نتائج ضباط الحربية “عالقة” عند وزير الدفاع
من ضمن خطتها لتقليص النفقات، حتى قبل إقرار موازنة العام 2019، وضعت قيادة الجيش على الطاولة سلسلة إجراءات لاجراء تخفيضات في النفقات من دون المساس بعصب المؤسسة العسكرية، ومن ضمن هذه المحاذير جاء رفض القيادة لوقف التطويع وتجنيد العسكر في الجيش لما له من انعكاسات مباشرة على هيكلية وسير عمل المؤسسة.
لكن القرار السياسي رسا في موازنة العام 2019 في أيار الماضي، والتي وصفت بالتقشفية، على خيار وقف التطويع لمدة ثلاث سنوات، إضافة الى اجراءات حكومية أخرى لم تتناسب مع متطلبات المؤسسة العسكرية.
قادَ هذا الواقع، قائد الجيش العماد جوزاف عون، في موقفٍ علني ومباشر، الى انتقاد هذه الخطوة في أحد خطاباته حتى قبل إقرار الموازنة، معتبرًا، أنّ “منع التطويعِ بصفة جنودٍ أو تلامذة ضباط ومنع التسريح، ينذر بانعكاسات سلبية على المؤسسة العسكرية بدءًا من ضرب هيكليتها وهرميتها، مرورًا بالخلل في توازنات الترقيات وهو أمرٌ مخالفٌ لقانون الدفاع”، لكنّه لم يثنِ الحكومة عن المضي في إجراءاتها من دون الأخذِ برأي القيادة العسكرية التي لم تتوانَ عن اعتبار، أنّ بعض إقتراحات التخفيض “أسّست لسلوكٍ متعمّدٍ لتطويقِ المؤسّسة العسكرية بهدفِ إضعافها وضربِ معنويات ضباطها وجنودها ومنعهم من الحصول على أبسطِ حقوقهم”.
لكن مؤخرًا، عادَ ملف التطويع الى الواجهة وذلك بعد مفاتحةِ قائد الجيش الرؤساء الثلاثة قبل استقالة الحكومة بأشهرٍ، بضرورة استئنافِ تطويعِ الضباطِ لضرورات الحفاظِ على الهرمية العسكرية مستقبلاً ولابقاء دورة الحياة مستمرة في المؤسسة عبر سدِّ جزء من متطلبات المرحلة، فكان خيار قائد الجيش بالتطويع لأول مرة من ضمن الكادر العسكري ما يسمح بتلبية حاجات المؤسسة وفي الوقت نفسه تجاوز أكثر من عقبةٍ.
حيث أنّ التطويع من داخل المؤسسة لا يحمّل الاخيرة عبئًا ماليًّا، على اعتبار أنّ راتبَ تلميذ ضابط على مدى سنوات التطويع الثلاث يوازي راتب جندي، كما أنّ هذا الاجراء يسمح بتلبية متطلبات المؤسسة من ضباطٍ وتوزيعهم على الوحدات وفق الحاجات، خصوصًا في ظل المهام الكبيرة الملقاة حاليًا على عاتق الجيش وتحت سقفِ تحدياتٍ مستقبلية متوقعة على أكثر من مستوى.
والأهم، أنّ عمرَ العسكري مع بدءِ تطويعه كتلميذِ ضابطٍ هو 27 عامًا كحدٍّ أقصى. وهكذا، فإنّ تقدّمه في جدول الترقيات مع نهاية خدمته العسكرية لا يتجاوز رتبة مقدم أو عقيد، وبالتالي، لا يصل الى رتبةِ عميد، ما يعني أيضًا تخفيفًا للنفقات من حيث الراتب وتعويض نهاية الخدمة. مع العلم، أنّ وقف التطويع للضباط في الكلية الحربية بين عام 1986 و1994 أسَّسَ لفراغٍ كبيرٍ داخل المؤسسة وأحدث خللًا كبيرًا في الهرمية التراتبية للضباط.
هكذا، وبعد نيلِ الموافقة الرئاسية واحترام الصيغ القانونية المرعية، أصدرت قيادة الجيش تعميمًا لتطويع تلامذة ضباط من ضمن كادر العسكر، وقد تقدّم أكثر من ١٥٠٠ عنصر ومن الاجهزة العسكرية كافة (الجيش، قوى الامن الداخلي، أمن عام وأمن دولة)، وجرت امتحانات وفق الشروط نفسها عند تطويعِ الضباط من المدنيين (شهادة بكالوريا ومعدل 12/20) وأشرف عليها العماد جوزاف عون بشكلٍ مباشر، ووصلَ عددُ الناجحين الى ٢٠٠ مرشح تقريبًا. وقد صدرت النتائج في منتصف تشرين الثاني الماضي وصدِّقت من قبل المجلس العسكري، فيما المعلومات المتوفرة، لا تزال غير دقيقةٍ لجهةِ العددِ الذي سيؤخذ من الناجحين لتطويعهم بصفةِ تلميذ ضابط من ضمنهم 10% إناث، وقد يتم أيضًا الأخذ بالعددِ كله.
لكن حتى الآن، لم يضع وزير الدفاع الياس بو صعب توقيعه الالزامي على النتائج، ما يؤخر عمليًا التحاق هؤلاء بالسنة الدراسية الاولى في الكلية الحربية التي كان من المفترض أن تبدأ في شهر تشرين الثاني.
وفيما تبيّن أن هذا الملف أثاره قائد الجيش مع المسؤولين المعنيين خلال لقاءاته في الايام الاخيرة، تفيد المعطيات ان رفض وزير الدفاع التوقيع على نتائج امتحانات كلية الحربية يعود لأسباب عدة أولها مخالفة هذا الاجراء قرار منع التوظيف في الادارات والمؤسسات العامة بما في ذلك السلك العسكري إلا بقرار من مجلس الوزراء، كما أن بو صعب طلب موافقة خطية من الرؤساء الثلاثة على الامر وهذا ما لم يحصل، فضلاً عن مخالفة مرسوم التطويع لقانون الدفاع كونه يتضمن استثناء يتعلق بتطويع تلامذة ضباط من ضمن كادر العسكر.
ووفق المعطيات لن يضع وزير الدفاع توقيعه على نتائج التطويع في ظل حكومة تصريف اعمال تمارس مهامها ضمن الإطار الضيق لمفهوم تصريف الاعمال الذي لا يندرج التوظيف في خانته.
الرأي