هل مصارف لبنان أفلست فعلاً … ومن يشتريها؟
لم تفلس المصارف ويرفض البروفسور والخبير الاقتصادي والمصرفي بيار خوري هذا القول “لان الافلاس يكون عندما يؤخذ قرار ان هذه المصارف غير قادرة على دفع التزاماتهم فلم تعد اصولهم قادرة على تمويل خصومهم هذا ما لم يحصل حتى الساعة أي ان حجم المطلوبات لم تتجاوز الأصول عندها تقرر الشركات والمحاكم إعلان الافلاس” شارحًا ما يحصل معتبرًا بأنها تقييد حركة سحب المطلوبات وليس العجز عن دفعها” إذًا ما هو ظاهر أن هناك أزمة السيولة مؤكدة والواضح من سلوكيات المصارف كأنها لا تريد للناس ان تسحب اموالها ولكن لا زالت المصارف وان بحدود ضيقة تدفع للمواطنين بحدود معينة والنظام المصرفي وهذا ما لا يعني افلاس.
يضع المحامي علي عباس هذه الاجراءات التي تقوم بها المصارف بأنها غير قانونية وهي مخالفة لقانون النقد والتسليف الذي لا ينص على كل ما يحصل اي القيود او “الكابيتول كنترول” ومصرف لبنان لا يحق له ان يصدر تعميم بهذا الخصوص كجمعية المصارف وان تطبيق للـ”كابتول كنترول” على السحوبات تحتاج الى تشريع من مجلس النواب فمن يلجأ الى القضاء يمكن ان يلزمهم بدفع امواله الموجودين كامانة في المصارف.
يدخل بروفسور خوري في التفاصيل فيشرج عدم القدرة على تصريف “الشيكات” وهذا يعني عمليا ان لا سيولة لدى المصارف وهذه هي صلب المشكلة والسبب ان المصارف اودعت كل اموالها اما بمصرف لبنان ام بسندات الخزينة أم دينتهم للقطاع الخاص والقروض التجزئة. الناس وفق الخوري بعد تدني حجم الثقة هاجمت المصارف التي وظفت كل سيولتها بالاضافة ان هذه المصارف قامت بخلق ودائع عن طريق المضاعف النقدي اي غير موجودة قيمتها الحقيقية لدى المصارف مما يعني لا “كاش دولار” مقابلها. وهذه الودائع يخلقها النظام من خلال أنظمة الاستدانة. فما يحصل انه عندما تهجم الناس مطالبة بكل هذه الودائع لتحتفظ بها بمنزلها وتسمى التفضيل النقدي- وعند الرفض لعدم القدرة على تلبية المصارف تكثر المطالبة- التي ليست كلها في الاصل نقدية هناك منها نقدية وتحويلات من الخارج وايداعات من الصناديق وهناك جزء آخر عن طريق خلق النقد من خلال عملية الاقراض.
نتيجة ذلك فقدان الدولار من الاسواق، اي لا قدرة على “تسييل” الاصول “الجامدة”. ما كان يحصل عادة عند مواجهة أزمة سيولة؟ كانت الشركات وفق الخوري تسد ديونها لتعيد فتح أخرى اما سوء الاداء الاقتصادي جعل من الشركات غير قادرة على التسديد. الملفت في المسالة على حد تعبيره انه عندما تواجه المصارف مشكلة كهذه تلجا لسوق على ليلة او ليلتين يلبون من خلالها السيولة المطلوبة او يلجاون الى مصرف لبنان لتمويلهم بالسيولة بالحالتين هذا غير متاح لان كل المصارف تعاني من نفس الازمة ومصرف لبنان لم يتجاوب لانه وفق رياض سلامة لا يحمل دولارات نقدي. من هنا فتح “مجال” للصرافين لفتح السوق الموازية التي اعتبرها مصرف لبنان بانها سوق “طبيعية” تتخطى بـ 10% من السوق المعتاد وهذه السوق توسعت ليصبح الفارق اكثر من 30% من السعر الرسمي وهكذا فعليا يرتفع سعر الدولار لان هناك تراجع لدخول لعملات اجنبية الى لبنان مدى سنوات ويشرح الخوري عن اسعار الفوائد كنتيجة للازمة اصبحت ترتفع فتحول المودعين الى 3 فئات: فئة وثقت بالفائدة وجمدت اموالها لفترة. ثانية سحبت جزء من الودائع فاشترت ذهب ام خبأتهم في المنزل. وثالثة سبحت جزء من اموالها الى خارج لبنان وهم من كبار المودعين بعد دراسة المخاطر في لبنان فلمسوا ان هناك ظرف سياسي مع مخاطر جيوسياسية. كل هذه العوامل خلقت ضغط قوي. بالنسبة الى البروفسور خوري الذي لا يؤمن كاقتصادي بالخرافات “هناك حقيقة وليس مؤامرة ادت الى ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء او سوق الصرافين ونسميها كذا لان هناك سعر رسمي مثبت يختلف عن سعر السوق. لا يمكن علاج هذه الازمة الا بالتعامل باللبناني وتسعير كل الاسعار الداخلية باللبناني ومنع اي تداول بالعملة الورقية بالدولار او اي دفع بالدولار من بطاقات الائتمان”.
ماذا عن ازمة الملاءة؟ يقول خوري إن تلك “محددة وفق مقررات مؤتمر “بازل” التي تقول ان المصارف يجب ان يكون لديها رساميل كافية للتحوّط مقابل ديونها والتزاماتها وهذا سببه لان المصارف هي الفئة الوحيدة التي اموالها الخاصة قليلة بالنسبة الى مجموع الميزانية باعتبار ان الشركات يكون لديها نصف دين ونصف اموال خاصة الا البنوك لان المطلوبات هي ودائع المودعين ولا يمكن موازنتهم بقيمة رأسمالية المصارف تحتاج الى راسمال صغير بظله تتطلب المملاءة ان يكون هذا الراسمال كاف لمواجهة مخاطر الالتزامات بالاصول او الاستثمارات. مؤخرا عبر تعاميم مصرف لبنان طلب المصرف اضافة 4 مليار دولار الى الرساميل كما عدم توزيع الارباح ليكون نسبة ملاءة كافية وفقا للمعايير الدولية. نعرف اليوم ان لا قدرة على تامين هذه الملاءة ولا تريد المصارف الدخول في شراكات مع مصارف اجنبية ووضع لبنان كما هو مما يمنعهم المفاوضة من موقع قوة فتباع اسهم باقل من سعرها”.
إذًا مشكلة المصارف الخاصة بأن اموالهم مركزة بمصرف لبنان التي من خلال الهندسات المالية والودائع التي اخدها مصرف لبنان وتبلغ 111 مليار دولار التي مول بها ميزان عجز المدفوعات علما أن لبنان في موقع استهلاكي لا انتاجي أوصل المصرف المركزي الى حد تطيير اموال المصارف الخاصة. هكذا مهمة الحكومة لن تكون سهلة قبل أن تتعثر المصارف الخاصة عن التعثر عن الدفع وقيام مصرف لبنان بلجان لتصفية هذه المصارف لبيعها في حال افلاسها لكن هل من يشتري في لبنان؟
المصدر : الخبر