67 قتيلاً بـ5 أشهر… ما علاقة الفقر و “الكورونا”

صدى وادي التيم – لبنانيات

لا نعيش في المدينة الفاضلة. أصلاً حتى في أفضل ظروفنا اللبنانية، لم نملك ترف هذا العيش، لكن أن تتحول يومياتنا الى هموم لا تنتهي وقلق دائم، ففي الأمر كثير من الظلم، لا سيما عندما نتكلم عن استسهال القتل وثقافة “الكرامة” التي لا يُحصلّها الا الموت، وعن أرقام الجرائم التي ارتفعت بشكل مخيف، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

منذ بداية هذا العام الغريب، شكلاً ومضموناً، تُسجل أرقام خيالية للجريمة في لبنان الذي لم يعتد مجتمعه على هذا الكمّ من الأخبار المتعلّقة بالقتل والدماء، على الرغم من أن اللبنانيين عاشوا ضراوة الحروب.

في مقاربة بسيطة للأرقام، نشرتها الدولية للمعلومات، تبيّن سقوط 26 قتيلاً إضافياً، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، إذ تُفيد الأرقام بأنّ عدد القتلى ارتفع من 41 في العام الماضي إلى 67 في العام الحالي. فما السبب الكامن وراء ارتفاع الجرائم وتسجيل هذا الرقم في الاشهر الخمسة الأولى من السنة، وهل يتلطى “المرتكب” وراء الوضع الاقتصادي وتعبئة “كورونا”؟

يقول الطبيب الاختصاصي في علم الدماغ السلوكي أنطوان سعد، أن “اي سلوك بشري جرمي أو غير جرمي، وعلى الرغم من الضغوط النفسية والاقتصادية التي يتعرض لها الإنسان، لا يبرر ارتكاب جريمة وارتفاع عدد الجرائم”.

ويلفت سعد الى وجود أكثر من عامل لارتكاب الجريمة، مشيراً الى ان “شعور الإنسان بأنه غير قادر على تحصيل حقوقه ضمن القوانين أو المشروع الذي يحميه، وشعوره بانه معرض لأن يكون معتدياً عليه، إضافة الى افتقاره في تربيته الى النضوج الكافي للحوار مع نفسه، عوامل تدفعه للقيام بردة فعل على هذه التجربة التي يشعر بأنه ضحيتها، فيعمد ظناً منه بأنه يحمي نفسه، الى صنع ضحية أخرى. وسنرى في هذا النوع من المجتمعات خرائط ذهنية مريضة، ستؤدي الى سلوك مريض يحرم بشراً آخرين من حقهم الطبيعي في الحياة”.

يجزم سعد بأن مرتكب الجريمة لا يكون مدركاً في معظم الأحيان للنتيجة، “لان السلوك لا يترافق دائماً مع التفكير الاستباقي لنتيجة السلوك، إذ يتطلب هذا الامر نضوجاً على مستوى الدماغ الأمامي، الذي يجعلنا نخطط ونستبق نتيجة العمل الذي سنقوم به”.

ويتأسف كرم لأن معظم الاشخاص لا يملكون الحكمة والنضوج في جهازهم العصبي، الذي يسمح لهم بأن يقدروا نتيجة العمل الذي سيقومون به عندما يكونون في ظروف ضاغطة، فتأتي ردة فعلهم غير مُخطط لها عن سابق تصور وتصميم، إلا في حالات نادرة.

ويعتبر سعد أن الحالة الاقتصادية هي جزء صغير من اسباب الجرائم، رافضاً وضعها في المقدمة، إذ تزيد الجريمة، لكنها ليست سبب الجريمة.

المعالجة النفسية والاخصائية في علم الجرائم جوانا عماد، ترجع أسباب الجريمة الى أكثر من عامل، إذ يضاف الى العامل النفسي عوامل، اجتماعية، واقتصادية وثقافية.

وتشير لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، الى أن مرتكب الجريمة يكون شخصاً جاهزاً اصلا للقيام بردة فعل، تأتي من انفعالات غير مضبوطة، تكون على شكل جريمة أو غضب أو أذية.

وتلفت الى أن بعض الاشخاص لا يملكون طريقة ايجابية في حل النزاعات، ما يدفعهم أيضاً الى ردة الفعل، كما هناك من يعاني من بعض الحالات النفسية المحددة، وهؤلاء يميلون اكثر من غيرهم الى التصرفات الجرمية، رافضة ربط من يرتكبون الجرائم، بوجود امراض نفسية لديهم.

وعزت عماد ارتفاع حالات الجرائم في الاشهر الخمسة الأولى، الى “كوننا نعيش في سنة أحداثها غير متوقعة، عاش اللبنانيون خلالها، حالات كبت وضغوط نفسية عالية، ما يحتّم علينا إجراء تحليل اجتماعي ـ نفسي شامل، كي نتمكن من الخروج بخلاصة ارتفاع الأرقام”.

عماد شددت على أن الخوف يدفع الكثيرين الى التصرف بطرق غير مناسبة، مقترحة ضرورة اعطاء الناس الشعور بالأمان ونصحهم بطلب المساعدة النفسية عندما يشعرون بالخوف بدل تعزيز هذا الشعور عندهم، رافضة بالمقابل تمييز هؤلاء اجتماعياً، لأنه كلما عزلناهم عن المجتمع كلما عاشوا الكبت، وذهبوا الى ردود فعل أكبر.

المصدر : موقع القوات اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى