الجيش “مَعكن…. وإلكُن”
صدى وادي التيم – أمن وقضاء
٦/٦ تاريخٌ جديد مضروبٌ للبنانيّين. الكلّ مجمعٌ على أن شيئاً كبيراً قيد الاعداد. قد تكون “الثورة” ٢ بحسب الكثيرين، بعدما باتت قناعةُ الجميع “فالج لا تعالج”. فلا كورونا ولا “قيصر” ولا البنك الدولي ولا أيّ شيئ سيهدّي الوضع… ” فالجماعة راكبين راسن” …. غير أن الأخطرَ في كل الصورة هو المعلومات المتواترة عن اتجاه أن تكون التحركات ذات طابعٍِ “عنفي”، ما يَنفيه “الثوار” معتبرين أنه “مزحة أمنية بايخة”، لتخويفِ الناس ومنعَها من النزولِ الى الشارع.
وسط كل ذلك، من تعبئة الحكومة العامة في مواجهة “كورونا” وإعلان الثورة “النفير العام”، نقطة مشتركة واحدة. قوى عسكرية وأمنية، في مقدمتها الجيش، لضبطِ الوضع وتنفيذ “القانون”، “فما في بالميدان إلّا حديدان”….. هو قدر الجيش كما اللبنانيين، وجهاً لوجه أم جنباً الى جنب، لا فرق…. طالما النتيجة واحدة والهدف واحد.
“ولأنو العسكري لازم يفهم والمدني لازم يعرف” في ظلّ “العصفورية” التي نعيشُ فيها، كان لا بدّ لقيادةِ الجيش أن تبادرَ على قاعدة ” اللّهم أشهد إني بلّغت”. فالمطلوبُ كثيرٌ والموجودُ قليل، و”القلة بتولّد النقار”، في وقتٍ لا شيئ يدلُ أن الأمورَ ذاهبةٌ نحو الأفضل، أو أقلّه ثابتةٌ على ما وصلت إليه، في حالِ استمرَّ “الستاتيكو” السلبي القائم.
فقائدُ الجيش ليس ببعيدٍ عن جماعاتِ الحراك السلمي، مكتبهُ مفتوحٌ لاستقبالهم ويده ممدودة لمحاورتهم. فالجيش اللبناني لم يكن ولن يكون جيش قمع، لا بقرارٍ ذاتي ولا بأمر سياسي إذ أن أعلى سلطة في الدولة شددت دوماً في توجيهاتها على ضرورة حماية التظاهرات، تأمين كل اللبنانيين وضمان حقوقهم السلمية بعيداً عن أي تهديد أو خطر، أيا كان نوعه أو الجهة المتسببة به
فعلى حبلَي التعبئتَين يسيرُ الجيش في لعبة توازنٍ دقيقة، أجادها جوزاف عون جيداً جداً حتّى الساعة، رغم كل الضغوط والظروف الداخلية والخارجية…. صحيحٌ أن القوى العسكرية استعملت القوة المفرطة أحيانا.فالعسكر كما المحتجين “استووا من التعب”. في مطلق الأحوال قامت المؤسسة بواجبها، حقّقت ودققت بكل صورةٍ، فيلم أو معلومة واتخذت المقتضى بشأنها … أما بالنسبة للبناني “الجيش بمون”.
صحيح أن ثمّة مشكلة أساسية في إيصال رسالة الجيش للمدنيين نتيجة عوامل متجمعة ومتراكمة، إلّا أن ذلك لم يَحل دون الاستمرار في المحاولة، بعيداً عن الآليات التقليدية. فالظروف الاستثنائية تفترض تحركات غير عادية. هكذا قرر قائد الجيش الدخول على الخط…. من جبل لبنان الى البقاع ومن الشمال الى الجنوب مروراً ببيروت… رسالة واحدة بأكثر من” لغة” وطريقة….
جولاتٌ “مكثفة” استهدفت، دون أن تكون موجهة ضدّ أي طرف رغم محاولات البعض إدخالها في حسابات هي بعيدة كل البعد عن الحقيقة، طرفان، الاول اللبنانيين جميعاً، وسط الحديث المتكرر عن “ثبور وعظائم أمور” قادمة بعد السادس من حزيران، لتؤكد أن الجيش والشعب في صفٍ واحد، فشراكتهما عُمّدت بالدّم في الحرب ضد الارهاب، فالمؤسسة واجبها حمايتهم وضمان حرية تعبيرهم، وفي نفس الوقت كسر يد كل معتدٍ على ملك خاص او عام “فكرامة اللبناني من كرامة مؤسساته”.
وهنا تبقى الرسالة الأبلغ التي وجهّها القائد من القلب لأهل طرابلس وعكار، والتي جاءت لتقطع الطريق على كل من يحاول اللعب على وتر ضرب الجيش بأهالي الشمال، في ظلّ الشحن الذي ولّدته أحداث الفترة السابقة. فكلامه جاء واضحاً “كضو الشمس وقاطعاً كحدّ السيف”، الجيش منكم ولكم، لا ينتقم إنما يعمل على إحقاق العدل. فاليرزة تعرف جيداً كيف هبّ أهالي تلك المنطقة، والى جانبهم أبناء عكار خزان الجيش البشري، للوقوف الى جانب المؤسسة في معارك نهر البارد وبعدها ضدّ التكفيريين، مُسقطين أحلام الامارات، وإن ضلّ البعض الطريق.
أمّا للعسكريين فرسالته كانت مزدوجة وحاسمة. بلغة عسكرية لا تقبل أي تأويل، نحن تحت القانون ونعمل وفقًا لاحكامه، لا نغطي ممارسات ولا نقبل بالتعدي على أحد، في المقابل تدرك القيادة جيداً الظروف الصعبة التي يعيشها العسكريون وعائلاتهم، من هنا خوض اليرزة منذ سنتين معركتها للحفاظ على الحقوق لتأمين كرامة العيش لهم ولعائلاتهم.
“نحنا مِش مسؤولين عن الوضع يلّي البلد وصلّو”. كلمات تختصر بدقةٍ حقيقة الوضع. فعلى كل لبناني أن يعرف جيداً وأن يقتنع أن الأزمة تطال العسكري كما كل لبناني، وهو خائف على مصير عائلتهِ ومستقبلها كأي مدني آخر…. فهل من يفهم ويعتبر؟
“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر