إستهداف «منشأة نطنز النووية»… حرب غير معلنة… هل تنفجر المنطقة؟
حريق في منشأة “نطنز” النووية الواقعة على بعد 250 كيلومتر جنوب العاصمة الإيرانية طهران، هذا ما نقلته وسائل الإعلام الإيرانية بعيد الحادثة التي وقعت ليل الخميس- الجمعة الماضي والتي تسببت بحسب الإعلام الإيراني بأضرار جسيمة في المنشأة التي تُعتبر من أبرز وأهم المنشآت النووية الإيرانية، دون أن يسفر الحريق عن وقوع خسائر بشرية. ويومي السّبت والاحد، برزت أنباء نقلتها الصّحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية عن أنّ إسرائيل تقف خلف هذا الإستهداف “السيبراني” للمنشأة النووية، حيث إنّ هذا الهجوم له دلالات ومؤشرات لا بد من التطرّق إليها….
حرب غير معلنة…
في إطار الصّراع بين إيران مع الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، شهدت الاعوام الماضية عدّة هجمات سيبرانية بين الطرفين دون الإعلان الصّريح من أي طرف عن وقوفه خلف هذا الهجوم، كان أبرز هذه الهجمات ما يلي:
-الهجوم الذي تعرّضت له منشأة “نطنز” قبل عشرة أعوام من اليوم واستهدف تعطيل أجهزة الطرد المركزي ويومها اتهمت إيران واشنطن وتل أبيب بالوقوف خلف هذا الهجوم.
-الخرق السيبراني الذي شهدته طهران بعيد إسقاط طائرة إستطلاع أميركية واستهدف منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ورادارات وقواعد جوية.
شهدت الاعوام الماضية عدّة هجمات سيبرانية بين الطرفين دون الإعلان الصّريح من أي طرف
-قرصنة أجهزة التحكم بحاملة طائرات أميركية في الخليج العربي أثناء إطلاق إيران لصواريخ على قاعدة “عين الاسد” الاميركية في محافظة الانبار غرب العراق أثناء ما عُرِف بـ”الإنتقام” لمقتل قائد قوة القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني
-قرصنة بارجة حربية إيرانية وميناء إيراني في بحر عمان أثناء مناورات عسكرية للبحرية الإيرانية ما أدّى لمقتل وإصابات العشرات من عناصر القوة البحرية الإيرانية، حيث قالت إيران أنّ الحادثة هي خطأ بشري، بينما أشارت بعض الصحف الإسرائيلية لوقوف الجيش الإسرائيلي خلف هذا الهجوم كرد على هجوم سيبراني شنته إيران على شبكة المياه وبعض نقاط البنى التحتية الإسرائيلية قبل حوالي الشهرين.
ويقول المراقبون إلى أنّ تكرر وتبادل الهجمات السيبرانية هي حرب غير معلنة بين الأطراف، حيث إنّها في الوقت الراهن هي بديل عن المواجهة العسكرية المباشرة، أو مرحلة “انتقالية” في المواجهة بين الأطراف، حيث إنّ تكرر هذه الهجمات وارتفاع حدتها قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة أقله بين إيران وإسرائيل…
ما هي أبرز المؤشرات في الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز؟
يقول المراقبون أنّ الهجوم السيبراني الأخير حمل مؤشّرات في الصراع بين إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل ويمكن تلخيص أبرزها كما يلي:
-توقيت الهجوم بعد يوم واحد زيارة المبعوث الاميركي الخاص إلى إيران براين هوك إلى الأراضي المحتلة بشكل مفاجئ وغير معلن عنها ولقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومغادرته مباشرة بعد اللقاء، حيث يعتبر هوك من أبرز وجوه “صقور” الحزب الجمهوري المؤيدين لتوجيه ضربة إلى إيران ويتوافق في هذا الرّأي مع نتنياهو الذي يختلف بدوره حول أسلوب التعاطي مع إيران مع شريكه في الإئتلاف الحكومي وزير الدفاع بيني غانتس والذي كان بارزًا عدم لقائه ببراين هوك في زيارته الأخيرة.
توقيت الهجوم بعد يوم واحد زيارة المبعوث الاميركي الخاص إلى إيران براين هوك إلى الأراضي المحتلة
-يلفت المراقبون إلى أنّ نوعية الهجوم وحجم الضربة والهدف يعطي مؤشرًا إلى أن نتنياهو قد يستغل الفترة المتبقة من ولاية ترامب للإقدام على خطوات يعتبرها تمنع إيران من تطوير وامتلاك قنبلة نووية، ويعتبر شكل الهجوم تطورًا نوعيًا في أسلوب التعاطي الإسرائيلي مع البرنامج النووي الإيراني، حيث يريد نتنياهو الإستفادة قدر الإمكان من الأشهر المتبقية من ولاية ترامب خشية من عودة الديمقراطيين إلى الإدارة الاميركية خصوصًا أن جو بايدن كان من أشد المتحمسين لاتفاق “أوباما النووي” مع إيران.
-إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أنّه “ليس من الضروري أن تكون إسرائيل هي من يقف خلف الهجوم”، حيث يقرأ المراقبون هذا التصريح بأنّه رسالة من غانتس إلى نتنياهو مفادها أنه هو من يمثّل القيادة العسكرية لإسرائيل، حيث إنّ نتنياهو وغانتس متفقان من حيث الشّكل على عدة مواضيع أبرزها “التعامل مع إيران” و”ضم الضفة الغربية” إلا أنهما يختلفان بالأسلوب وطرق التنفيذ.
-إعلان الجانب الإيراني انّ التحقيقات وصلت إلى الجهة التي تقف خلف هذا الهدوم وأنّ التقرير رُفع إلى مجلس الأمن القومي الإيراني لكن “لن يعلن عنه لأسباب أمنية”، وهذا ما قراه المراقبون إلى أنّ إيران تتجنب إعلان الجهة لتجنّب الرّد على الهجوم السيبراني، كاستكمال لسياسة “عدم الرّد الإيراني” على إسرائيل والتي باتت واضحة مع “الغارات الإسرائيلية” على مواقع إيرانية في سوريا، وهذا ما أكده أيضًا كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل أشهر حين قال أنّ الحزب لن يرد على الإستهدافات الإسرائيلية لقوافل الأسلحة والمواقع التابعة للحزب في سوريا لأسباب أمنية، وهذا ما قرأه المتابعون كاستكمال لسياسة “عدم الرد” الإيرانية، ويقول المراقبون أنّ إيران إن ردّت على هجوم “نطنز السيبراني” فإنها لن ترد بشكل عسكري، بل قد يقتصر الرّد إن حصل على محاولة قرصنة بعض المنشآت أو المواقع الإسرائيلية.
غموض بنّاء..
يقول المراقبون إلى أنّ هذا الأسلوب من المواجهة يحمل عنوان “الغموض البناء” في هذه المرحلة، حيث إنّ المراقبون يتساءلون عن الأهداف التي تقف خلف سياسية “عدم الرد على إسرائيل” من قبل إيران، بالإضافة إلى التباينات في الحكومة الإسرائيلي لجهة طريق وأسلوب وتوقيت التعاطي مع إيران في الوقت الرّاهن، ما يجعل حميع الإحتمالات مفتوحة في المرحلة المقبلة والتي قد تحمل تكرر الهجمات السيبرانية الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني نظرًا لعدم قيام بالرّد أولًا، ولعدم “وضوح” الجهة التي تقف خلف الهجمات بحال لم تتبنّى أي جهة بشكل رسمي المسؤولية ثانيًا، وثالثًا الإستعاضة عن الضربة العسكرية بحال كانت النتائج من هذه الهجمات على قدر آمال تننياهو ومعه اليمين الإسرائيلي…
الهديل