شارع مقابل شارع والآتي أعظم.. الى أين يتجه لبنان؟

تحت عنوان شارع مقابل شارع.. الى أين يتجه لبنان؟، كتب غسان ريفي في “سفير “الشمال”: يقول أحد المطلعين ممن تستهويهم صالات السينما، “إن ما يشهده لبنان حتى اليوم هو عبارة عن “المناظر” وأن “الفيلم” لم يبدأ بعد”.. وذلك في إشارة الى أن الآتي أعظم وهو بدأت مؤشراته تظهر يوم امس عبر خروج شارع الضاحية مقابل شارع الثورة عند جسر الرينغ وفي ساحة رياض الصلح، حيث هتف الاول ل ل ح ز ب وللسيد والرئيس نبيه بري بينما هتف الثاني للثورة وضد التيارات والأحزاب، في ظل “الكوما السياسية” التي تصيب أركان السلطة الذين ما يزالون يعيشون حالة إنكار تجاه ما يحصل في الشارع، ويتلهون في تصفية الحسابات في ما بينهم، ويفتقدون الى أدنى مقومات المسؤولية في السعي السريع للوصول الى قواسم مشتركة تساهم في إنقاذ لبنان ووقف الانهيار الاقتصادي.
كثير من اللبنانيين كانوا يتوقعون حصول الانهيار في بلدهم نتيجة آداء السلطة السياسية التي تقدم مصالحها على مصالح شعبها وتتخذ من محاربة الفساد شعارا تغطي فيه إرتكاباتها، لكن أكثر المتشائمين لم يتوقعوا أن يكون الانهيار سريعا الى هذه الدرجة، وأن تظهر الدولة بهذا القدر من العجز عن معالجة قضايا مواطنيها.
الشارع مفتوح على كل الاحتمالات، والدولار مفقود في المصارف متوفر لدى الصيارفة بسعر وصل الى الألفيّ ليرة، في حين خسر اللبنانيون من قيمة عملتهم الوطنية نحو 35 بالمئة، حيث أن “السلة” في أي تعاونية إستهلاكية أو سوبر ماركت والتي كان يدفع المواطن ثمنها مئة ألف ليرة في السابق، بات سعرها اليوم 135 الى 140 ألف ليرة.
هذا الواقع يطرح تساؤلات مشروعة لجهة: كيف سيكون الوضع إذا ما إستمرت هذه الأزمة لأشهر مقبلة؟، والى أي سعر قد يصل الدولار الأميركي؟، وكم ستبلغ خسارة اللبنانيين بفعل تراجع القيمة الشرائية لعملتهم الوطنية؟، وكيف سيكون حال العائلات الفقيرة والمتوسطة؟، وما هي تداعيات هذا الانهيار الكامل على الوضع الأمني وعلى تعاطي الناس مع بعضهم البعض؟، علما أنه في الساعات الـ 48 الماضية جرى تسجيل عشرات السرقات منها بواسطة الكسر والخلع وغيرها بالاحتيال وأخرى بقوة السلاح.
كل المؤشرات السياسية حتى الآن تؤكد أن الأفق ما يزال مسدودا، فرئيس الجمهورية ميشال عون فقد لغة التواصل مع أكثرية الشعب اللبناني، وهو بالرغم من إطلالاته الاعلامية الأربع لم ينجح في إقناعهم بأي وجهة نظر طرحها بل على العكس شكلت مواقفه مادة ساهمت في تأجيج الحراك الشعبي، وهو يرى كل الحلول السياسية من خلال طموحات صهره جبران باسيل الذي يعطل كل حواسه عما يحصل في الشارع، ويصر على عودته الى الحكومة في ظل رفض شعبي غير مسبوق لوجوده في السلطة، الأمر الذي يدفع الرئيس عون الى الاستمرار في القبض على الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة ضاربا الدستور اللبناني عرض الحائط في محاولاته التوافق على التأليف قبل التكليف ومصادرة صلاحيات رئيس الحكومة المكلف..
إضافة الى ذلك، فإن الطريق بين قصر بعبدا وبيت الوسط ما يزال مقطوعا، وكذلك الاتصالات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وقد بدا الحرد السياسي واضحا على الرؤساء الذين حضروا العرض العسكري الرمزي لمناسبة الاستقلال بوجوه متجهمة تظهر عمق الأزمة القائمة بينهم، بينما كان الفرح يعم الساحات الشعبية التي أحيت الاستقلال على طريقتها، ولفتت بذلك أنظار العالم ككل.
لا شك في أن الرئيسين عون والحريري ومعهما باسيل وسائر الأطراف الأخرى لا يملكون ترف الوقت، أو حق الحرد السياسي في ظل هذه الظروف الضاغطة، فالقضية ليست عبارة عن تصفية حسابات بين أشخاص، وإنما هي قضية بلد بدأ يفقد كل مقومات الصمود، وإقتصاد بدأ يواجه أبشع أنواع الانهيار، وليرة لبنانية تتراجع سريعا أمام الدولار، وشعب مهدد بالفقر والجوع، وأمن معرّض للفلتان، وهذه كلها قضايا تحتاج الى رجال دولة حقيقيين يبدو أنهم أصبحوا عملة نادرة في لبنان.
المصدر: سفير الشمال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!