مستوردو الأجهزة الطبية: المرضى أمام الموت البطيء!
ما زالت أزمة إنقطاع المُستلزمات والأجهزة الطبية التي كانت متوقعة منذ إندلاع أزمة الدولار قبل نحو شهرين تتفاقم.
نقصٌ حادٌ في الخيطان المُستخدمة في العمليات الجراحية، إنقطاع نوعين من الغاز المستخدم للتخدير، إعادة إستخدام المعدات الطبية التي يجب أن تُستخدم لمرة واحدة كالفلتر والمشرط الكهربائي وغيرها بعد تعقيمها، تقنين في جلسات غسيل الكلى (…). هذه بعض «ملامح» تفاقم أزمة إنقطاع المُستلزمات والأجهزة الطبية التي كانت متوقعة منذ إندلاع أزمة الدولار قبل نحو شهرين.
«ليكن الله في عون من يدخل مُستشفى في الظروف الراهنة». هكذا يُعلّق عضو تجمّع مستوردي المُستلزمات والأجهزة الطبية جورج خياط لـ«الأخبار» على تفاقم أزمة استيراد المعدات والأجهزة الطبية بفعل الأزمة النقدية والمالية. وبحسب أرقام التجمّع، فإنّ نحو 5% فقط من حاجات المُستشفيات للمعدات والأجهزة الطبية تم استيرادها خلال شهر ونصف شهر، ولا يتجاوز حجم التحويلات الخارجية التي قام بها المستوردون الشهر الماضي 10% من التحويلات المطلوبة.
التجمع الذي أصدر، أول من أمس، بياناً حذّر فيه من «الموت البطيء»، وأخلى مسؤولية أي مستورد من أي ضرر قد يلحق بأي مريض داخل المُستشفيات بسبب عدم تأمين المُستلزمات لأي عمل تشخيصي أو جراحي وعدم توفر أي قطع غيار لأي جهاز طبي، شكا امتناع غالبية المصارف عن تطبيق التعميم الصادر عن مصرف لبنان الذي يقضي بتحويل 50% من اعتمادات المستوردين بالليرة إلى الدولار بسعر الصرف الرسمي، على أن يؤمّن هؤلاء النصف المتبقي من الإعتمادات من السوق. وأوضح أن احتياجات قطاع الأجهزة والمُستلزمات من العملة الأجنبية تعادل نحو 33 مليون دولار شهرياً، فيما لم تتجاوز تحويلات الشهر الماضي ثلاثة ملايين دولار، «ما يعني أن الشركات لم تستطع استيراد سوى 10% من حاجات المستشفيات إذا افترضنا أن الشركات المصنّعة بالخارج سلّمت البضائع بنفس قيمة التحويلات من دون تسديد كامل المُستحقات، وهو أمر غير وارد في ظلّ التصنيف الإئتماني في لبنان. وبالتالي فإن كميات البضائع التي تم استيرادها قد لا تتخطى نصف قيمة التحويلات أو 5% على أبعد تقدير من احتياجات المُستشفيات».
خياط أوضح أن عدداً كبيراً من المصارف أبلغ الشركات، أمس، عدم قابلية تطبيق التعميم بعد الآن، «بسبب عدم تلبية مصرف لبنان لها بالسيولة المطلوبة»، لافتاً إلى أن «البنوك أصلا لم تكن تنفذ التعميم في السابق، ما يُنذر بتفاقم الوضع».
وكان بيان التجمع أشار إلى أن أكثر من 80% من الشركات لم تستطع إجراء أي تحويل للخارج، وأن «نصف الشركات التي قامت بالتحويلات الأولى لم تستطع إجراء تحويلات لاحقة من دون أسباب واضحة من المصارف»، مشيراً الى الشحّ في بعض البضائع بات «إنقطاعاً كلياً».
عضو تجمع مستوردي المستلزمات والأدوات الطبية شوقي عطوي أكّد أنّ غالبية المعدات الطبية التي تُستخدم اليوم هي «ما تبقّى، ما يعني أننا مقبلون على جحيم ما لم يتم تدارك الوضع».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنّ بعض المُستشفيات تقوم حالياً بـ «الترقيع»، سواء عبر استخدام مقاسات مغايرة للاجهزة المطلوبة، أو عبر استخدام متكرر لفلاتر مخصصة للاستخدام مرة واحدة، وغيرها من الممارسات التي تُعرّض صحة المريض لتداعيات صحية إضافية.
وبمعزل عن اتهامات الشركات المستوردة بـ«التهويل» من أجل الضغط لتأمين إعتمادات بالدولار، فإن ثمة واقعاً صحياً مأزوماً بدأت معالمه تظهر من أكثر من شهر ، عبر إقفال مستشفيات لبعض أقسامها ومناشدات معنيين في القطاع الصحي المسؤولين تدارك تداعيات الأزمة الصحية، ومنها تصريح نقيب الأطباء شرف أبو شرف أمس، عن اقتراب الأزمة من «الخط الأحمر».
“الاخبار”