6 حزيران: محاولة لإنهاء 17 تشرين وتفريغها
ويمكن القول إنّ تشبيح بلطجية الثنائي وقمع القوى الأمنية للمتظاهرين، أنقذا مناسبة 6/6 من الحضور الهزيل وضياع بوصلته. لكن الأكيد أنّ حالة “شيعة شيعة” تكاملت مع حالة عشرات المشبوهين في ساحة الشهداء، إذ سوّق الطرفان لخطاب يساهم في تأجيج فتنة، المطلوب من خلالها القضاء على حالة 17 تشرين وحركتها. فما عجز عنه البطش الأمني والتشبيح الحزبي دائماً، وبعده حجج فض التجمّعات في ظرف فيروس كورونا، يتم تنفيذه اليوم من خلال تفريغ الساحة من شعاراتها ونقلها إلى مكان مختلف.
جمهور شيعة شيعة
بين مطالب الانتخابات النيابية المبكرة، وتطبيق القرارين الدوليين 1559 و1701 بشأن سلاح ا ل ح ز ب ، والعناوين المعيشية الأخرى، انقسمت شعارات الساحة كما كان متوقعاً. حالات من البلبلة المضبوطة، غير المؤذية، إلى أنّ فعلت الشائعات أفاعيلها. فطفت شائعة تقول إنه تم اختطاف أحد الشبان في طلعة بشارة الخوري، فتوجّه مئات المشاركين إلى المنطقة، حيث كان قد خرج العشرات من أنصار الثنائي الشيعي لتلاوة شعاراتهم الطائفية المعتادة. شتموا الحريري، الأب والإبنين، والطريق الجديدة وسمير جعجع. هتفوا ضد الثورة و”مع الحسين”! ثم “شيعة شيعة” كالعادة. تسلّحوا بالعصي وحوّلوا خراطيم مياه إلى هراوات، وتنقلوا بين مسلكي الطريق في محاولة اختراق الحاجز الأمني الذي شكلته عناصر من الجيش اللبناني ومخابراته. ونجحت في إبعادهم على مراحل. لكن سرعان ما كانوا يعودون مجموعات، ليجتمعوا تحت جسر الرينغ ويكررون هتافاتهم. واستمرّ الوضع على حاله لساعات.
أمام مدخل البرلمان
وبعد أن فصلت القوى الأمنية متظاهري 6/6 بالقرب من مبنى “البيضة” ومنعتهم من الاقتراب باتجاه الرينغ، أكملت مجموعات من الساحة تحرّكها وتوجّهت باتجاه مدخل البرلمان بالقرب من بلدية بيروت. تمكّن عدد منهم من تكسير محل تجاري ملاصق للجدار الإسمنتي التي كانت القوى الأمنية قد وضعته على المدخل. بدا كأنه لامسوا مدخل ساحة النجمة. فكسروا الزجاج الداخلي للمحل، وأصبحوا على تماس مباشر مع قوى مكافحة الشغب، فرشقوا عناصرها بالحجارة وردّت الأخيرة بالمطاطي وبعض القنابل الدخانية. لتعود مجموعة أخرى من القوى الأمنية وتقوم بإبعاد المتظاهرين باتجاه ساحة الشهداء-جريدة النهار. واستمرّت المواجهة بين المحتجّين والقوى الأمنية لقرابة الساعتين، عملت في أثنائها قوات مكافحة الشغب على إغراق الساحة بالقنابل المسيلة للدموع، انسحبت نتيجتها الجموع باتجاه منطقتي الصيفي والجميّزة. وأحرق خلالها المحتجّون دراجة تابعة للقوى الأمنية بين مبنى النهار ومركز حزب الكتائب.
الإجراءات الأمنية
وإذا كانت هتافات جمهور “شيعة شيعة” وعشرات الموجودين في الساحة قد تكاملت، فإنّ دور قوى الأمن والجيش اللبناني قد تكامل أيضاً. فساندت عناصر الجيش عناصر مكافحة الشغب عند كل نقطة اشتباك مع المحتجّين في الساحة. وجاءت هذه المساندة نتيجة التنسيق الذي سبق وأعلن عنه كل من وزيري الداخلية محمد فهمي والدفاع زينة عكر. فاجتمع الوزيران في ثكنة الحلو للاطلاع على الإجراءات الأمنية الاستباقية التي اتّخذتها القوى الأمنية، قبل انطلاق تجمّع 6/6. وأكدت عكر أنّ “الجيش والقوى الأمنية بتعاون كامل على الأرض لكل المستجدات التي قد تحصل”، في حين شدّد فهمي على أنّ “الزيارة تأتي في إطار التنسيق بين الأجهزة الأمنية”، وأكد أنه “سنحمي المتظاهرين السلميين. ولكن الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة غير مسموح”.
موقف الجميل
وكان رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، قد دان “محاولة السلطة وأجهزتها لتسويق فكرة الاختلاف بالعناوين والمطالب وتحديداً سلاح ا ل ح ز ب “، معتبرً أنّ ثمة “شائعات وحملة مخابراتية مبرمجة لتخويف الناس وإيهامهم بافتعال مشاكل حتى لا ينزلوا إلى الشارع”. وأكد على عدم صحة رفع أي شعار يخص ا ل ح ز ب وسلاحه، لافتاً إلى استمرار حزب الكتائب في رفع شعارات 17 تشرين “والاستمرار بالعناوين نفسها التي أطلقت منذ 8 أشهر والانتخابات النيابية المبكرة هي أحدها”. وشدّد الجميّل على أنه “لم نخرج ولن نخرج عن المطالب الأساسية”، معتبراً أن الطريقة الوحيدة لإعادة إنتاج سلطة جديدة “هي إما بالانتخابات المبكرة أو بالثورة العنفية، ونحن ضد العنف”.
هذا، واستمرّ الكرّ والفرّ بين المحتجّين والقوى الأمنية حتى ساعات المساء. غاز ومطاطي ودروع وهراوات وحجارة، حتىّ أنّ منقطة المرفأ-الصيفي-شارل حلو اختنقت بالدخان، تماماً كما تحاول السلطة خنق 17 تشرين بشتى الوسائل، وآخرها بث الشائعات وإشعال الاحتجاج من الداخل.
المصدر : المدن