توقفوا عن استخدام الأوراق النقدية في زمن كورونا..
يخيّم على شوارع وأسواق العاصمة اللبنانية هدوء تام لم تعهده بيروت. لم يشهد سكان العاصمة وقفًا لكل أعمالهم وتفاصيل يومياتهم، كما هي حالهم اليوم مع التعبئة العامة التي فرضتها الحكومة لمواجهة وباء فيروس كورونا، حيث تخطى عدد المصابين بهذا الفيروس عتبة 333 حالة مع تسجيل خمس وفيات وشفاء 8 حالات، مما رفع من قلق المواطنين وتعطل أشغالهم.
صمت مطبق
يقول سيمون عبود، القاطن في شارع الحمرا، أحد أبرز وأشهر شوارع بيروت الاقتصادية والتجارية، إن “المدينة في صمت مطبق لم أعشه من قبل”، ويضيف لـ”الجزيرة” أن “فيروس كورونا أدخلنا في قلق على صحتنا، وقد جاء في توقيت سيئ للبنان الذي يعاني من انهيار مالي واقتصادي”.
ويوضح أن الأحوال الجديدة التي تمر بها البلاد ستفاقم من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في ظل حكومة شبه عاجزة عن مواجهة الفيروس المستجد والأزمة المالية وارتفاع نسب البطالة والفقر في البلاد.
ويتابع عبود أن مؤسسات شارع الحمرا التجارية كانت تعاني من تراجع في حركة البيع والشراء، وجاء فيروس كورونا ليزيد الطين بلة، وقد يؤدي إلى إغلاق مؤسسات جديدة بعد أن شهدت الأشهر الماضية إقفال عشرات المؤسسات والمحال التجارية.
عجز السلطة
تراكم الأزمات التي تلقي بثقلها على اللبنانيين، تقف حيالها السلطات شبه عاجزة عن تلبية بعض الخدمات ومساعدة الأسر الأكثر فقرا، وفي وقت تدرس الحكومة تقديم مساعدات غذائية واجتماعية لهذه الأسر وتخصيص مبالغ مالية لتغطية نفقات هذه المساعدات، سبقتها جمعيات أهلية واتحادات إغاثية.
فقد أقدمت هذه الجمعيات على تنظيم حملات تبرع وتقديم يد العون بمساعدات نقدية أو عينية للمحتاجين، أو للذين تضرروا من التعبئة العامة، وخصوصا الذين يعملون بالأجرة اليومية كسائقي سيارات الأجرة الذين يمنع عليهم نقل أكثر من راكب واحد في سياراتهم وإلا عوقب بغرامة مالية.
وأدى هذا الأمر إلى إقدام سائق سيارة أجرة على إضرام النار بسيارته في بيروت بعد تغريمه من قبل شرطة السير لمخالفته الإجراءات المتبعة لمواجهة كورونا.
كما منعت الشرطة بائعي الخضر والفواكه المتجولين على عرباتهم من ممارسة أعمالهم، إضافة إلى إقفال كافة المطاعم والمؤسسات السياحية والمقاهي والملاهي الليلة، مما رفع من نسب البطالة في البلاد خصوصا وأن غالبية العاملين في هذه المؤسسات يعملون بالأجرة اليومية أو برواتب متدنية، ولن يتقاضوا بدل تعطيلهم القسري، كما يقول عبود.
وباء اقتصادي
يقول الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين لـ”الجزيرة” إن أزمة وباء كورونا ستضاف إلى مجموعة الأزمات المالية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، موضحا أن من تداعيات كورونا الأولية تراجع الناتج المحلي بما لا يقل عن 40%، وهو قابل لزيادة التراجع.
كما أنه سيسجل ما نسبته 60% تراجعا في الاستيراد، ويقول ناصر الدين إنه من المبكر بشكل عام الكلام عن تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد الوطني اللبناني، “فالأزمة المالية سبقت تفشي هذا الوباء، وبالتالي فإنها ستتفاقم وترفع من نسب المديونية العامة للبلاد”.
ويرى ناصر الدين أن أمام لبنان فرصة للاستفادة من موارده البشرية بعد النكبة الاقتصادية والمالية التي أصابت الاقتصاد العالمي جراء كورونا، وهذا ما يشجع على اغتنام الفرصة والاعتماد على الإنتاج الوطني وتشجيع الصناعات الوطنية بدل الاستيراد من الخارج الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار سنويا.
ويضيف أن على الحكومة استغلال الركود الاقتصادي العالمي، والإسراع في تأسيس ووضع سياسة اقتصادية وطنية شاملة، وأن لا تتحكم المصارف في سياسة الدولة الاقتصادية.
المصدر: الجزيرة
في ظل انتشار فيروس كورونا في سائر أنحاء العالم، دعت منظمة الصحة العالمية إلى غسل اليدين جيداً بعد استخدام الأوراق النقدية، خاصةً قبل تناول الطعام، واصفةً هذه الخطوة بالممارسة الصحية الجيدة. وعلى الرغم من عدم تأكيد المنظمة إمكانية انتقال الفيروس المستجد عبر العملات الورقية، إلاّ أنّ أحد المتحدّثين باسمها حذّر من أنّ تبادل الأوراق النقدية واستخدامها يمثل مصدراً لنقل كل أنواع العدوى البكتيرية والفيروسية.
وكورونا- مثل الفيروسات التاجية الأخرى التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي وتظل باقية على أسطح الأشياء لأيام عدة- قد ينفذ إلى الجسم عن طريق الفم أو الأنف عند لمس الشخص وجهه بعد استخدام نقود ملوثة. وفي العام 2004، توصل باحثون في جامعة نيويورك إلى أن 5 من أصل 68 ورقة نقدية حملت بكتيريا قد تصيب أصح الأفراد بأمراض مختلفة، مقابل 59 ورقة أخرى تلوثت ببكتيريا يمكنها أن تصيب الفرد ضعيف المناعة بالسرطان أو الإيدز، في حين احتوت 4 أوراق فقط على نسبة أقل من البكتيريا. في السياق نفسه، قالت هيئة حماية المستهلك في روسيا إن عدوى كورونا يمكن أن تبقى نشيطة على الأوراق النقدية لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أيام. وعليه، أوصت الهيئة بأخذ التدابير المناسبة بعد استخدام النقود بتعقيم اليدين وعدم لمس الوجه قبل التطهير.
وفي هذا الإطار، عملت الصين بعد اندلاع وباء كورونا، وتحديداً في أوائل شباط الفائت، على استخدام الأشعة فوق البنفسجية لتعقيم النقود لديها والمتاحة في ماكينات الصرف الآلي مع عدم استخدامها قبل مرور نحو أسبوعين للتأكد من أنها آمنة.
وفي إيران، توقفت المصارف عن قبول الأوراق النقدية وتم تشجيع المواطنين على التوقف عن استخدام الأوراق النقدية وبالتالي الاعتماد على البطاقات اللاتلامسية في مسعى أرادت السلطات من خلاله احتواء تفشي المرض.
وفي مصر أيضاً، تم طرح البطاقات اللاتلامسية أمام عملاء كإجراء احترازي ضد انتشار كورونا عبر استخدام النقود الورقية أو المعدنية أو وسائل الدفع التقليدية.
كما بذل بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي جهودا للتأكد من أن الأوراق المالية غير ملوثة وأبطأ دورة تداولها لمدة من 7 إلى 10 أيام، وهو ما فعله بنك كوريا الجنوبية المركزي وسحب الأوراق النقدية من التداول لمدة أسبوعين، وفي بعض الحالات أحرقت نقود ورقية.
من جهته، أعلن البنك المركزي في كوريا الجنوبية عن وقف تداول جميع الأوراق النقدية لمدة أسبوعين، وحرق بعضها للحد من انتشار الفيروس. وفي باريس، قام متحف اللوفر بحظر استخدام الأوراق النقدية.
يُشار إلى أنّ بطاقات الائتمان والدفع عبر الهاتف المحمول تعتبر السائدة في السويد على سبيل المثال، حتى انخفضت معدلات التعامل النقدي بنسبة 80% خلال السنوات العشر الماضية، في ظل رفض معظم البنوك والمحال التجارية التعامل بالنقد. كذلك لم تعد النقود السائلة تلقى اهتماماً يذكر في هولندا، فهناك أعداد متزايدة من أصحاب المتاجر الهولندية يتعاملون فقط ببطاقات الخصم المباشر البنكية لكونها “أنظف” أو “أكثر أماناً”.
المصدر: وكالات