أميركا تصرّ على تغيير مهام قوّات «اليونيفيل».. ولبنان يوجّه كتاباً للأمم المتحدّة
صدى وادي التيم – لبنانيات
تصرّ الولايات المتحدة الأميركية على تغيير مهام قوّات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان وزيادة عديدها، لتشمل الدخول الى الأملاك الخاصّة وتحديداً أملاك ا ل ح ز ب بهدف التفتيش عن الأسلحة والصواريخ التي يملكها والقيام بنزعها. وتهدّد بوقف تمويل «اليونيفيل»، على غرار ما فعلت مع منظّمة الصحّة العالمية، أي عدم دفع حصّتها من ميزانيتها في حال لم تتمّ الموافقة الدولية على مطلبها هذا الذي نقلته السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا للمسؤولين اللبنانيين.
غير أنّ لبنان يتصدّى لهذه المحاولة الأميركية التي تتكرّر في كل عام خلال هذه الفترة في اتجاهات عدّة، على ما أكّد مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى، فبعد أن اجتمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حضور رئيس الحكومة حسّان دياب، ووزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي في قصر بعبدا أخيراً، بسفراء الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، وبالممثّل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش وجرى نقل موقف لبنان الرسمي اليهم، وبعد أن اتخذ مجلس الوزراء قراراً بالتوجّه الى مجلس الأمن بطلب تمديد مهمّة قوّات «اليونيفيل» لسنة إضافية اعتباراً من 31 آب المقبل من دون تعديل لولايتها ومفهوم عملياتها وقواعد الإشتباك الخاصّة بها تمكيناً لها من الإستمرار في القيام بدورها الحيوي، وجّه الوزير حتّي الذي كان قد بدأ اتصالاته الدولية منذ فترة، كتاباً للأمم المتحدة تضمّن موقف لبنان الثابت نفسه.
وأوضح المصدر الديبلوماسي أنّ الوزير حتّي تطرّق أولاً في كتابه هذا الى تشديد لبنان على عدم تخفيض موازنة «اليونيفيل». علماً بأنّه ثمّة نوعان من تخفيض موازنتها في الأمم المتحدة، فالأمين العام للأمم المتحدة طالب بزيادة بسيطة على الموازنة، كما أنّ الهيئة الإستشارية لقوّات حفظ السلام طالبت بها أيضاً. فيما يقول رأي آخر فيها بأنّه قد لا تكون هنالك زيادة لأنّ الأمم المتحدة تعيش أزمة كبيرة حالياً، وإذا ما قرّرت القطع فإنّها ستطبّقه على جميع القطاعات. ولكن ثمّة قطع يُعتبر منطقياً وبيروقراطياً بسبب أزمة معيّنة، وآخر بالإتفاق مع الجهة الأخرى، يُعتبر قطعاً سياسياً. ولبنان في هذا الموضوع متمسّك بعدم خفض الموازنة لأنّ ذلك يؤثّر سلباً على مهمّة «اليونيفيل»، ولكن إذا انخفضت بنسبة صغيرة جدّاً (مثلاً 5 %) كما سائر القطاعات، فعلى لبنان تفهّم هذا الأمر.
كما أكّد الوزير حتّي ثانياً على أهميّة عدم المسّ بعديد قوّات «اليونيفيل»، لأنّ عددها يتعلّق بالشأن العملاني على الأرض، قبل أن يكون الهدف من هذا الأمر توجيه رسالة سياسية. وثالثاً، على ضرورة عدم المسّ بمهام «اليونيفيل» أو محاولة تغييرها، على ما يطرح البعض، لتشمل الدخول الى الأملاك الخاصّة. وأوضح المصدر نفسه أنّ هذا الأمر ممنوع في القانون اللبناني، ويحتاج الى إذن وموافقة من قبل الدولة اللبنانية. ولبنان قد شرح ذلك للقوّات الدولية التي يعتزّ ويرحّب بوجودها على أرضه، علماً بأنّ ثمّة تنسيقاً كبيراً جدّاً بينها وبين الجيش اللبناني ويودّ لبنان تعزيزه، كما جرى التأكيد على تنفيذ القرار 1701 بمندرجاته كافة. وكلّ ذلك، على ما شدّد المصدر نفسه، يأتي انطلاقاً من أنّ الإستقرار في جنوب لبنان هو مصلحة لبنانية أساساً، لكنّها أيضاً مصلحة إقليمية ومتوسطيّة ودولية سيما وأنّ منطقة الشرق الأوسط تعيش على صفيح ساخن.
من هنا، فإنّ أي محاولة للمسّ اليوم بمهام وعديد وموازنة «اليونيفيل»، والبعض قد يُحاول ذلك، على ما عقّب المصدر، لن يحصل، سيما وأنّ هناك عدداً من الدول الصديقة أكّدت وتؤكّد للبنان أنّها ترفض المسّ باليونيفيل. هذا ويستمر الوزير حتّي باتصالاته وسيضاعفها خلال الأسابيع المقبلة، سيما وأنّ البحث في هذا الموضوع يبدأ كلّ عام في نهاية تمّوز وينتهي في أواخر آب. علماً بأنّ المواعيد قد تتغيّر هذه السنة بسبب الظروف وإجراء الإتصالات والإجتماعات عن بُعد، وبسبب إقفال مبنى الأمم المتحدة في المرحلة الراهنة.
وعن تهديد الولايات المتحدة بوقف تمويل «اليونيفيل» في حال لم يتمّ تغيير مهام «اليونيفيل» وزيادة عديدها، بحسب ما ترغب، قال المصدر الديبلوماسي بأنّه «كلام عام، وليس من مذكّرة أميركية في هذا الصدد». ولفت الى أنّه ثمّة محاولات من قبل البعض، والولايات المتحدة تريد ذلك بحسب موقفها، ولكن هناك قناعة عند أكثرية الدول أن لا مصلحة لأحد اليوم في محاولة فتح هذا الموضوع لأنّ مصلحة الجميع تقضي بأن يتمّ تعزيز «اليونيفيل» في مهامها،كما هي محدّدة في مندرجات القرار الدولي 1701 الذي يحرص عليه لبنان، وعدم المسّ بعديدها. في المفاوضات بالطبع، هناك طرح من هذا النوع، على ما أضاف المصدر، ونحن ضدّ هذا الطرح وموقفنا واضح ولنا تأييد واسع جدّاً من دول أساسية أيضاً في هذا المجال، وأعتقد أنّه في نهاية الأمر هذا ما سيحصل.
وشدّد المصدر الديبلوماسي على مدى أهمية وجود «اليونيفيل» اليوم في جنوب لبنان في منطقة تعيش على صفيح ساخن. ولهذا سيُوجّه سفراء أوروبيون رسالة عن أهميتها من خلال زيارة مرتقبة لهم لمقرّ القوّات الدولية في 18 حزيران الجاري.. هناك ما يُسمّى «نصوّت بأقدامنا»، وهذا يعني بأنّني عندما أزور منطقة فهذا يعني أنّني أصوّت مع هذا الموضوع، وهذه الزيارة تعني تصويت السفراءالأوروبيين مع موقف لبنان، وهي رسالة واضحة جدّاً للجميع.
من هنا، ذكر المصدر بأنّنا في لبنان ماضون في التأكيد على أهمية ضبط الأمن والإستقرار والسلم في الجنوب عبر قرار مجلس الأمن 1701، لا سيما في ظلّ المرحلة الدقيقة والحسّاسة جدّاً التي تمرّ بها المنطقة. أمّا مهام «اليونيفيل» التي أعاد القرار 1701 تحديد مهامها فهي كمهام أي قوّات حفظ السلام، ويجب معرفة أنّها ليست قوّات صنع السلام بل حفظه، وعند تقاتل الأطراف المعنية بالنزاع تنسحب القوّة
(الديار)