أمين حطيط: صفقة القرن قد تطيح بمزارع شبعا والحدود الدولية
أكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط أن “صفقة القرن نوع من المغامرات غير المحسوبة العوائق والنتائج وغير المستجمعة الشروط للنجاح، وهي أقرب الى المغامرة المقامرة منها الى مشروع حلّ، لانها تفتقد الى اي عنصر من عناصر النجاح الأكيد، فدائماً نرى ان اي عرض لحل تسوية او حل نزاع يمكن ان يقارب من زاوية ضمن زاويتين، اما من زاوية الشرعية القانونية واما من زاوية القوة التي تفرض نفسها، فمن ناحية الشرعية القانونية ان هذه الصفقة تفتقد كلياً لاي شيء من عناصر الشرعية الدولية وليس فيها شيء شرعي، اما من ناحية القوة المادية فمن المعلوم ان هذه الخطة يرفضها محور المقاومة الذي يمتلك القدرات الهائلة على الارض والتي تمنع فرض القرار الاميركي بالقوة، ولو كان الاميركي والاسرائيلي يستطيعان فرض نفسيهما في الميدان لما كانا يستجديان ويستغيثان بالحرب الاقتصادية والتضييق على مكونات محور المقاومة، لذلك نحن نقول ان هذه الخطة تفتقد الى عناصر التنفيذ ولا تستند الى اي عامل منطقي يمكن القول بامكانية نفاذها فهي مغامرة مقامرة لا أفق لها”.
ورداً على سؤال لفت العميد حطيط في حديث خاص لموقع “المرده” الى ان : “لا علاقة لخطة ترامب باتفاقية “اوسلو” التي تكون قد مهّدت لمثل هذه الخطط الجنونية ولكن لا ترتبط بها من حيث المضمون، وصفقة القرن هي “خطة” ولا نستطيع ان نسميها صفقة وهي تعتبر الحلقة النهائية من حلقات تنفيذ وعد بلفور الصادر عام 1917، وقد تم تنفيذ مرحلة التهيئة القانونية وبعدها التهيئة الديموغرافية وتبعها التهيئة السياسية ثم التمدد الطبيعي، والآن نحن امام المرحلة النهائية من تنفيذ الوعد، اي بصيغة أخرى أقول انه وبعد 103 سنوات مضت على اطلاق وعد بلفور جاء من ينفذ مرحلته النهائية او يعرض تنفيذها، ولكن باعتقادي ان الامور والبنية الشرق اوسطية والبيئة الاستراتيجية الدولية العامة باتت في مكان آخر ولا تتيح تنفيذ مثل هذه الصفقة ولا باي شكل من الاشكال”.
وحول التداعيات التي قد تترتب على لبنان نتيجة هذه الصفقة، أجاب العميد حطيط: “لبنان متضرر من هذه الخطة بعنوانين: العنوان الاول ديموغرافي سياسي والعنوان الثاني هو الارض والحدود”.
وأوضح حطيط في هذا الاطار أنه في العنوان السياسي الديموغرافي فان هذه الخطة قد تفرض توطين نصف مليون فلسطيني في لبنان، و”لبنان ليس بذاك البلد الكبير الذي لديه عشرات الملايين من السكان بل يبلغ تعدادهم فقط اربعة ملايين نسمة، واذا اضيف نصف مليون نسمة، فهذا الامر يعتبر تغييراً في الخريطة الديموغرافية في لبنان ومسّاً بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني مما يؤدي الى خسارته الهوية الوطنية، ولو أردنا كيفية مقاربة نقطة توطين اللاجئين في التوقيت لخلُصنا الى القول بان هذه الخطة تطيح بحق العودة ولبنان متضرر من هذه النقطة”، كاشفا ان الاخطر هو العنوان الثاني لان هذه الخطة تشطب حدود لبنان الدولية وتجعل الخط ما بين لبنان وفلسطين المحتلة خطاً مؤقتاً قابلاً للتفاوض بشروط اسرائيلية وبرعاية أميركية وقد تطيح هذه الخطة بمزارع شبعا فقد سلخت بشكل نهائي وضمّتها الى “اسرائيل” وأعود الى الحدود البرية فلو تم التفاوض بالشروط الاسرائيلية فيها فهذا يعني ان اسرائيل ستقتطع 16 منطقة من لبنان طالبت بها في العام 2000 ولم تستطع الحصول عليها لأننا رفضنا أما اليوم وبشروط الصفقة فأعتقد انها تريد ان تقتطعها”.
وتساءل من يضمن الا تكون اسرائيل ترغب بالوصول الى الليطاني طالما ان هناك لا شرعية في هذا الموضوع؟.
واستطرد العميد حطيط قائلاً: “أما بالنسبة للمنطقة الاقتصادية التي تريد “اسرائيل” ان تقتطع منها 862 كليومترا، هذا الامر ايضا لا تقاربه الخطة بشكل صريح ولكن بشكل ضمني عندما تؤمم الحدود البرية سيتبع ذلك تهديد لهذه الحدود، وبالتالي لبنان متضرر بالارض وبالثروة وبالديموغرافيا وبالسياسة وهذا ما يجعله احد الضحايا الكبار من خطة ترامب”.
وعما اذا كان الشعب الفلسطيني يمتلك مقومات الصمود لجهة م ق ا و م ة هذا القرار، لفت العميد حطيط الى أن “مفتاح المواجهة هو بيد الفلسطينيين لأن هذه الخطة الاجرامية لا يمكن اسقاطها الا اذا توفر اجماع فلسطيني على رفضها، وطالما ان الفلسطينيين لم يقدموا ولن يقدموا شريكاً في التنفيذ في هذه الصفقة فلن تنفّذ حتماً، أضف الى ذلك أن الفلسطينيين ليسوا كما يقول البعض مستضعفين ومنعزلين او مستفردين بل هم محتضنون من محور ا ل م ق ا و م ة الذي يسجل الانتصارات من العراق الى سوريا فلبنان، وانا لا اعتقد أن مكونات محور ا ل م ق ا و م ة اي ايران وسوريا ولبنان وا ل ح ز ب ستترك الفلسطيني يتخبط بمفرده في المواجهة، وبالتالي فان الاجماع الفلسطيني الرافض للخطة والدعم من محور المقاومة كفيلان باسقاط الخطة بشكل مؤكد”.
كيف يمكن ان يكون ردّ محور ا ل م ق ا و م ة على خطة ترامب التي وُصفت بـ”صفقة العار”؟ سؤال رد عليه العميد بالاشارة الى أن “هذه الخطة فيها مسائل تنفيذية: فلنأخذ مثلاً مسألة لبنان، وقد ذكرت سابقاً التوطين والحدود، وطالما ان لبنان لن يستجيب لموضوع التوطين فلن تنفذ فقرة التوطين، وطالما انه لن يستجيب لفقرة رسم الحدود الجديدة فان أحداً لا يستطيع ان يفرض عليه حدوداً، واذا قررت اسرائيل اللجوء الى القوة فان سلاح المقاومة سيكون لها بالمرصاد، مضيفاً: “ايضاً بالنسبة للفلسطينيين فلنأخذ مثلاً فقرة تجريد ح م ا س و ا ل ج ه ا د ا ل ا س ل ا م ي وا ل م ق ا و م ي ن في غزة من سلاحهم، وطالما رفضت هذه الجهات تسليم السلاح فان اسرائيل لن تستطيع ان تدخل في حرب لمواجهتها”.
وختم العميد حطيط مؤكدا ان “اسرائيل” وأميركا لن تستطيعا تنفيذ هذه الخطة الا بالقوة وهما عاجزتان عن اللجوء الى القوة لفرضها كما تشاءان، مشيراً الى أن محور ا ل م ق ا و م ة قادر على المواجهة العسكرية في الميدان وقادر على افشال هذه الخطة.