ابتعدوا عن بحيرة القرعون ل 500 متر حد أدنى: لو شرب منها كلب لمات بعد نصف ساعة.. إليكم السبب!

 

صدى وادي التيم – طب وصحة

 

استهلت مصلحة الليطاني يومها ببث شريط فيديو* يُظهر فريق عملها يجمع مادة كثيفة ولزجة خضراء وبيضاء وزرقاء “كوكتيل ألوان” عن سطح بحيرة القرعون. هي “البلوم”، كما يسميها الباحث البروفيسور كمال سليم، أي الكمخة السامة التي يفرزها نوع السيانوباكتيريا الذي اجتاح بحيرة القرعون باكراً هذا العام، وهو نوع سام معروف باسم Aphanizomenon Ovalisporum .

تعليقاً على فيديو المصلحة الذي يظهر اجتياح السيانوباكتيريا لكامل البحيرة يقول سليم: “أن البحيرة مقتولة بالسموم الآن أكثر من أي وقت مضى، وسوف يتفاقم هذا الوضع مع اقتراب درجات الحرارة من ثلاثين درجة ووصولها خلال الصيف إلى 35 و38 درجة كما يحصل عادة في البقاع”. ويؤكد سليم أن سمية مياه البحيرة اليوم “تصل إلى حد وفاة الكلاب بعد نصف ساعة في حال شربوا منها، وهو ما أثبتته دراسات علمية أنجزت على مسطحات مائية وأنهار تعاني من التلوث نفسه”. ماذا عن البشر والمواشي التي تسرح في البقاع علما أن الرعاة يقصدون البحيرة ليسقوها منها؟ يرد سليم أن الدراسات التي أجريت على بحيرات قتلتها السيانوباكتيريا كما القرعون أثبتت موت الكلاب مباشرة، وتضرر المواشي والبشر وإصابتهم بأمراض تنفسية وصدرية وسرطانات مع الوقت وبالتالي طبعاً الموت، ولكن مع مرور الزمن، وليس مباشرة كما الكلاب”. وللتذكير فقط، هذه المياه هي التي ستؤمن نصف كمية المياه المعلن جرها إلى بيروت عبر سد بسري الذي أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون تمسكه به وبالمضي بتنفيذه في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء.

تؤكد مصلحة الليطاني أن مفيض بحيرة القرعون الذي يسمح بالتفريغ الذاتي قد توقف بعد وصول خزينها إلى 221 مليون متر مكعب، وبالتالي أقفلت البحيرة على نفسها ومعه على أي تجدد للمياه بداخلها. هذا يعني أنه صار لدى لبنان مستنقعان في البقاع. الأول في عميق، وهو محطة للطيور المهاجرة وجالبة للسياح، والثاني بحيرة القرعون التي صارت عبارة عن “خزان سام ينصح بعدم الإقتراب منه عن بعد 500 متر خط نار، إذا بقي الحال على ما هو عليه اليوم”، كما أكد البروفيسور كمال سليم للمفكرة.

لا يمكننا تحقيق الأمن الغذائي من المجارير

ماذا بقي من سد القرعون اليوم؟ نسأل مدير عام مصلحة الليطاني سامي علوية؟

“لا نستعمل مياه البحيرة اليوم سوى لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة تصل إلى 3.5 مليون كيلوات، بقيمة 400 ألف دولار يومياَ، وحتى أنها مع الوقت تؤثر على معامل إنتاج الكهرباء التي تتعطل نتيجة التلوث الكبير في البحيرة اليوم”. أوقفت المصلحة أي نوع من الري في مشروع القناة 900 التي كانت تعود بمياه البحيرة إلى البقاعين الغربي والأوسط والتي كان يجب أن تستكمل لإيصال مياهها إلى البقاع الشمالي أيضاً”. التواطؤ واللامبالاة وغض النظر الرسمي عن تلوث الليطاني ومعه بحيرة القرعون وصولاً إلى اغتيالهما، يعطل استثمار ثمانية آلاف هكتار من الأراضي الزراعية في البقاع في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى مقومات الأمن الغذائي حيث تجتاح لبنان جائحتين: الأولى الفساد السياسي وتسلط المصارف ونهب المال العام وأموال المودعين ورواتبهم وإرتفاع الدولار إلى أكثر من 3 آلاف ليرة ومعه تقلص صادرات بذار الزراعات إلى ما دون النصف، وجائحة الكورونا التي عطلت نحو 80% من الأشغال في لبنان ومعها مداخيل مئات آلاف العمال والموظفين.

ولكن من أين يروي مزارعو البقاع أراضيهم؟

“نحن كمصلحة”، يقول علوية، “نظن أن هذه الأراضي تروى بمياه غير صالحة للري لكي لا نقول بمياه المجارير”، ليضيف أنه أبلغ المسؤولين كافة “أن الأمن الغذائي لا ينفصل عن سلامة الغذاء وعن الأمن الصحي، والأهم لا يمكننا السعي إلى تحقيق الأمن الغذائي عبر الري بالمجارير”. يفهم من كلام علوية أن بعض المسؤولين يغضون الطرف عن استخدام بعض المزارعين مياه الصرف الصحي ومياه نهر الليطاني الملوثة في ري مئات الهكتارات الزراعية بذريعة حاجة لبنان الحالية للغذاء وتعثر الصادرات وكذلك الزراعة.

القرعون إلى أين؟

يقول البروفيسور سليم “إذا ارتفعت درجات الحرارة، وهذا طبعا متوقع مع اقتراب فصل الصيف، ستتحلل السيانوباكتيريا بوتيرة أسرع، وستزداد الإنبعاثات والتكاثر والغازات وستتراكم في القعر كمواد عضوية منتجة للغازات الدفيئة، وقد يتوسع القطر الخطر من 500 متر إلى نحو ألف ليطال سكان البلدات المحيطة بالبحيرة. ومن المتوقع، وكما يحصل كل عام، “أن تشهد البحيرة أنواعا اكثر خطورة، وفق ما لمسناه في السنوات الماضية، كنوع السيانوباكتيريا المعروف ب Microcystis Aeruginosa، وهو أشد خطورة من النوع الحالي.

وينشر تسمم البحيرة بالسيانوباكتيريا “كوكتيل انبعاثات في الهواء يُعرف ب Cylindrospermopsine، ويحتوي هذا الخليط على السموم، وهو أخطر من غازات الكبريت والأمونياك والميتان لأنه قضى على التنوع البيولوجي في المياه، من طحالب وحيوانات مجهرية”. ويؤكد سليم أنه يعاني لدى مراقبته في المختبر عينات مياه البحيرة الملوثة بالسيانوباكتيريا من صعوبة في التنفس، “فكيف بالذين يعيشون على ضفافها بشكل دائم؟”.

المصدر : يا صور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!