الحرب التي تنتظر خطأً …

صدر امس تقرير عن معهد الأمن القومي الاسرائيلي يشير الى أن “ا ل ح ز ب ” يواصل تعزيز تثبيت بناه التحتية في لبنان والجولان، وذلك بالتوازي مع جهوده الواسعة في لبنان لمكافحة وباء كورونا، واعتبر التقرير أن على اسرائيل أن تستعد لنزاع واسع مع لبنان.

لا يحمل تقرير الأمن القومي الاسرائيلي أيّ جديد فعلياً، غير انه يُكرّس نظرية في داخل اسرائيل تقول أن لا حل مع “ا ل ح ز ب ” سوى المواجهة المباشرة. اصحاب هذه النظرية يمكن القول إن اليأس سيطر عليهم تجاه فاعلية نظرية المعارك بين الحروب. فالحزب الذي من المفترض أن يتم تجفيف مصادر تسليحه عبر الغارات على قوافل الاسلحة في سوريا لا يزال يراكم قوته، ليس في لبنان فقط بل في سوريا ايضاً.

في العقل الاسرائيلي حالياً هدفان، الأول الأسلحة الدقيقة ل ل ح ز ب ” والوجود الإيراني في سوريا (الذي يشمل وجود “ا ل ح ز ب  “) ما يعني أنه من الضروري تكثيف الهجمات على الاراضي السورية في المرحلة المقبلة لكبح تطور الحزب النوعي ولضرب البنى التحتية الايرانية ومنعها من مراكمة التحضيرات اللوجستية والعسكرية.

قبل ظهور كورونا، كان الإسرائيليون يرغبون في جسّ نبض “ا ل ح ز ب ” داخل الأراضي اللبنانية عبر استهداف مخازن مفترضة لاسلحة دقيقة، الامر الذي كان يرفع من احتمالات وقوع الحرب، لكن كورونا أبعدت هذا الإحتمال للعام ٢٠٢٠، ليحل محله تكثيف الحراك في الساحة السورية.

الا أن الطرفين اللذين لا يرغبان في الذهاب الى حرب واسعة، سيحاولان الحفاظ بقوة وحزم على قواعد الاشتباك السابقة، وهذا ما رأيناه عندما حاولت اسرائيل تبديل قواعد الاشتباك في الساحة السورية فجاء رد “ا ل ح ز ب ” سريعا ويحمل رسائل كبيرة عند الحدود.

يقول تقرير معهد الامن القومي إن “ا ل ح ز ب ” يسعى لإثبات أن اكتشاف الأنفاق عند الحدود الجنوبية لم يغير شيئاً في معادلات القوة، وهو جاهز لأي تطورات ميدانية، لكن الخطر من اندلاع مواجهة لا يريدها الطرفان يبقى قائما وبقوة.

يستمر ال ح ز ب بإدخال صواريخ بالغة الدقة الى لبنان، وهذا ما تعرفه اسرائيل جيداً ولو بنسب مختلفة، اذ تدرك أن كل ما حققته هو تخفيف سرعة مراكمة هذه الصواريخ في الداخل اللبناني، لكن تكثيف عمليات الاستهداف الاسرائيلية للساحة السورية قد تؤدي الى سقوط عناصر من “ا ل ح ز ب ” خطأً. وهنا نصبح امام احتمال وقوع مواجهة واسعة، وهذا ما دعا المعهد في تقريره الى الاستعداد له.

من الواضح أن كلاً من “ا ل ح ز ب ” واسرائيل لم يعودا راغبين بالإبقاء على قواعد الاشتباك السابقة، بالرغم من سعيهما الكبير للحفاظ عليها. فإسرائيل ترغب بتوجيه ضربات لـ”ا ل ح ز ب ” في لبنان من الذهاب الى الحرب، في المقابل يشعر الحزب بأنه بات اقوى واقل انشغالاً وعليه تبديل قواعد الإشتباك لصالحه، من هنا فإن أي خطأ محتمل في سوريا سيؤدي الى مواجهة سيحاول الطرفان استغلالها لتبديل قواعد الاشتباك لصالحهما.