاتهام ‏بالتهرّب من المسؤولية، وتجاهل المطالب الدولية المتتالية بإجراء اصلاحات؟
‎ ‎
شهران: نقلة نوعية‎!‎
هذه الأسئلة يُفترض أن تقدّم السلطة الاجابات عنها، من خلال خطوات عملية وعدت ‏بالإقدام عليها، ضمن فترة لا تتجاوز شهرين، تُعدّ بمثابة اختبار نهائي لحكومة حسان دياب ‏في احداث نقلة نوعية، من مرحلة سجّلت فيها هذه الحكومة على نفسها سلسلة طويلة من ‏الاخفاقات، الى مرحلة تسجّل فيها سلسلة نجاحات وانجازات‎.‎
وهذه النقلة النوعية، وعلى ما تعكسه أجواء الحاضنة السياسية للحكومة، جوهرها الاساس ‏عدم تضييع الوقت على ما كان متبعاً في الاشهر الاخيرة، وإنّما ملء الوقت بإنجازات ‏إصلاحية وخطوات علاجيّة واجراءات وقائية لاحتواء الازمة، والأهم احتواء الدولار ولجم ‏ارتفاعه وردع السوق السوداء التي تتحكّم به‎.‎
وبحسب مصادر موثوقة في هذا الجانب، فإنّ هذه النقلة النوعية اكّد عليها اللقاء الأخير في ‏عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران ‏باسيل، والذي يمكن وصفه بأنّه وضع حجر الأساس لما يُفترض أن يكون عليه الأداء ‏الحكومي في المرحلة المقبلة، حيث جرى تقييم للواقع السياسي بكل تفاصيله الحكومية ‏وغير الحكومية، وكذلك كل ما يتصل بالأزمة الاقتصاديّة والمالية، ليس فقط من جانب ‏مسبباتها، بل الاسباب التي تفاقمها، سواء الداخلية او تلك الاسباب الآتية من الخارج، مع ‏التشديد على انّ عجلة الانجاز والانتاج لا بدّ ان تتحرّك سريعاً، والانتقال فوراً الى مرحلة بلورة ‏حلول سريعة، والمبادرة الى سلسلة علاجات لم يعد ممكناً التأخير بها، وأولها الولوج الفعلي ‏الى الاصلاحات في القطاعات التي تستوجبها، والتي تُعدّ الشرط الاساس لترييح الداخل ولو ‏نسبياً من جهة، ومن جهة ثانية تلبّي المطالب المتتالية للمجتمع الدولي وكل المؤسسات ‏المالية الدولية وفي مقدّمها صندوق النقد الدولي‎.‎
‎ ‎
قلق من التشويش
إلّا أنّ مصادر حاضنة الحكومة، لا تقلّل من صعوبة الانتقال السلس الى تلك النقلة النوعية، ‏وهذه الصعوبة مردّها الى جهات كامنة للحكومة على “كوع التشويش” عليها. وقالت ‏المصادر لـ”الجمهورية”، انّها “تخشى من تعرّض الحكومة في المرحلة المقبلة لهجوم مركزّ ‏من قِبل الجهات المعارضة، بقصد ارباكها وإعاقة عملها، والتشويش على كلّ إيجابية يمكن ‏أن تحققها. وهذا التشويش اطلّت نذره مع ما تعرّض له اللقاء الأخير بين بري وباسيل، اذ ‏في الوقت الذي كان يعبّر فيه الطرفان عن ارتياحهما البالغ للأجواء التي سادته، سارعت ‏بعض جهات التشويش الى رسم سيناريوهات وهميّة حول اللقاء، قلبت الحقائق رأساً على ‏عقب، وقدّمت وقائع مغايرة تماماً لا علاقة لها بكل ما دار فيه، علماً انّ كل لقاء يُعقد على ‏هذا المستوى بين الطرفين، يكون افضل من سابقه، وهذا ما سمعه بالفعل زوار عين ‏التينة، وأكّدت عليه أوساط التيار الوطني الحر‎.‎
‎ ‎
شروط النقلة
واذا كانت الحكومة قد حزمت أمرها أخيراً وقرّرت أن تخطو أولى الخطوات في المسار ‏الاصلاحي في جلسة مجلس الوزراء اليوم، عبر تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء ‏لبنان الشاغر منذ سنوات طويلة، (لن يتمّ اليوم تعيين مدير عام جديد لوزارة المالية بدلاً من ‏المدير المستقيل الان بيفاني)، فإنّ هذا الأمر كما تؤكّد مصادر نيابيّة لـ”الجمهورية”، يُشكّل ‏اختباراً لتوجّه الحكومة الجديد، والعبرة تبقى في كيفية اتمام هذا التعيين، فإن تمّ وفق معيار ‏الكفاءة والجدارة بعيداً من معيار المحسوبية والمحاصصة السياسية، فهذا معناه اثباتاً ‏لجدّية الحكومة في هذا التوجّه، اما إذا تمّ التعيين على غرار الطريقة التي اتبّعت في ‏التعيينات المالية والادارية الأخيرة، فمعنى ذلك انّ كل ما يُقال عن مرحلة جديدة من الانجاز ‏والانتاج ليس اكثر من كلام فارغ‎.‎
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ “على الحكومة ان تستفيد من اخطائها السابقة، ولتتذكّر انّها ‏لا تستطيع ان تغش الناس، ولا أن تغش المجتمع الدولي المطالب بإصلاحات جوهرية ‏وليس بتعيينات وليدة محاصصة سياسية، ويجب ان تتذكّر الحكومة، والقرار السياسي ‏المتحكّم بها، انّ صندوق النقد الدولي الذي يطالب من ضمن مطالباته بإصلاح قطاع ‏الكهرباء، سبق وعبّر عن صدمته وخيبته من التعيينات الاخيرة، واعتبرها اشارة في منتهى ‏السلبية، تؤكّد عدم صدقيّة وجديّة الحكومة في سلوك المنحى الاصلاحي كما يجب‎”.‎
‎ ‎
هل ستصدر التشكيلات؟
واذا كانت الكفاءة والجدارة شرط اساس لتؤكّد الحكومة من خلاله صدق توجهّها نحو ‏اصلاحات جديّة، فثمة شرط آخر تشير اليه اوساط سياسية مختلفة، وبينهم موالون ‏ومعارضون، هو التشكيلات القضائية. فهل سيفرج عنها رئيس الجمهورية ويُصدرها ‏بالشكل الذي وضعه مجلس القضاء الاعلى؟ فتوفّر هذا الشرط في رأي هذه الاوساط، ‏سيثبت بشكل لا يقبل ادنى شك، جدّية لدى السلطة الحاكمة في ولوج باب الاصلاح من ‏دون معوقات او مداخلات او فيتوات سياسية. اما اذا بقيت هذه التشكيلات معلّقة، ‏فستبقى علامات الاستفهام والتشكيك تزنّر اي منحى اصلاحي، تقول هذه السلطة بأنّها ‏ستسلكه‎.‎
‎ ‎
دياب
وحول العمل الحكومي في المرحلة المقبلة، قالت أوساط رئيس الحكومة حسان دياب ‏لـ”الجمهورية”: سنكمل بالاصلاحات، وأمامنا سلة في هذا الاتجاه‎.‎
وقالت الاوساط انّ رئيس الحكومة يخالف كل منتقدي التعيينات الاخيرة، ويعتبر انّ هذه ‏التعيينات جيدة. وليست شبيهة أبداً بالتعيينات التي كانت تجريها الحكومات السابقة، والتي ‏كانت في مجملها سيئة جداً‎.‎

ولفتت الاوساط الى انّ الناس يجب أن ترى هذه الحقيقة، ولا تستمع للاكاذيب التي تُرَوّج ‏من قبل البعض وتتناقل من هنا وهناك. واذا كان هناك خلل ما في مكان او اثنين، الّا انها ‏في مجملها، إذا وجدت، لا تُقاس ابداً مع التعيينات التي كانت تجريها الحكومات السابقة، ‏وكانت في منتهى السوء‎.‎

وعن التعيينات التي من المقرر ان تصدر اليوم في مجلس الوزراء، قالت الاوساط: لقد تم ‏فتح الباب لتقديم طلبات، وجرت مقابلات معهم، تولّتها لجنة متخصصة ونزيهة من عمداء ‏وخبراء وتقنيين، وخلصت الى اختيار 3 مرشحين لكل فئة، ورئيس الحكومة لم يتدخّل على ‏الاطلاق في عمل هذه اللجنة، والكلمة في النهاية لمجلس الوزراء الذي نعتمد فيه ‏التصويت بشفافية مع الجميع‎.‎

ولفتت المصادر الى انّ الحملة على الحكومة ليست مرتبطة لا بتعيينات ولا بغير تعيينات، ‏بل هي مرتبطة بهدف وحيد هو إسقاط الحكومة، ولو انك عيّنت أنبياء في المراكز فلن ‏يقبلوا، بل سيهاجمون الحكومة لأنهم يريدون إسقاطها. والمثال واضح عَبّر عنه رئيس حزب ‏‏”القوات اللبنانية” سمير جعجع عندما سُئل عن الخطة الانقاذية للحكومة، فقال: لا هذه ‏الخطة ولا اي خطة اخرى سنقبل بها لأنها آتية من هذه الحكومة‎.‎
وإذ اكدت الاوساط انّ المعارضة هي التي تذبح البلد بيدها، ذكّرت بملاحظة لاذعة عَبّر عنها ‏صندوق النقد الدولي أمام مفاوضيه اللبنانيين، وفيها: “لم نرَ بلداً في العالم يحارب نفسه، ‏كما تفعلون أنتم بمحاربة أنفسكم‎”.‎
‎ ‎
المعارضة: المستقبل
في المقلب الآخر تبدو قوى المعارضة قد قطعت الأمل نهائياً بحكومة حسان دياب، بدءاً ‏من “تيار المستقبل” الذي اكدت مصادره لـ”الجمهورية” انّ الحكومة فاشلة ولا نتوقع منها ‏شيئاً، ولن تقدم على شيء، وما هو متوقّع منها في هذه المرحلة هو مراكمة فشل ‏وإخفاقات اضافية‎.‎
ورداً على سؤال، قالت المصادر: كل الوعود التي تقطعها هذه الحكومة، بلا أي معنى، فهي ‏في الأساس منفصلة عن الواقع، وتعيش في واد والشعب في وادٍ آخر، وقادَت البلد الى ‏أزمة خانقة وانتحار اقتصادي. وبالتالي، لا يمكن لحكومة كهذه أن تُؤتَمن على مصير لبنان ‏واللبنانيين‎”.‎
وأشارت المصادر، رداً على سؤال آخر، الى انّ المرحلة تتطلّب تضحيات لمصلحة لبنان، ‏والمعني الأول بتقديم هذه التضحيات هو “ا ل ح ز ب ” والكرة في ملعبه‎.‎
‎ ‎
‎”‎القوات‎”‎
وبحسب مصادر “القوات اللبنانيّة” فإنّ الحديث عن مبادرة الحكومة الى إنجازات هو ذَر ‏للرماد في العيون، فهي في الأساس لم تقدم شيئاً، لا إصلاحات ولا غير ذلك، بل تَخبّط ‏وارتباك وخطوات تسببت بمزيد من الانهيار. وبالتالي، لا نتوقع منها أن تقدّم شيئاً‎.‎
وإذ لفتت المصادر الى “انّ الحكومة أسيرة للنهج القديم الذي يتحكّم بها”، أكّدت على ‏موقف رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع الذي اعتبر انّ السبيل لكي تنجح هذه ‏الحكومة يكون بخروجها من تحت سيطرة “ا ل ح ز ب ” وجبران باسيل‎”.‎
‎ ‎
‎”‎الاشتراكي‎”‎
بدورها، قالت مصادر اشتراكية لـ”الجمهورية” انّ “الحزب التقدمي الاشتراكي” لا يثق ‏بحكومة حسان دياب، ومصلحة البلد تقتضي أن تسقط وترحل‎.‎
ورداً على سؤال عن خلفية ما أعلنه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بأنّ ‏الحزب أوّل المطالبين بإسقاط الحكومة، قالت المصادر: لا أمل بإنقاذ مع هذه الحكومة ‏التي فاقمت الازمة، وتفتح أزمات مع الداخل ومع الخارج‎.‎
وحول توجّه الحكومة الى معالجات جدية في هذه المرحلة، أجابت المصادر: هذه الحكومة ‏خَربت البلد، كانت في بدايتها مثل البطة العرجاء، وأصابها شلل تام، فماذا تنتظر منها؟ ‏الرهان على هذه الحكومة مثل الرهان على امرأة عجوز لكي تصبح صبيّة، فهل ستعود ‏صبيّة؟ ومهما حاولَت ان تتصابى هذه العجوز، فلن يصلح العطّار ما أفسده الدهر‎.‎
‎ ‎
الصين والعراق
من جهة ثانية، أعربت مصادر السرايا الحكومية عن ثقتها بظهور نتائج ايجابية ملموسة ‏للمحادثات التي جرت مع الجانبين الصيني والعراقي‎.‎
ولفتت المصادر الى انّ الجانبين عبّرا عن رغبة جدية في مَدّ يد العون للبنان، في مجالات ‏مختلفة، ومساعدته على النهوض بما يضع الاقتصاد اللبناني على سكة الانتعاش‎.‎
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر مطّلعة على أجواء زيارة الوفد العراقي انّ مباحثاته في ‏بيروت عكست بالدرجة الأولى قراراً جدياً لدى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ‏بدعم لبنان في أزمته، وكذلك أكدت المباحثات توجّهاً جدياً نحو تعزيز التبادل التجاري بين ‏البلدين على مستويات مختلفة، وانّ الجانب العراقي راغب في تخفيف العبء عن لبنان، ‏عبر مبادرات اقتصادية تفيد لبنان والعراق، وهذا ما سيَتكشّف في الآتي من الايام‎.‎
وأشارت المصادر الى انّ الحديث بين الجانبين اللبناني والعراقي تَركّز في جانب منه على ‏قانون قيصر الاميركي ضد سوريا، وتداعياته على الدول المحيطة بسوريا. وتوقعت في ‏هذا الاطار حصول حركة اتصالات بهدف استثناء لبنان والعراق من هذا القانون، على غرار ‏الاستثناء والتسهيلات للعراق في ما خَص العقوبات الاميركية على ايران‎.‎
‎ ‎
دياب والكاظمي
وكشفت المصادر الى انّ التواصل استمر بين لبنان والعراق بعد مغادرة الوفد العراقي ‏بيروت، وجرى في هذا الاطار تواصل هاتفي بين رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس ‏الحكومة العراقية الكاظمي، وسيستكمل التواصل في وقت قريب عبر لقاءات مباشرة، ‏وسيتوسّع إطار التعاون الى خارج وزارتي الزراعة والنفط الى الصناعة، ما يعني انّ البلدين ‏متحضران للدخول في تعاون واسع‎.‎
واشارت المصادر الى انّ العراق سيوجّه دعوة قريبة الى وزير الصحة حمد حسن لزيارة ‏العراق، في سياق زيارة ارادها الجانب العراقي للاستفادة من الخبرات اللبنانية في مجال ‏مكافحة فيروس كورونا‎.‎
وعكست مصادر السرايا الحكومية لـ”الجمهورية” ارتياحاً كبيراً لنتائج المحادثات مع العراق، ‏وقالت انّ الايام القليلة المقبلة، وربما قبل نهاية الشهر الجاري، ستُظهر نتائج التفاهم بين ‏البلدين، وسيلمسها المواطن اللبناني‎.‎
ولفتت المصادر الى انّ الحكومة لن تكتفي بالانفتاح فقط على الصين والعراق، بل هي ‏اتخذت القرار بالانفتاح على كل الدول الصديقة الراغبة في التعاون مع لبنان، مشيرة الى انّ ‏خطوات سريعة ومتدرجة ستظهر في هذا المجال قريباً‎.‎
‎ ‎
عين التينة
وعكست أوساط عين التينة ارتياح الرئيس بري لزيارة الوفد الوزاري العراقي الى بيروت، ‏ووصفت الزيارة بالبالغة الأهمية وشكلت أساساً يُبنى عليه بما يخدم مصلحة لبنان والعراق ‏في آن معاً‎.‎
وفي معرض تقييمه لزيارة الوفد العراقي، أدرج الرئيس بري نتائجها في خانة الاهمية ‏الشديدة، ونقل عنه قوله: ما تمّ الاعلان عنه حول زيارة الوفد مشجّع، وما لم يُعلن هو ‏مشجّع أكثر‎”.‎
‎ ‎
حتي في ايطاليا
في جانب سياسي آخر، كانت لافتة زيارة وزير الخارجية ناصيف حتي الى روما أمس، حيث ‏التقى نظيره الايطالي. وأعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في إيطاليا انّ “اللقاء كان ‏ذا أهمية واتّسَم بالإيجابية ويمكن البناء عليه، لأنّ إيطاليا حريصة جداً للوقوف إلى جانب ‏لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية خطرة قد تؤدي إلى تعرّض الشعب بأكمله لمخاطر ‏كبيره‎”.‎
وأشارت الوزارة الى انّ “الاجتماع جرى في مرحلة حساسة جداً يمر بها لبنان، واعادت إيطاليا ‏تأكيدها الوقوف بجانب لبنان من أجل الاستقرار والازدهار”، حيث اكد الوزير الايطالي “دعم ‏بلاده لعملية الإصلاح التي تقوم بها السلطة التنفيذية برئاسة حسان دياب، وهو شرط ‏أساسي للتغلّب على الصعوبات الحالية وإنعاش الاقتصاد وتلبية التطلعات المشروعة ‏للشعب اللبناني‎”.‎
‎ ‎
الدولار والمصارف
مالياً، تستعد المصارف للمباشرة في تنفيذ قرار مصرف لبنان ضَخ الدولارات عبرها لتأمين ‏العملة الصعبة للمستوردين، في إطار خطة دعم حوالى 200 سلعة استهلاكية، لخفض ‏أسعار تلك السلع، والتخفيف من حدة الانهيار التي تتعرّض لها القوة الشرائية للمواطن‎.‎
وتفيد المعلومات انّ الدولارات التي سيتمّ تأمينها للبنوك مصدرها التحويلات التي يحصل ‏عليها المصرف المركزي بالدولار ويدفعها بالليرة. وبالتالي، لن يكون هناك ضَخ للدولارات ‏من الاحتياطي الالزامي حرصاً على عدم تبديد هذه الاموال التي تعود عملياً الى ما تبقّى ‏من ودائع الناس في المصارف. واستبعد محللون ماليون ان يكون لهذه الخطة اي تأثير ‏ايجابي على سعر الدولار في السوق السوداء، وانّ التأثير الايجابي الوحيد يتعلق بتسهيل ‏عمل المستوردين الذين كانوا يقصدون الصرّافين للحصول على الدولار، وإعادة دور حيوي ‏للمصارف في الحركة الاقتصادية، ولَو بشكل محدود‎.‎
في غضون ذلك، تمّ التداول بالدولار في السوق السوداء بين 8500 و9000 ليرة، فيما حافظَ ‏دولار الصرافين على تسعيرته التي تراوحت بين 3850 و3900 ليرة‎.‎
‎ ‎
الكهرباء والمستشفيات
من جهة ثانية، ومع إعلان إدارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي أمس أنّه و”بسبب ‏الظروف القاسية التي تمرّ بها البلاد حاليّاً لجهة التقنين في الكهرباء، والتي طاولت أخيراً ‏مستشفى رفيق الحريري الجامعي، من خلال إخضاعه لجدول التقنين المطبق، قرّرت الإدارة ‏اتخاذ إجراءات وتدابير لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية”، كشفت مصادر وزارة الصحّة عن ‏قيامها بالتواصل مع وزارة الطاقة لتأمين مادة المازوت لمستشفى رفيق الحريري‎.‎
وقالت المصادر لـ”الجمهورية” إنّ “الطاقة أبدَت تجاوبها، وستؤمن للمستشفى المازوت ‏من المخزون الموجود لديها، ومن البواخر التي ستصل تباعاً خلال الأيام القليلة المقبلة‎”.‎
لكنّ المصادر عينها أشارت الى أنّ “الأزمة كبيرة، وما نشهده ليس سوى البداية، إذ انّ ‏‏”إنقاذ” مستشفى الحريري ممكن حالياً، لكن إذا ما احتاجت مستشفيات حكومية أخرى الى ‏مادة المازوت فستكون الوزارة عاجزة عن إنقاذها‎”.‎
وأكّدت المصادر أنّ “نجاحها في جائحة كورونا كان نتيجة قبولها المساعدة التي قدّمتها ‏الدول للبنان، من أيّ محور كانت، لذلك تأمل الوزارة إيجاد حلّ في القريب العاجل لمشكلة ‏استجرار الكهرباء من سوريا، أو إيجاد حلّ لجَلب مادة المازوت من سوريا، كي نتمكّن من ‏إنقاذ مرضانا بعيداً عن صراعات الدول‎”.‎

المصدر: الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى