لبنان ما بعد “قانون قيصر” ليس كما قبله… جوع وفقر وإفلاس!

 

لبنان ما بعد قانون قيصر ليس كما قبله. تجويع الشعب اللبناني وافقاره وافلاس الدولة اللبنانية وهدم مكوناتها ومؤسساتها اضحى هدفا واضحا للادارة الاميركية حتى تحقيق مشروعها السياسي في المنطقة. واشنطن التي تضيق الخناق يوما بعد يوم على الدولة اللبنانية بحجة سلاح حزب الله باتت تستهدف كل شرائح المجتمع اللبناني من شماله الى جنوبه من شرقه الى غربه خاصة في ظل اصعب ازمة مالية يعيشها لبنان لن يسبق لها مثيل.

وفي ظل هذه التطورات يشعر المواطن اللبناني انه وحيد يكافح الجوع والفقر  في غياب تام لاداء حكومي يتناسب مع حجم الضغوطات الاميركية والازمة المالية الداخلية. فالى متى سيتحمل المواطن اللبناني وزر الازمة المالية والتحديات الخارجية، في حين ان الطبقة السياسية التي سببت هذا الانهيار لا تحاسب ولا تظهر اي نية حسنة لوقف الترهل المؤسساتي؟ وهل كان المواطن اللبناني ليتعرض لهذا الكم من الاذلال في وطنه اذا تواجدت سلطة قوية تعزز المؤسسات ولا تقبل ان يكون شعبها كبش فداء لشد الحبال بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية؟

المحزن ان المواطن اللبناني ضاع حقه بين الفجور السياسي التي تمارسه بعض القوى السياسية وبين التجار المتآمرين على الدولة. ذلك انه حتى هذه اللحظة,  لم تنفذ الحكومة اي اصلاح جدي وحقيقي، علما انه كلما ازداد ضغط الدولار وتفاقمت الازمة المالية وتردت الحالة المعيشية  كلما أصبح احتواء غضب الشارع اصعب وكلما ارتفع الشغب الاجتماعي والتفلت الامني. فما نفع الحوار واللقاءات بين القيادات السياسية اذا كانت الارادة في الاصلاح غائبة؟

الحكومة متقاعسة في تأدية اقل واجباتها امام الشعب اللبناني الذي يعيش الفقر والعوز والقلق على المصير. ورغم ان الاصلاحات هي المفتاح لاي مساعدة مالية سواء من صندوق النقد الدولي او من اي جهة اخرى, تتخاذل الحكومة في السير في هذا الطريق لا بل تزيد في اهتراء المؤسسات. لم تتمكن حكومة الرئيس حسان دياب والاكثرية الحاكمة من تحويل شعاراتها الى افعال على ارض الواقع فبدلا من الاصلاحات طبقت المحاصصة وبدلا من انتقاء نهج اقتصادي جديد , تم التمسك بالنهج القديم الذي ادى الى تراجع لبنان بشكل مخيف.

ذلك لا يعني ان حكومة دياب هي المسؤولة عن الانهيار المالي الحاصل اليوم، بل الاسباب باتت واضحة للحالة التي يمر بها لبنان، انما شكلت هذه الحكومة على اساس انها حكومة انقاذية، ولكن للاسف لم تبدُ هذه الحكومة مختلفة عن سابقاتها اقله حتى هذا التاريخ.

فالسوق السوداء هي الغالبة والدولارات التي ضخها مصرف لبنان لم تؤد الى الطلب المنشود، لان الحل ليس نقديا بل سياسيا واصلاحيا. والحال ان الخلافات بين القوى السياسية كلما ازدادت كلما انعكست تداعياتها سلبا على الاقتصاد وكلما خفت السجالات كلما انعكس ذلك ايجابا على الداخل اللبناني لان صورة الدولة المتماسكة هي الصورة المطلوبة لهذه المرحلة الخطيرة والدقيقة.

اما المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي الذي يشكل الخيار الوحيد تبدو بعض الشيء متعثرة، ذلك ان المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، غاري رايس، طالب ان تكون «الحلول سريعة وفعالة وعادلة وطويلة الأمد» في حين ان الفرق في ارقام خسائر القطاع المالي بين الحكومة ولجنة المال والموازنة يوازي 80 مليار ليرة، وهذا دليل لا يبشر بالخير . وقصارى القول ان حسم الخلاف لن يكون سريعا بما ان الفرق في الارقام كبير. من هنا هل يخسر لبنان فرصته في الحصول على مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي بسبب بطئه في مقاربة ازمته او بسبب سلطة سياسية قابضة على مفاصل الدولة لا تريد لهذه المفاوضات النجاح؟

لماذا يمول صندوق النقد لبنان والحكومة لم تلتزم اي اصلاحات؟

قال الخبير الاقتصادي سامي نادر ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا تسير على قدم وساق لانه على ما يبدو ان المواقف السياسية الحقيقية غير داعمة لهذا التوجه كما ان الحكومة اظهرت انها غير حازمة على التفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي. وعلل نادر السبب وراء تلك لبنان في المفاوضات مع صندوق النقد هو سيطرة نظام المحاصصة على المؤسسات وهذا النظام  لا يريد الاصلاحات لان ذلك يشكل نهايته وعليه بات كل فريق سياسي يشترط على الفريق الاخر البدء بالاصلاحات كي يطبق لاحقا اصلاحات في بيئته وفي المؤسسات التي يترأسها. وفي هذا المجال كشف الخبير الاقتصادي سامي نادر الى ان الاحزاب السياسية لم تعد تتلقى اموالا من الخارج فلجأت الى تمويل نفسها من الداخل اللبناني بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

وايضا الفرق في الارقام بين الحكومة وبين لجنة المال والموازنة هو 80 مليار الف ليرة، أي ان الحكومة تقول ان الخسائر توازي 160 مليار ليرة في حين لجنة المال والموازنة تقول ان الخسائر توازي 80 مليار ليرة وبالتالي هذه الحسابات في الخسائر المالية تشير الى انقسام بالرؤية وبالخطة المطروحة في توزيع كلفة الخروج من الازمة. وعليه, يعتبر الخبير الاقتصادي ان القوى السياسية اتفقوا على قطع الطريق على مفاوضات صندوق النقد الدولي لانهم  لا يريدون اصلاحات طالب بها هذا الصندوق. اضف الى ذلك اشار نادر الى ان صندوق النقد الدولي طلب من الدولة اللبنانية خطوات مسبقة اي اصلاحات ضرورية ولكن ملف الكهرباء والتعيينات المالية تدل على ان لا ارادة حقيقية في المضي في الاصلاحات او الاقدام على اي تغيير ايجابي. فلماذا سيتوصل صندوق النقد الدولي الى ضخ المال في لبنان طالما ان الحكومة لم تلتزم اي من الاجراءات التي طالبها بها؟

وتساءل نادر لماذا لم تتم الاصلاحات حتى هذه اللحظة رغم تفاقم الازمة؟ وهنا دق الخبير الاقتصادي ناقوس الخطر قائلا: بان هناك بعض المال المتبقي في مصرف لبنان وهو يستنزف، لان مصرف لبنان لا يمكن ان يتوقف عن دعم الاساسيات في حين ينعدم تدفق الدولار الى لبنان.وتابع ان هناك حاجة ملحة لضخ السيولة في السوق والمسألة اليوم تكمن بمن سيعطي مصرف لبنان او الحكومة سيولة على المدى القصير من اجل «تقليعة» للاقتصاد اللبناني.

وتساءل ايضا الخبير الاقتصادي عن عدم اقرار قانون «كابيتول كونترول» وما هي الحجة المقنعة لذلك ؟ وهنا لفت نادر الى ان الكابيتال كونترول  يحدد كمية المال ويحدد اولوية الدولة اللبنانية في شراء حاجاتها الاساسية.

وقال نادر ان لبنان على خطوات ثابتة وسريعة نحو التحول الى سوريا 2 حيث  انقطعت الادوية في سوريا اليوم وبالتالي انعزلت بلاد الشام  عن النظام العالمي. اما في لبنان,فقد  انقطعت بعض الادوية التي تعد كمالية انما اذا استمرت الاوضاع على هذه المنوال فسنشهد انقطاع ادوية اساسية وهي كارثة حقيقية على صحة المواطن وعلى الاستشفاء وبمعنى اخر  ان لبنان مقبل على كارثة صحية.

المصدر: الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى