“سلّة غذائية مدعومة” من وزارة الاقتصاد.. ومعضلة أزمة تتجاوز الإجراءات المتخذة – بقلم ميرنا سرور

 

صدى وادي التيم – إقتصاد

 

يعاني لبنان منذ ما يقارب العقد من أزمة “Stagflation”، أي أزمة ركود “stagnation” يرافقها أزمة تضخم “inflation”، واستفحلت الأزمة في الربع الأخير من العام المنصرم، جرّاء الأزمة النقدية المتمثّلة بانهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.
تعود الازمة النقدية لأسباب اقتصادية بجزء منها، غير أن الجزء الأكبر من الأزمة يعود لأسباب سياسية، تتمثل بالعقوبات المفروضة على “حزب الله”، والمضاربات النقدية التي لم تتمكن الحكومة من ضبطها الى اليوم.
ومما يزيد الأزمة خطورة تداعياتها الإجتماعية، حيث أن القدرة الشرائية للمواطن اللبناني تتراجع دراماتيكيا، فيما تهدد رياح البطالة الدورية (cyclical unemp) ما يقارب المليون لبناني.
ارتأت الحكومة اللبنانية وضع “سلّة غذائية مدعومة” لضمان الأمن الغذائي الفردي للمواطن، وهنا نتوقف عند مفهوم “الدعم”، والذي يساوي ضعف قيمة ما كان يدفعه المواطن ثمنًا لهذه المواد قبل وقوع الأزمة.
مثال حي:
لنفترض أن المواطن (أ) هو من ذوي الدخل المتوسط، ويمتلك دخلاً شهريًا (I)، يقوم بتقسيمه على الشكل التالي: 70% لشراء السلع والخدمات الأساسية (B)، و30% للسلع والخدمات الكمالية (L)، عليه تصبح معادلة الدخل الفردي لمواطن من الطبقة المتوسطة على الشكل التالي:
I = B + L
B = 0.7 I
L = 0.3 I
مواطن (ب) ينتمي للطبقة الفقيرة، وكان يستخدم كامل دخله لشراء احتياجاته الأساسية، لتكون المعادلة بالنسبة له على الشكل التالي:
I = B
خلال الأزمة، يشهد السلوك الشرائي للمواطن تغيرًا جذريًا، فمن المرجح أن يقع المواطن (أ) كما المواطن (ب) في عجز يحول دون تأمين كامل المستلزمات الحياتية. هذا اذا افترضنا أن المواطن لا يزال يمتلك دخلاً، دون أن يكون ضحية موجة البطالة الموسمية (cyclical unemp)، والتي ستصيب:
• 10000 – 15000 أستاذ وموظف في االمدارس الخاصة
• 50000 عامل في المطاعم والفنادق والمؤسسات السياحية
• 20000 – 25000 عامل في المؤسسات التجارية الصغيرة
• 50000 – 60000 مواطن لن يتمكنوا من الهجرة بسبب عالمية الأزمة
• 200000 قد يعودون من أفريقيا ودول الخليج وأوروبا
• 100000 – 150000 في قطاع البناء والمقاولات والإعلام والصحافة والنقل والمصارف
(المصدر: الدولية للمعلومات)
جدوى السلّة الغذائية.. حسابيًّا
تشمل السلة الغذائية “المدعومة” سلسلة من المواد الأساسية التي ستدعمها وزارة الاقتصاد عند سعر 3200 ليرة للدولار. ومع أن هذا السعر أقل من السعر المتداول به في السوق السوداء، لكنه يساوي ضعف السعر الأساسي للدولار ما قبل الأزمة 1517.
أمام ما تقدم، نصبح عند المعادلة التالية:
I = B’ + L’
B’ = 2B = 2 (0.7) I = 1.4 I
هذا يعني أن المواطن (أ) أصبح أمام عجز عن تأمين مستلزماته الحياتية الأساسية بمقدار 140% من دخله، أما بالنسبة للمواطن (ب) فهو بات عاجزًا عن تأمين أدنى المستلزمات الأساسية.
ومع هذه المعطيات، نستنتج أن جدوى السلة الغذائية “المدعومة” لا تتناسب مع حجم الأزمة وكارثيتها، ولا تغطي عجز المواطن عن تأمين مسلتزماته الأساسية.
بناءً على ما تقدم، يقع على عاتق الدولة اتخاذ اجراءات أشد فعالية تحول دون مزيد من التدهور في الأوضاع المعيشية، عبر المحافظة على الحد الأدنى من القدرة الشرائية للمواطن، إضافة الى آليات لمكافحة “موجة البطالة الدورية” (cyclical unemp)، يجب أن تشمل دعمًا للمشاريع الصغيرة عبر رزمة قروض ميسرة وتحفيزات واعفاءات ضريبية.

ميرنا سرور  – المصدر: مجلة “بلو فورس

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى