مخاوف من انفجار اجتماعي في لبنان بعد توقف عمل آلاف المؤسسات

«كورونا» كي يجد أصحاب الشركة التي نعمل فيها مبرراً لإعطائنا إجازة مفتوحة غير مدفوعة. فبعدما صرفوا عشرات الموظفين بعيد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ها هم اليوم يرسلوننا جميعاً إلى منازلنا، من دون أن يحددوا لنا أي موعد لمزاولة العمل مجدداً»، بمرارة تسرد لينا رزق حالها الذي يشبه أحوال المئات من اللبنانيين الآخرين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على ملازمة منازلهم بسبب فيروس «كورونا»، من دون أن يكون لديهم أي مدخول لتأمين المواد الغذائية والمواد الأساسية الأخرى، التي من المفترض أن توجد في أي بيت، خلال حالة الطوارئ الصحية والتعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة اللبنانية الأحد الماضي.

ولعل ما يفاقم أزمة لينا -الشابة الثلاثينية والأُم لثلاثة أطفال- أن الشركة التي يعمل فيها زوجها قررت أيضاً إقفال أبوابها، تنفيذاً للقرارات الحكومية، على أن يتم خصم الأيام التي يتغيب فيها الموظفون من عطلتهم السنوية، أما أولئك الذين استنفدوا أيام العطل، فيتم خصم رواتبهم.

ولا تقتصر الأزمة على الموظفين؛ بل تطال وبشكل أساسي اللبنانيين الذين يقومون بأعمال حرة، أو يمتلكون مؤسسات صغيرة يعتاشون منها. إذ مع قرار إقفال المطاعم، وجد المئات أنفسهم من دون مدخول، بعدما كانوا يعتمدون وبشكل أساسي على ما يجنونه من البيع في المطعم لتأمين احتياجات عائلاتهم.

ويؤكد عدد من الاقتصاديين أن لبنان أصبح على شفير أزمة اجتماعية؛ خصوصاً أن تداعيات أزمة «كورونا» أتت لتضاف إلى تداعيات أزمات سابقة، كان آخرها في 17 أكتوبر، ما أدى لإعلان الحكومة مؤخراً عدم قدرتها على تسديد ديونها بالعملات الأجنبية.

وبحسب الاتحاد العمالي العام، تأثر 220 ألف موظف بأزمة 17 أكتوبر، ففقد عدد كبير وظيفته، بينما تم حسم كبير من رواتب من لا يزالون يمارسون أعمالهم.

وتشير إحصاءات «الشركة الدولية للمعلومات» إلى أن عدد المصروفين من العمل منذ 17 أكتوبر بلغ حتى نهاية يناير (كانون الثاني) 12 ألفاً، في وقت تم فيه تخفيض رواتب 50 ألف موظف بنسبة تراوحت ما بين 20 و50 في المائة، أما عدد المؤسسات التي أقفلت منذ 4 أشهر حتى اليوم فبلغ ألفي مؤسسة فردية و150 مؤسسة صغيرة أو متوسطة، إضافة للإعلان عن إقفال أكثر من 780 مؤسسة تبيع الطعام والشراب.

ويستهجن رئيس الاتحاد العمالي العام بالإنابة حسن فقيه، الأخبار التي تصله عن إعطاء عدد كبير من الشركات، وخصوصاً تلك التي لا يمكن لموظفيها أن يعملوا من منازلهم، إجازات غير مدفوعة، مشدداً على أنه وفي ظل وباء يصيب الوطن، لا بل العالم كله، أقل الإيمان أن يكون هناك تضامن وطني واجتماعي. ويؤكد فقيه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه يتابع الموضوع مع وزيرة العمل، وأن الاتحاد لا يمكن أن يقبل الواقع الحالي، مضيفاً: «إن التعاطي بخفة من قبل بعض الشركات أمر لا يمكن أن نسكت عنه، في وقت الموظف فيه أحوج ما يكون لتأمين احتياجات عائلته».

من جهته، ينبه الخبير الاقتصادي جهاد الحكيّم إلى أن لبنان بات على عتبة كارثة اجتماعية. دون رواتب؛ بل على عدد كبير من اللبنانيين الذين يعتاشون من عملهم اليومي، سواء في المطاعم أو النقل العام أو غيرها من القطاعات.

ويوضح الحكيّم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تركيبة الاقتصاد اللبناني ترتكز وبشكل أساسي على السياحة والخدمات والمطاعم، وبالتالي وفي ظل عدم قدرتنا على تطوير اقتصاد المعرفة والعمل عن بُعد في السنوات الماضية، من المتوقع أن يتقلص حجم الاقتصاد بوتيرة كبيرة مع أزمة (كورونا)، علماً بأننا كنا نتوقع تقلصاً حتى قبل هذه الأزمة المستجدة، ما يهدد بانفجار اجتماعي وشيك».

بولا أسطيح – موقع القوات اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!