حياتنا دخلت نفق “كورونا”: ماذا تغير؟
غزا “كورونا” عالمنا. غيّر كل تفاصيل يومياتنا، وبدّل روتيننا الذي لطالما تذمّرنا منه.
لم تكن الحياة من قبل ـ خصوصًا في لبنان ـ مستقرّة.
كنا نعيش اضرابات الأوضاع الاقتصادية والاعتصامات والاشكالات اليومية بكثير من التشنج، حتى جاءنا الفيروس. بمواجهة “كورونا”، عشنا الصدمة. مجهول دخل عالمنا المضطرب، فزادنا اضطرابًا وقلقًا على المصير، فاق كل قلق السنين الماضية. كنا نتحسّب للأيام القادمة، بما تيسّر من مؤنة مال وغذاء، وقليل من الفرح نسترقه من أيام تطوي أعمارنا بسرعة. وفجأة، وقفنا، كما وقفت البشرية، عاجزين أمام مرض فتّاك لم يكن يومًا ضمن مفكرة أيامنا.
الأبناء في المنازل، حضانات الأطفال مقفلة، طلاب الجامعات في اجازة قسرية، والأمهات والآباء كذلك. لكنها ليست اجازة العيد، ولا فصل الربيع، ولا مناسبة الفرح ولا حتى العزاء، هي اجازة الوقاية والتحسب والحجر المنزلي. حتى دوام العمل الذي قضينا عمرًا نتذمّر من مواعيده وروتينه القاتل، بات ضمن اللائحة الطويلة للمحظورات “المرغوبة”.
المكاتب التي اعتدنا أن تكون وجهتنا اليومية مع كل صباح، فقدت ضجيجها المعتاد، وتبدّلت الحيوية إلى سكون. حتى ضوء المكان تغيّر. في زمن “كورونا”، لا يحضر الى العمل الا قلّة، فيما يعمل سائر الموظفين على تسيير أعمالهم من منازلهم. كل تلك التحيات الصباحية، وتبادل الأسئلة المهنية، والضحكات، وحتى “الشجارات” اليومية الخفيفة، خفتت، وتبدّلت الى صمت يعمّ المكان. صمتٌ يشبه هذا المرض “المنحوس”، ثقيلٌ على القلب والروح.
المرض الذي ما تزال الكثير من جوانبه مجهولة، كان حائلًا حتى عن وداع عادي بين الموظفين. تحيات من بعيد وعبارات من قبيل “منشوفكن، عسلامة، منلتقى” كانت هي آخر ما قاله الموظفون، قبل أن يعود كلّ الى منزله، ويغلق باب غرفته، مختليًا بشاشة كومبيوتر، هي الرابط الوحيد مع العالم الخارجي. أمّا المكاتب في العمل، الأروقة هناك، والغرف، فبقيت وحيدة. وبعد أن كانت “المنزل الثاني”، تحوّلت الى تهديد.
في موسم “كورونا” الطويل، يطلق الأفراد الكثير من النكات على مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الغزارة في الفكاهة تخفي خلفها الكثير من القلق، والعجز، ومحاولة التمسّك بضحكة ما قبل الغرق في الكثير من اليأس المنبعث من أخبار الموت في العالم على أبواب المستشفيات، والشوارع الخالية من روادها، وتهديد الفيروس الذي يلاحق الأفكار أينما هربت.
في عتمة “كورونا”، وما يرافقها من تداعيات نفسية واجتماعية واقتصادية، يقف العالم عاجزًا، حيث لا منجي الا بعض الأمل، والكثير من الدعاء والوقاية.
منقول عن التواصل الاجتماعي