جعنا ….ألا تعلم الدولة ذلك ؟…. بقلم زياد الشوفي

 

صدى وادي التيم – رأي رئاسة التحرير

 

جعنا ….ألا تعلم الدولة ذلك؟….

ألا تعلم الدولة بأن الجوع ينخر في عظامنا منذ سنوات طويلة…
ألا تعلم بأن الناس ثارت بعد أن نامت الاطفال دون عشاء… وبعد أن مات المرضى على أبواب المستشفيات
وتبخرت المدخرات في غياهب المصارف… وطُرد أبناؤنا من الجامعات بسبب عجزنا عن دفع الأقساط…

حاولنا الصمود على معسل الوعود…
مؤسساتٌ كتيرة، كبيرة وصغيرة، أقفلت أبوابها وصرفت موظفيها بعد أن جهدت لسنين لتثبت أقدامها في السوق، فجاء الهبوط الاقتصادي وتحطمت الآمال…. ولم يتبقَ لنا سوى الوعود…
تلك الوعود التي لا تُشبع جائعاً ولا تشفي مريضاً… ولا تسدّد قرضاً او سنداً…
الوعود التي احتلت مساحة كبيرة من أحلامنا لمدة ستة أشهر كاملة، على أمل أن نستقيظ يوماً ونجد الوعود أصبحت حقيقة…
سته شهور مرت عجاف علينا، مؤسساتنا لا تنتج الخبز اليومي الذي نحتاجه…
صرفنا موظفينا،قلصنا مصاريفنا، عدّلنا في نظام حياتنا، ألغينا الكثير من كمالياتنا، شطبنا الكثير من قائمة لائحة طعامنا، حذفنا السياحة من قاموسنا، ورضينا بما لايرضاه كريم في حياته…
ورغم ذلك الضيق استمرت مستحقاتنا الشهرية تعمل دون كلل، فواتير تسابق فواتير أخرى، تأتيك زرافات ووحدانا من كهرباء وهاتف وانترنت واشتراك مولد وقسط المدرسة وقرض البنك ولا أحد يبالي من أين يجب أن تسدد، المهم أن تسدد فالكبير لا يرحم أزمة الصغير ولا تعنيه أصلاً…
ومع كل هذا عضضنا على جرحنا الذي لم يعد يحمل العض والتزمنا الصمت والإنتظار…
فالكرامة كانت قوتنا اليومي ، أكلنا منها صباحاً وظهراً ومساءً، وكانت كافية والحمدلله…

فأطلّ كورونا برأسه … فزاد الطين بلة وأثقل كاهلنا.. فرضينا بالتدابير الوقائية قناعة… لأن الصحة آخر ما نملك في بلد صادَرَ كل المتبقي منا…
فأقفلت التعبئة محلاتنا ومؤسساتنا التي هي أصلاً تحتضر… على أمل أن تنتهي هذه الازمة سريعاً، ولكن ما توقعناه حدث، فالتعبئة مستمرة والوضع يسوء أكثر كل يوم… الخبز اليومي لم نعد نستطيع تأمينه، والفواتير تطاردنا إلى المنازل وتغتصب حرمة حجرنا…

ويلنا إذا فتحنا الباب أمام الجابي وويلنا اذا اعتذرنا منه، فنعتبر عصاة وخارجين عن القانون…

والدولة رغم كل هذا، تحتاج لشهرٍ كاملٍ مؤلف من ثلاثين يوماً، لتبتكر مشروعاً أو تسنّ قانوناً لتساعد مواطنيها، ليأتي أخيراً منقوصاً او مسيّساً أو ملغوماً…

وآخرها مساعدة ال400 الف ليرة لبنانية، والتي بدأ ينالها من يستحقها عن جدارة كمرحلة أولى، تلك الطبقة جاعت وعضت على جرحها… نالتها بكرامة من مؤسسة الجيش التي لا تجرح كرامة مواطن…

ومع ذلك جاءت لائحة المساعدات ببعض الأسماء التي هي أصلاً لم تعد على قيد الحياة !!! ترى حتى في هذه المرحلة المميتة سيدخل الغش والنصب والإحتيال، من قبل من كانوا مسؤولين عن وضع الأسامي المحتاجة ؟ كي يستفيدوا على حساب عائلات كان يجدر إدراج أساميها وهي أحق بتلك المساعدات؟

أما سؤالنا بعد هذه المقدمة الطويلة، ما مصيرنا نحن الذين أقفلت محلاتنا قسراً، وكيف سنتابع؟
وهل مفروض علينا أن نصل الى الجوع الكافر ليأتي دورنا؟ أو أن نخالف ونفتح محلاتنا ولا نبالي بالمنع ونحن نعلم بأن الغرامة بإنتظارنا؟ وكيف سنكمل أيامنا؟
ألا يحق لنا أن يُنظر بوضع كل المحال ألتي أجبرت على الاقفال وأن تحصل على تعويضٍ متواضعٍ لتتمكن من اجتياز هذه المرحلة الصعبة؟
أم أنه سيتضاعف حجم الطبقة المحتاجة عشرات بل مئات الالوف خلال وقتٍ قصيرٍ جداً؟

الا تعلم الدولة ذلك؟؟؟ …

كتب زياد الشوفي

الكاريكاتور : رسم د . علاء اللقطة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!