معلومات مضلّلة عن الكورونا: مؤامرة، يانسون وخفافيش ومحلول محلي عجائبي، وملايين يُصابون
أكثر من 24 الف إصابة بفيروس كورونا المستجد في الصين. 500 وفاة حتى اليوم. نحو 56 مليون شخص معزولون في مقاطعة هوباي الصينية، وأكثر من 20 بلدا آخر اصيبت بالفيروس، وفقا لأحدث المعطيات حتى الساعة. والمخاوف العالمية متصاعدة. في ظل هذه الاجواء، تنتشر معلومات مضللة أو اخبار كاذبة بكثافة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، على وقع تقدّم فيروس كورونا المستجد. وقد جمعنا لكم في هذه المقالة عددا من هذه المعلومات او الاخبار الكاذبة المنتشرة على حسابات اجنبية وعربية… لتنبيهكم.
1-“اليانسون مضاد حيوي ضد فيروس كورونا الجديد”:
ردا على اتصال “النهار”، أكدت الدكتورة ندى غصن، رئيسة برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة، ان “لا اثبات علميا ان اليانسون مضاد حيوي للفيروس او علاج له”، كما يتم زعمه. وشرحت: “لقد وجدنا مقالات علمية حول اليانسون (pimpinella anisum) وتأثيره المضاد للأكسدة والفيروسات والجراثيم. وقد أظهرت الدراسات المخبرية بعض التأثيرات له. لكن ثمة حاجة الى إجراء مزيد من الدراسات لتأكيد ذلك”.
وفقا لموقع “كل يوم معلومة طبية” المتخصص بالمواضيع الطبية والصحية، “اليانسون من الأعشاب الصحية جداً والمفيدة لجسم الإنسان… ويحتوي على العديد من الفيتامينات وبعض المعادن الهامة مثل الكالسيوم، الفسفور، الزنك، النحاس، الحديد، البوتاسيوم، إضافة إلى البروتين، والكربوهيدرات، والألياف”. ومن الفوائد التي تعطى اليانسون، “علاج اضطرابات الجهاز الهضمي، عسر الهضم، تهدئة آلام المعدة، التخلص من انتفاخات البطن والغازات، والوقاية منها إضافة إلى أهميته في علاج قرحة المعدة. كذلك، يعتبر من أشهر المشروبات الطبيعية التي يتم استخدامها في علاج الأرق، بحيث يحتوي على مركبات طبيعية تساعد على استرخاء الأعصاب والمساعدة على النوم…”.
يجدر التذكير بما تقوله منظمة الصحة العالمية عن علاج فيروس كورونا المستجد: “لا توجد أي علاجات محددة لهذا النوع من الفيروسات، ويعتمد العلاج على الأعراض السريرية. وتوجد علاجات قيد الاستقصاء، من خلال تجارب عن طريق الملاحظة وتجارب سريرية يخضع لها المرضى المصابون بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية”.
2-يجب توقّع إصابة 3,5 ملايين شخص”:
منذ انتشار فيروس كورونا المستجد، نشط بعض مستخدمي الإنترنت في وضع تنبؤات حول مسار الوباء وسعة انتشاره. وتم تناقل جدول، لا سيما عبر تويتر، يتوقع تسجيل أكثر من 3.7 ملايين اصابة في كل أنحاء العالم بحلول 14 شباط. “سيناريو مثير للقلق يعتمد على طريقة حساب غير معروفة، وبالتالي غير قابل للاستخدام من الناحية العلمية”، وفقا لما يقول موقع “الفيغارو“.
و”إذا كان من المستحيل في الوقت الحالي تحديد تطور الوباء”، على ما يضيف الموقع، “فقد بدأت دراسات أولية تنتشر. وإحداها (هنا) نشرها ثلاثة بحاثة على الإنترنت في 28 كانون الثاني 2020. وتتوقع في أسوأ السيناريوات، تسجيل 100 الف إصابة، كحد اقصى، حتى بداية نيسان”.
يجدر التذكير بأن حصيلة الوفيّات المؤكّدة في الصين من جرّاء فيروس كورونا المستجد ارتفعت إلى 490، بعدما أعلنت سلطات مقاطعة هوبي أنّها أحصت، الأربعاء 5 شباط 2020، 65 حالة وفاة جديدة (وكالة فرانس برس). وأظهرت أرقام اللجنة الصحّية، في تقريرها اليومي، ارتفاع عدد الإصابات المؤكّدة في الصين إلى 24324. وقد اصاب أكثر من 20 ألفا في الصين (وكالة فرانس برس، الثلثاء 4 شباط 2020). وخارج الصين القاريّة، أصيب بالفيروس التنفّسي المميت أكثر من 200 شخص في نحو 20 بلداً. وسجلت وفيتان في كل من الفيليبين وهونغ كونغ.
3-الفيروس تمّ صنعه في مختبر وتمّ إطلاقه عن قصد:
وفقا لمنشورات تم تداولها على الشبكات الاجتماعية (مثل هنا، هنا، هنا، هنا، هنا)، فإن الفيروس الجديد صنعته الولايات المتحدة من أجل الاستفادة من بيع لقاح افتراضي له. وقد أرفقت المنشورات بصورة لوثيقة من المفترض أن تكون براءة اختراع الفيروس. وقد أمكن الصحافيون المدققون في الاخبار والصور في صحيفة “لوموند”، Les Décodeurs، من اظهار ان “براءة الاختراع هذه تتعلق في الواقع بالفيروس المسؤول عن السارس منذ عام 2002، وليس بفيروس كورونا الحالي. وفي الواقع، لا يوجد لقاح متوفر في المدى القصير لهذا الفيروس غير المعروف من قبل” (هنا، لوموند، 27 كانون الثاني 2020).
وأوضح فريق التقصي الفرنسي ان “تسجيل براءة اختراع فيروس لا يعني أنه تم صنعه في مختبر”. وقال: “ليس الغرض من براءة الاختراع التي قدمها العلماء عام 2003” بشأن فيروس سارس “حماية الاختراع، بل التأكيد أنهم أول من نجحوا في عزل هذا الفيروس في المختبر، وهذه خطوة أساسية في البحث العلمي والبحث عن علاجات له”.
من جهته، علّق فيبين نارانغ، الأستاذ الجامعي في معهد ماساتشوستس للتقنية، على تلك النظرية في تغريدة على تويتر، قائلا: “لا يوجد دليل على أن الفيروس سلاح بيولوجي، وأي مزاعم تؤيد ذلك ستساهم في نشر معلومات خاطئة بشكل غير مسؤول. وإن صحت تلك الادعاءات فسيكون ذلك السلاح البيولوجي سيئا للغاية، لأن السلاح البيولوجي القوي ينبغي أن يكون أكثر فتكا وأقل انتشارا” (بي بي سي، 2 شباط 2020).
يجدر التذكير بأن السلطات الصينية أعلنت ظهور حالات التهاب رئوي حادّ مصدره مجهول في مدينة ووهان التي تعدّ 11 مليون نسمة، وهي عاصمة مقاطعة هوباي. ورُصد الفيروس في سوق لبيع ثمار البحر والسمك بالجملة. وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية الانذار الأول بشأن الفيروس في 31 كانون الأول 2019 (وكالة فرانس برس، 3 شباط 2020).
4-“البضائع المستوردة من الصين قد تكون ملوّثة بفيروس كورونا المستجد”:
تم تناقل منشورات على نطاق واسع (مثل هنا، هنا، هنا، هنا، هنا)، لا سيما عبر الواتساب (هنا)، للتحذير من “وجوب الامتناع عن لمس البضائع المستوردة من الصين، نظرا الى خطورة انتقال الفيروس عبرها”. غير ان تطمينات طبية صدرت في هذا الشأن، لتضع حدا لهذه الشائعات. في لبنان، أكدت رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة الدكتورة عاتكة بري ان “الفيروس لا ينتقل عبر البضائع المستوردة من البلدان المصابة، لأنه ينتقل عبر الأجسام الحية” (وزارة الصحة، 3 شباط 2020).
وفي فرنسا، أجابت وزارة الصحة عن هذا السؤال (2 شباط 2020) بالقول: “في ضوء البيانات المتوفرة عن بقاء فيروسات كورونا على قيد الحياة في البيئة الخارجية (بضع ساعات على الأسطح الجافة الخاملة)، ومع مراعاة أوقات النقل مع الصين وظروفه، فإن خطر الإصابة بفيروس كورونا الجديد عبر لمس غرض مستورد من الصين يُعتبر ضعيفا للغاية”. وذكرت بأن “تدابير النظافة القياسية (غسل اليدين، تنظيف الأسطح) فعالة”.
يجدر التذكير بأن فيروس كورونا المستجد “فيروس حيواني المصدر، ينتقل الى الإنسان عند المخالطة اللصيقة لحيوانات المزرعة أو الحيوانات البرية المصابة بالفيروس. كذلك، ينتقل عند التعامل مع فضلات هذه الحيوانات”، وفقا لمنظمة الصحة العالمية (هنا). ولفتت الى انه “وفقًا لأحدث المعلومات، يتضح أنه يوجد على الأقل شكل من أشكال انتقال المرض بين البشر، لكن لا يتضح إلى أي مدى. وتُعزز هذه المعلومات حالات العدوى بين العاملين في مجال الرعاية الصحية وبين أفراد الأسرة…”.
5-“الصينيون يأكلون الخفافيش، وهذا ما تسبب بالوباء”:
وقد تناقلت حسابات وصفحات، على نطاق واسع، فيديوات وصورا (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا وادناه) لأشخاص يتناولون حساء الخفافيش، او لحم الخفافيش او غيره، مع زعم هذا الحساء يتسبب بفيروس كورونا المستجد. وقد اثارت تلك الفيديوات ردود فعل مستاءة، بحيث حمّل مستخدمون كثر هذه التقاليد الغذائية السيئة مسؤولية انتشار الفيروس.
غير أن الفيديو أعلاه لا علاقة له بالصين، ولا بووهان، ذلك انه يعود الى عام 2016. ووفقا للصحافيين المدققين في هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية “بي بي سي” و”الغارديان“، فإن الشخص الذي يظهر في الفيديو هي “المدونة الشهيرة ومضيفة برامج السفر الفنانة الصينية وانغ مينغيون Mengyun Wang التي أوضحت أن الفيديو المتداول يعود إلى عام 2016 عندما كانت تقضي عطلتها في جزر ميكرونيزيا الفلبينية”، على قولها. واشارت الى أنها “تلقت تهديدات بالقتل منذ ظهور شريط الفيديو هذا الشهر (كانون الثاني 2020)”.
ما صحة الزعم ان تناول الخفافيش وراء انتشار الفيروس؟
تقول منظمة الصحة العالمية انه “لم يتم بعد تحديد المصدر الحيواني لفيروس كورونا المستجد. وهذا لا يعني أنه يمكنك التقاطه من أي حيوان أو من حيواناتكم الأليفة. من المحتمل أن يكون مصدر حيواني من سوق حيوانية حية في الصين مسؤولاً عن بعض الإصابات البشرية الأولى المبلغ عنها. ولحماية انفسكم، عند زيارة أسواق الحيوانات الحية، تجنبوا الاتصال المباشر غير المحمي بالحيوانات الحية والأسطح الملامسة للحيوانات”.
نقطة اخرى مهمة: “يجب تجنب استهلاك المنتجات الحيوانية الخام أو غير المطهية جيدًا. يجب التعامل مع اللحوم النيئة أو الحليب أو الأعضاء الحيوانية بعناية، لتجنب تلوث الأطعمة غير المطهية، بحسب ممارسات سلامة الأغذية الجيدة”.
وفي هذا الاطار، توضح وزارة الصحة الفرنسية انه “عندما يتم طهي اللحم، يتم تدمير الفيروسات”. وتحذر من ان “استهلاك المنتجات الحيوانية غير المطبوخة جيدًا أو غير المطهية جيدًا، بما في ذلك الحليب واللحوم، يمثل خطرًا كبيرًا من الإصابة بعدوى من مجموعة واسعة من الكائنات التي يمكن أن تسبب بالمرض لدى البشر”.
6- “محلول ملحي علاج عجائبي لشفاء فيروس كورونا المستجد”:
زعمت العديد من المنشورات على تويتر وفيسبوك والشبكة الاجتماعية الصينية ويبو Weibo، منذ 20 كانون الثاني، أن اختصاصيا صينيًا بالطب التنفسي، تشونغ نانشان Zhong Nanshan، ينصح الناس بـ”مضمضة حلوقهم بمحلول ملحي قبل الذهاب إلى المستشفى أو الى أي مكان عام آخر، ومضمضتها مجددا بعد عودتهم إلى المنزل” (وكالة فرانس برس، هنا).
غير ان المستشفى الذي يعمل فيه الفريق الطبي لنانشان “دحض طريقة الوقاية الزائفة تلك، على ويبو في 22 كانون الثاني”، على ما اورد فريق تقصي الحقائق في الوكالة الفرنسية. ونقل عن فريق نانشان: “في الآونة الأخيرة، زعمت شائعة تنتشر على الإنترنت أن الأكاديمي تشونغ نانشان ينصح بمضمضغة الفم بمحلول ملحي لتجنب الإصابة” بالفيروس. فريق الدكتور تشونغ يدحض هذه الشائعات: الماء المالح ينظف الفم والحنجرة، ويمكن أن يساعد في علاج التهاب البلعوم. غير ان فيروس كورونا يصيب الجهاز التنفسي الذي لا يمكن تنظيفه بمضمضغة الفم”. وخلص الفريق إلى انه “لم يتم اكتشاف أن المياه المالحة يمكن أن تقتل الفيروس الجديد. يرجى عدم تصديق هذه الشائعات وعدم نشرها”.
ردا على سؤال الوكالة الفرنسية، قالت منظمة الصحة العالمية إنه “لا يوجد دليل على أن مضمضة الفم بالمياه المالحة يمكن أن تمنع الإصابة” بفيروس كورونا المستجد.
ويجدر التذكير بأن المنظمة الدولية توصي البلدان والأفراد بالآتي: “غسل اليدين بالصابون والماء أو فرك اليدين بمطهر كحولي؛ تغطية الفم والأنف بقناع طبي أو منديل أو الأكمام أو ثني الكوع عند السعال أو العطس؛ تجنب ملامسة أي شخص مصاب بأعراض زكام أو تشبه الأنفلونزا من دون وقاية، والتماس الرعاية الطبية في حال الإصابة بحمى وسعال وصعوبة في التنفس؛ وعند زيارة الأسواق المفتوحة، تجنب الملامسة المباشرة من دون وقاية للحيوانات الحية والأسطح التي تلامسها الحيوانات؛ طهي الطعام جيدًا، وبالأخص اللحوم”.
7-“مستشفى تم بناؤه في ووهان الصينية في غضون 16 ساعة فقط”:
وقد تمت مشاركة صورة (ادناه)، مئات المرات على تويتر وفيسبوك، مع زعم أنها تظهر مستشفى جديد في ووهان تم بناؤه خلال 16 ساعة فقط، لمرضى فيروس كورونا الجديد، وفقا لما أورد فريق تقصي الحقائق في وكالة فرانس برس.
في الواقع، هذه الصورة لمبنى عشوائي (هنا) يتم تداولها عبر الإنترنت منذ كانون الثاني 2019 على الأقل، وفقا لما توصل اليه فريق الوكالة الفرنسية (هنا).
يجدر التذكير بأن “الصين انهت بناء مستشفى لمرضى فيروس كورونا المستجد خلال 10 أيام” (وكالة فرانس برس، 4 شباط 2020). وذكرت في تقريرها ان “مستشفى ميدانيا شيدته الصين خلال 10 أيام، بدأ باستقبال مرضى فيروس كورونا المستجد في ووهان، بهدف تخفيف الضغط عن المستشفيات المكتظة في هذه المدينة الصينية التي بدأ منها تفشي الفيروس”.
وتتسع هذه المنشأة لنحو ألف سرير، بحيث بثت القنوات التلفزيونية عبر الانترنت مباشرةً ولمدة 24 ساعة يومياً، انكباب 4 آلاف عامل مع معدات الحفر لإنهاء العمل”، على ما ذكرت الوكالة، مشيرة الى ان “المنشأة التي منحت اسم “هيوشنشان” وضعت تحت سيطرة الجيش، وهي واحدة من مستشفيين مجهزين مسبقاً تقرر تشييدهما بهدف تخفيف الضغط عن المؤسسات الصحية في هذه المدينة الكبيرة التي يقطنها 11 مليون شخص، والتي تواجه تدفقاً غير اعتيادي من المرضى”.
8-الحفاظ على رطوبة الحلق عبر شرب الماء لمنع فيروس كورونا المستجد:
وقد انتشر العديد من المنشورات على مختلف المنصات الاجتماعية (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا)، والتي تدعو الى “شرب الماء لترطيب الحلق، منعا لفيروس كورونا المستجد”، مستندة الى بيان مزعوم باسم وزارة الصحة الكندية. غير ان فريق التقصي في وكالة “فرانس برس” لاحظ ان لا يوجد في كندا جسم يدعى Ministère canadien de la Santé، وفقا لما يرد في البيان المزعوم، بل هناك ما يسمى Santé Canada او Health Canada (اي صحّة كندا).
وردا على اسئلة وكالة فرانس برس، أكدت السلطات الصحية الكندية أنها ليست مصدر النصائح التي تضمنها البيان المتناقل على وسائل التواصل. وبمراجعة نصائح الوقاية الخاصة بها (هنا) حول فيروس كورونا المستجد، يتبين ان شرب المياه ليس جزءًا منها، على ما تبين لفريق التقصي في الوكالة الفرنسية.
النهار