ايران مستعدة: خذوا النفط بالليرة!
الكلام الأخير للأمين العام ل ل ح ز ب ، لم يأت من فراغ، إنّما من وعدٍ واضح من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، بمساعدة لبنان لتخطّي الأزمة والصمود في وجه الحصار الأميركي، وتحديداً في ما يخصّ الدعم بالمحروقات، الذي يقبل الإيرانيون أن يتمّ تسديد ثمنه إمّا بسلعٍ لبنانية، أو بالليرة اللبنانية، وبمعدّلات أقلّ ممّا يمكن أن يدفعه لبنان في أي عملية شراء من السوق.
ليس هذا فحسب، تقول المعلومات إن السفن الإيرانية التي من الممكن أن تتوجّه إلى لبنان، موجودة في البحار، ومستعدة للتوجّه إلى أي نقطة، من دون أي عائق جغرافي أو سياسي، بعد أن استطاعت أن تصل غيرها على مقربة من الشواطئ الأميركية وكسر الحصار على فنزويلا.
وعلى رغم أن الموقف المصري من احتمال تحرّك السفن الإيرانية باتجاه الشواطئ اللبنانية أو السورية لتزويدها بالمشتقات النفطية، إيجابيّ، لناحية التأكيد للأميركيين بأن قناة السويس ممّر دولي ولا يمكن إغلاقه بوجه أحد، وأن مصر لا توافق على حصار سوريا ولبنان، يصل الإيرانيون حدّ التلويح بأن أي محاولة لعرقلة السفن الإيرانية في قناة السويس، سيقابلها تحرّك إيراني لتعطيل الملاحة في مضيق هرمز.
وعلى ما علمت «الأخبار»، فإن ا ل ح ز ب أبلغ جميع المعنيين في الدولة اللبنانية، بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسّان دياب، استعداد إيران لهذه الخطوات، وأن الحزب ينتظر موقف الدولة للتحرك باتجاه إيران، في حال الموافقة على قبول العرض.
لكن ماذا لو لم يجرؤ أحد في الدولة على اتخاذ هذه الخطوة التي ستسبّب حتماً غضباً أميركياً وإجراءات إضافية من ضمن سياسة التجويع والتركيع المتبّعة مع سوريا ولبنان؟ تقول مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ«الأخبار»: «سيتم تنزيل الحمولات النفطية في سوريا ونقلها إلى لبنان ولن نترك البلد رهينة الحصار الأميركي والخوف من اتخاذ القرارات المصيرية».
في غضون ذلك، ليست واضحة بعد آلية الدفع المتوقّع اعتمادها في حال وافقت الدولة. إذ أن الدفع بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي، يعني خسارة إيران ملايين الدولارات في كلّ شحنة تبيعها للبنان. وهذا الأمر، في حال استمر لأشهر، يعني مساعدة إيران للبنان بمئات ملايين الدولارات، في مقابل الحصار الأميركي الخانق، رغم كل الضغوط الموضوعة على طهران على أبواب الانتخابات الأميركية.
أي عرقلة للسفن الإيرانية في السويس سيقابلها تعطيل إيرانيّ للملاحة في هرمز
وإلى جانب العرض الإيراني، ليس مفهوماً إصرار الحكومة على إهمال الحاجة إلى سوريا لتبادل المساعدة ومواجهة الحصار. فبينما يستعد لبنان للغرق في العتمة الكليّة في غضون أيام بسبب النقص الحاد في الفيول، «تعاني» سوريا من حيازتها لكميّة فائضة من مادة الفيول، معاييرها أقل من المعايير اللبنانية، لكنّها تصلح لتشغيل المعامل ومنع سيطرة الظلام على البلاد. فهل تجرؤ الحكومة ورئيس الجمهورية على اتخاذ قرار الاتصال بسوريا وطلب شراء الفيول منها بصفقة عادلة للطرفين، أم أن ما هو مسموح لعدد من الدول الاوروبية والآسيوية التي تتزوّد من إيران بالنفط بسبب ظروفها الاقتصادية وحاجتها، ممنوع على لبنان مع سوريا وإيران؟ وهل يفضّل المعنيون انحلال لبنان الكلّي على ألّا تغضب أميركا؟
وبعيداً عن العرض الإيراني، تبدو «أزمة الثقة» بالدولة اللبنانية إلى تمدّد، مع فشل ثلاث مناقصات لشراء المازوت، وإعلان وزير الطاقة ريمون غجر أمس عن استدراج عروض جديد لشراء 60 ألف طن من «الديزل». وإذا كانت أزمة الاعتمادات هي الذريعة أمام شركات النفط لعدم المشاركة في المناقصات، فإن أكثر من مصدر في سوق النفط، أكّد لـ«الأخبار» بأن المادة لم تنقطع لدى الشركات في مراكز التخزين، وأن ما يحصل هو عمليّة ابتزاز بهدف الحفاظ على أرباح أعلى. ويقول أحد الخبراء، إن الشركات لا مصلحة لها ببيع المازوت للمحطات، بل هي تبحث عن زبون يدفع سعراً أعلى من السعر الرسمي، لذلك «يخلقون وسيطا بينهم وبين المحطّات». فما أن تصل باخرة المازوت (ما بين 30 أو 35 مليون ليتر)، حتى تسارع الشركات في الأيام الخمسة الأولى للشراء من منشآت النفط بالسعر الرسمي، ثم تسيطر على الأسعار وتوقف تزويد المحطات بالديزل، وتبيعه للوسطاء ليبيعوه في السوق السوداء، وبسعر أعلى بنحو 25% من السعر الرسمي، ويتلاعبون بالفواتير. وكذلك الأمر بالنسبة للتهريب إلى سوريا، إذ أن الشركات إياها، تفضّل البيع للمهرّبين إلى السوق السورية السوداء، مستفيدين من الدعم اللبناني للمنتج والتهرّب من الضريبة السورية. ورغم أن عمليات التهريب على الحدود اللبنانية – السورية تراجعت إلى حدودها الدنيا، إلّا أن الشركات لا تزال تحاول القيام بعمليات محدودة طمعاً بمبالغ مالية إضافية. ويقول الخبير إن «المشكلة ليست بالاستيراد، بل في المراقبة والتوزيع. لماذا لا يحصون ماذا يوجد في المنشآت وماذا وزّعوا ويوزّعون؟ ولماذا لا تتمّ الاستعانة بأرقام الجمارك الموجودة في كل منشأة وتسجّل كل ليتر يدخل ويخرج؟».
خلال جلسة لجنة الطاقة النيابية، أكّد غجر أن سفينتين ستصلان لبنان (واحدة من المفترض أنها وصلت أمس)، وواحدة في الخامس من تموز، تكفي حتى 30 تمّوز، ومن الآن وحتى الاول من آب، يجري الحديث عن آليتين لشراء الكميّات الجديدة. الأولى، هي أن يقوم مصرف لبنان بفتح اعتمادات معزّزة للشركات، أي مدعمة بضمانة بنك أوروبي أوّل، كي تثق الشركات بأنها ستحصل على أموالها، أو عبر خيار يسمّى spot، أي شراء المواد من بواخر موجودة أصلاً في البحار. وكلا الخيارين دونهما عوائق، عدا أن أنهما لا يحلّان المشكلة طالما أن الشركات لا تخضع للرقابة وتتمتّع بالحماية لتقوم بالاحتكار ورفع الأسعار بطريقة احتيالية عبر الوسطاء، لفرض تعديل الأسعار كأمر واقع في مقابل السعر الرسمي.
وفيما لم يبد رئيس الحكومة أي سلوك مغاير تجاه سوريا عن سلوك سلفه الرئيس سعد الحريري، وغياب الأصوات المطالبة بالتعاون مع سوريا بين الوزراء، أكّد وزير الزراعة عباس مرتضى أمس إن أي إنقاذ للقطاع الزراعي اللبناني غير ممكن من دون التعاون مع دمشق، مؤكّداً أنه لا بدّ من التواصل لفتح الطريق نحو العراق وبيع المنتوجات اللبنانية وانقاذ قطاعات زراعية تعتمد على التصدير.
«كرول» تقسم الحكومة مجدّداً
على صعيد آخر، احتدم النقاش أمس في جلسة مجلس الوزراء، بشأن عمليات التدقيق المالي المقرّرة في مصرف لبنان. إذ أن وزير المال غازي وزني كان سبق أن اعترض في الجلسة الماضية على طلب الحكومة تكليف شركة «كرول» القيام بعمليات تدقيق جنائي في البنك المركزي، بسبب معلومات وتقارير من الأجهزة الأمنية عن علاقاتها المباشرة بإسرائيل ووجود محقّقين ومدقّقين في عدادها عملوا سابقاً ويعملون مع أجهزة أمنية إسرائيلية وأميركية باعتراف مؤسّسها، في مقابل إصرار وزراء عون عليها. وعلمت «الأخبار» أن عون يصر على تكليف الشركة بعمليات التحقيق الجنائي، لأنه يريد تحقيقاً جنائياً لا تدقيقاً مالياً وحسب، معتبراً أن رفض التحقيق الجنائي هدفه حماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من الإدانة. في المقابل، تشير المعلومات المتوفّرة إلى أن حزب الله وحركة أمل أبلغوا وزراءهما بضرورة الاعتراض على دور «كرول» في مجلس الوزراء، وعدم القبول بتكليفها، وهذا ما حصل داخل الجلسة، ما دفع دياب إلى تأجيل النقاش حول الشركة إلى الأسبوع المقبل.
الاخبار