“انتفاضة” داخل “الأخبار”!

 

“ليبانون ديبايت”

شكَّلت جريدة “الاخبار” في أيّامِ الحَراكِ الشعبي الأولى، ما يُشبِه “مجلس القيادة” للثورة على المستوى الاعلامي، وانخرطت الصحيفة في كافة مقالاتها بمعركة تعزيز صمود الإنتفاضة التي هبَّت في مختلفِ المناطقِ وإبراز مشروعيّتها.

بيد أنّ الخطاب الثاني لامين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله، أحدثَ منعطفًا قادَ الصحيفة الى إجراءِ “تكويعة” تجلَّت بشكلٍ واضحٍ في بعضِ المقالات، خصوصًا افتتاحيات رئيس تحريرها ابراهيم الامين، والخطّ العام لـ”الأخبار” الذي قدَّم نظرية “المؤامرة” بالتوازي مع الاعترافِ بسلسلةِ المطالبِ المُحقّة، وتبنّى تدريجيًّا مسار “شيطنةِ” الحَراكِ وتبرير ردّات فعل الشارع المُضاد حياله بكلّ “أساليبه العنفية”.

تداعيات هذه الانعطافة، لم تكن بالسهولةِ التي توقّعتها إدارة الجريدة، إذ أنّ الاختلاف في التوجّهات طاف علنًا على السطحِ منذ نحو عشرة أيّامٍ وبلغَ أوجّه حيث وقفت مجموعة من المُحرِّرين ومديري الاقسام بوجه ما اعتبروه “تخوينًا” للثورة الشعبيّة وأهدافها، في مقابل مجموعة أخرى من ضمنها الامين.

وقد شهد إجتماع التحرير قبل أيّامٍ نقاشًا صاخبًا جدًّا تعالت خلاله الاصوات ووصلت الى حدِّ التضارب وإطلاقِ اتهامات بالتخوين والانقلاب ضدّ مزاجِ الشارعِ والإستماع الى املاءاتٍ حزبيّةٍ. مع العلم، أنّ الازمة بدأت أواخر تشرين المنصرم، أيّ بعد أيّامٍ قليلةٍ على الحَراكِ المطلبي.

أولى تجليات هذا الواقع، تُرجِمَت من خلال تقديم الصحفية جوي سليم استقالتها من جريدة “الأخبار” في 29 تشرين الاول الماضي.

وكتبت على صفحتها عبر “فايسبوك”، “الأيام الماضية كانت حاسمة بالنسبة لي، بعدما خاب أملي من تغطية الجريدة للانتفاضة التي عَمِلَت لأشهر (ولسنوات ربما) على تقديم أدلة على ضرورة حدوثها. وما أن حدثت حتى انضمّت الجريدة بسرعة إلى صفوف الثورة المضادة، وقدمت مادة مؤامراتية تحريضية وشائعات غذّت ما حدث اليوم في الشارع من هجوم “مواطنين” (هكذا دعتهم الأخبار على فايسبوك) على المعتصمين”.

واضافت سليم، “مقاربة الانتفاضة ومعالجتها بعد أيام قليلة من اندلاعها كانت أقرب إلى الفضيحة برأيي، والجريدة تتحمّل جزءًا من مسؤولية أي دماء يريقها “المواطنون” – مؤيدو أحزاب السلطة بحق المتظاهرين والمعتصمين”.

ورأت، أنّ “المسألة ليست سياسية فحسب برأيي، بل لها علاقة أيضًا بقصور مهني، حيث باتت معالجة أي هبّة شعبية، لا سيما على المستوى المحلي، منذ حدوث الربيع العربي، وكأنها “حافظة مش فاهمة”، تتبع باراديغم المؤامرة، مع ترداد مصطلحات ببغائية كفيلة بتخوين الآخر ورميه بكل ما يقصيه ويعزله ويسخف معاناته.”

ثم ما لبث الصحفي في القسم الاقتصادي والمسؤول عن ملف “رأس المال” محمد زبيب أن أعلن عن استقالته اليوم الاثنين عبر “فايسبوك”، كاتبًا:”صدر ملحق رأس المال اليوم من دوني ومن دون غسان ديبة وآخرين كانوا من رواد هذه التجربة. منعًا لأي التباس، تقدّمت باستقالتي من صحيفة الاخبار، في الاسبوع الماضي، احتجاجًا على موقف إدارة الصحيفة من الانتفاضة. وبالتالي لم أعد مسؤولًا عن هذا الملحق”.

ويرى كثيرون، أنّ استقالة زبيب، تشكِّل خسارة كبيرة هو الذي كان يوصف بـ”العقل الاقتصادي” للصحيفة.

ويبدو، أنّ الاخبار تعيش المرحلة نفسها التي اختبرتها مع اندلاع الثورة السورية حيث شكَّل اصطفاف الصحيفة السياسي الى جانبِ النظامِ السوري بوجهِ “ربيعِ دمشق” الى حدوثِ استقالاتٍ من جانبِ عددٍ كبيرٍ من المُحَرِّرين آنذاك.

وتفيد معطيات، بأنّ إجتماعًا عُقِدَ الاسبوع الماضي شهد تلويحًا باستقالةٍ جماعيّةٍ من “الأخبار” اعتراضًا على إدارة الجريدة للتطورات الموافقة للثورة التي اندلعت في 17 تشرين الأوّل.

مع العلم، وفق المعلومات نفسها، أنّ هناك مجموعَتَيْن في الجريدة، الأولى تضمّ ابراهيم الامين والى جانبه الصحفي حسن عليق، الذي لعب احيانًا كثيرة دور الوسيط، والمجموعة الثانية التي تشمل غالبيّة المُحَرِّرين من بينهم محمد زبيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!