“ إنقلابٌ ” في وزارة الدفاع !

“ليبانون ديبايت” – ملاك عقيل

بالرغم من التسريبات التي واكبت عملية التفاوض حول الحكومة في الاسابيع الماضية، فإنّ أكثرَ من إسمٍ شكَّلَ علامة فارقة مقارنةً بمراسيم تأليفِ الحكومات السابقة. تعيين إمرأة نائب رئيسِ الحكومة ووزيرة الدفاع. مفاجأة من العيار الثقيل تجاوزت بصداها تلك التي فاجأ بها الرئيس سعد الحريري اللبنانيين في حكومة العهد الثانية حين ترك حتى اللحظة الاخيرة إسم وزيرة الداخلية ريا الحسن في جيبهِ.

خيارٌ نوعيٌّ تعود براءة الاختراع فيه حصرًا الى الرئيسِ المُكَلَّف حسان دياب الذي جَنحَ نحو كوتا نسائيّة طافحة في الحكومة، وإن كان من طرحَ الإسم بدايةً هو الوزير جبران باسيل.

الوافدة الى اليرزة، ستكون أوَّل وزيرة دفاعٍ في منطقةِ الشرق الاوسط والخليج العربي. وبالتأكيد، فإنّ وَقعَ وصولها الى مكتبها في وزارة الدفاع لا يشبه، بالنسبة الى الضباطِ والعسكريين، قدوم أيِّ وزير دفاع آخر! خيارٌ انقلابيٌّ سيكون قيد التجربةِ طوال الولايةِ الحكوميّةِ.

دياب المندفع لتشكيل حكومة تشكِّل صدمةً ايجابيّةً لدى الرأي العام، “زكّى” خيار تعيين إمرأة نائب رئيسِ الحكومة ووزيرة دفاع في الوقتِ نفسه. وتجزم مصادره، أنّ إسمَ زينة عكر عدرا، زوجة الباحث والمُلمّ في علم الآثار ومدير عام شركة “الدولية للمعلومات” جواد عدرا، قد طرح بعد فترة على انطلاق عملية التشاور حول الاسماء، مع العلم، أنّ الاسم أتى نتاج توافقٍ مشتركٍ بين الرئيسِ المُكَلَّف ورئيسِ الجمهورية ميشال عون والوزير جبران باسيل في الساعات الاخيرة.

وكان إسم جواد عدرا قد لَمَع لأسابيعٍ في سوقِ التفاوض الحكومي أبَان تشكيل الحريري حكومته الاخيرة حين اصطدمَ بعقدةِ توزير “اللقاء التشاوري”. جالَ إسمُ جواد عدرا لأيّامٍ بين المقرّات، واختير النائب قاسم هاشم ليطرح اسمه على ورقةٍ داخل ظرفٍ خلال اجتماعٍ لأعضاء اللقاء، لكن “التخريجة” لم تكن كافية حيث أنّ شروطَ باسيل التي اصطدمت بشروط أعضاء “التشاوري” بإعلان عدرا انضمامه الى “اللقاء” أفسدت الطبخة الحكومية التي كان وافق عليها الرئيس الحريري الى أن رسا الخيار لاحقًا على الوزير حسن مراد ممثلًا لـ “التشاوري” في الحكومة.

وتفيد المعطيات، بأنّ إسمَ زينة عكر الذي طُرِحَ بداية من جانب باسيل بموافقةٍ تامةٍ من الرئيس المُكَلَّف المُتحمِّس لخيار تعيين إمرأة في هذَيْن الموقعين، قوبلَ في أول مرحلة برفضِ رئيس الجمهورية الذي لم يكن ميّالًا لتعيين إمرأة في وزارة الدفاع بل ضابط سابق. وفي فترةٍ لاحقة طرح إسم العميد المتقاعد ميشال منسى الذي لم يلقَ القبول لدى قوى سياسية مؤثرة، كما جرى التفاوض حول دمجِ الموقعين أو فصلهما. وكان لافتًا، أنّه قبل صدور مراسيم الحكومة بوقتٍ قصيرٍ، جرى التداول بإسم بترا خوري (36 عامًا) الدكتورة والباحثة في مجال الطب، وهي قريبةٌ من التيار الوطني الحر، لكن رئيس الجمهورية رفض بسبب صغر سنها، كما كان الاختيار قد وقع اصلًا على زينة عكر عدرا.

وزيرة الدفاع ونائب رئيس الحكومة هي من كفرحزير- الكورة في الشمال. تشغل موقع المديرة التنفيذيّة لـ “الدولية للمعلومات”، وتشرف على مجلة “الشهرية”. وقد أسّست مع زوجها جواد عدرا متحف نابو في الهري في أيلول 2018.

كما أنها ناشطة في لجنة الاهل في مدرسة “IC”. تعرف بعلاقاتها القوية جدًا مع الاميركيين، كما أنّ عمّها غابي عكر كان يشغل منصب مستشار في السفارة الاميركية في عوكر حتى العام 2005، قبل استلام فادي حافظ المنصب نفسه.

وبخلاف ما تمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ زينة عدرا ليست قوميّة سوريّة، ولا صلة تربطها بالحزب، بل إنّ زوجها جواد عدرا تربّى في “بيتٍ قوميٍّ”، حيث أنّ والده نديم عدرا كان ينتمي الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، لكن خلال الحرب غادرَ الى أبو ظبي وأنشأ “صحيفة الخليج”، فيما تابع جواد عدرا دروسه في الولايات المتحدة الاميركية.

وزينة عدرا هي جارةُ الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط. المربّع الامني لرئيسِ الحكومة السابق. وهي وزوجها صديقان للرئيس الحريري وإبن عمته نادر الحريري. تطلّ شقتهما على “بيت الوسط”، ويخضع دخولهما وخروجهما الى المربّع الأمني للاجراءات نفسها التي تطاول سكان المنطقة المعزولة أمنيًا.

وبالتأكيد مع تعيين عدرا وزيرة للدفاع، فإنّ محيطَ بيت الوسط سيخضع لترتيباتٍ أمنيّةٍ جديدةٍ. وهي إجراءات اعتيادية تطاول عادة بعض منازل الوزراء من اصحاب المواقع الحسّاسة كالداخلية والدفاع!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!