120 ألف طالب من المدارس الخاصة الى “الرسمية”…
الأزمة الاقتصادية الضاغطة التي يعيشها اللبنانيون وتراجع قدرتهم الشرائية، انعكست بشكل واسع على القطاع التربوي. فاللبنانيون تميزوا على مدى سنوات طويلة، بإنفاق مبالغ طائلة على تعليم ابنائهم. “منشيل اللقمة من تمنا تنعلمن”، بهذه العبارة، كانوا يختصرون الثروة المالية التي تدفع “بدل شهادات”، لكن ماذا بعد اللقمة التي سقطت أيضاً من الفم؟
تتحدث مصادر تربوية مطلعة عن أن عدداً من المدارس الخاصة سيشهد إقفالات نهائية، وقد بدا واضحا للمعنيين بالشأن التربوي، أن الأزمة الاقتصادية ستدفع عدداً كبيراً من الأهالي الى نقل أولادهم من المدارس الخاصة إلى تلك الرسمية، في ظل إعلان منسق اتحادات لجان الأهل في لبنان عبدو جبرايل عن إحصائية تفيد بأن “12 في المئة من طلاب المدارس الخاصة سيتوجهون هذا العام إلى المدارس الرسمية لأن الأهل لا يملكون المال لدفع الأقساط”.
لا داعي للحديث عن أقساط المدارس الخاصة المرتفعة اصلاً، إذ ينتظر أكثر من 70% من اولياء الامور، قرارات رسمية او صادرة عن إدارات المدارس الخاصة، بتخفيض اقساط هذا العام، أو الغاء جزء منها، بعدما انهار العام الدراسي، وأمضى الطلاب نصف العام الدراسي في المنازل، مثقلين بالثورة في الفصل الاول وبـ”كورونا” في الفصل الثاني، فيما استقبلتهم المدارس 90 يوماً فقط.
وفي حين يرتاد 70% من طلاب العالم المدارس الرسمية، شكلّ لبنان حتى اليوم، ظاهرة في تلقي 70% من طلابه تعليمهم في المدارس الخاصة، و30% فقط في المدارس الرسمية التي يبلغ عددها 1260 مدرسة.
ترفض مصادر وزارة التربية إعطاء رقم عن عدد المدارس الخاصة التي قررت إقفال أبوابها نهائياً، لافتة لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، الى أن لا ملفات رسمية نهائية لدى الوزارة، لكنها تؤكد أن المدارس الرسمية ستشهد حضوراً كثيفاً من طلاب المدارس الخاصة، متوقعة وصول العدد الى 120 ألف طالب.
هذا الواقع الاليم يؤكده منسق اتحادات لجان الأهل في لبنان عبدو جبرايل لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إذ يشير الى ترك أكثر من 100 الف من أصل 729 ألف و425 طالباً مقاعدهم في المدارس الخاصة، باتجاه المدارس الرسمية التي ستكون عاجزة لوجستياً وتربوياً لاستقطاب هذا العدد الكبير.
وفي حين تشير مصادر “التربية” الى أن الوزارة تنكب على دراسة خطة الاستيعاب من “الخاصة” الى القطاع الرسمي، تلفت الى وجود مناطق بمقدورها استقبال اعداد كبيرة من الطلاب، (مدارس الجنوب والبقاع الغربي مثلاً…)، اما عن المناطق التي تعاني أصلاً من ضغط طالبي في المدارس الرسمية، فاللجان في وزارة التربية تعمل على استمزاج الأفكار والخطط، كي يكون بمقدور الجميع متابعة دراستهم من قرب أماكن سكنهم.
هذا الرأي وإن كان يوافق عليه جبرايل، إلا أنه يستبعد حصوله، ويلفت الى أن النزوح سيكون كبيراً، بينما المدارس الرسمية عاجزة عن الاستيعاب، حتى أن عديدها غير كاف في الكثير من المناطق، ومنها على سبيل المثال “رسميات” المتن، إضافة الى أن مبانيها بغالبيتها الساحقة مستأجرة.
مصادر وزارة التربية لا تستبعد أن يتم التوجه الى الجهات المانحة لدعم المدارس الرسمية، مع تدفق هذه الأعداد من اللبنانيين اليها، وتلفت الى أن المدارس التي استُخدمت لتعليم النازحين، تم تأهيلها بمعظمها.
وهنا يسأل جبرايل، “من أين ستؤمن الدولة الموازنات لتأمين حق التعليم، ومن سيستثمر في القطاع التربوي وثقة العالم كما اللبنانيين معدومة بأداء السلطة، بعد هذا الانهيار المالي والمعيشي”؟
مصادر وزارة التربية تؤكد في المقابل، أن ورشة الاستيعاب تترافق مع ورشة تعديل المناهج، التي مولتها جهات مانحة، من خلال قرض وهبة، في حين يتأسف جبرايل لعدم تطوير المناهج وتحديثها بما يتناسب مع العصر، والتي نحملها منذ العام 1996، وهذا امر لا يجوز.
ترفض مصادر “التربية” عدم ثقة الناس بالمدارس الرسمية، مؤكدة أن المدير الناجح هو اساس المدرسة الرسمية الناجحة، وتستطرد، “ليست كل المدارس الخاصة جيدة، ولا كل المدارس الرسمية سيئة”، متوقعة مع الضغط الطالبي، ازدياد العمل الرقابي والتأهيلي للمدارس.
أما جبرايل، يشدد على أنه على المدارس الخاصة أن تتعاطى مع الأقساط بمسؤولية، علّها تتمكن من المحافظة على بعض من طلابها، إذ لا يمكن لأي بناء أو مؤسسة تربوية ان تنهار خلال شهريّ ازمة، لافتاً الى أنه انطلاقاً من ضرورة تخفيض الكلفة التشغيلية وهي 35% من ميزانية المدرسة، أصدر وزير التربية قراراً، بإعادة النظر بالأقساط، بحضور كل المكونات التربوية، ويتابع، “وقعنا على اتفاقية من ست بنود، على ان يحول الوزير هذا القرار الى المؤسسات التربوية لدراسته مع لجان الاهل، لتخفيض الاقساط قدر الإمكان”.
الهديل