تعليقاً على التطورات السياسية في لبنان والمنطقة أصدر تجمع العلماء المسلمين البيان التالي:
تتوالى الأحداث في المنطقة بشكل دراماتيكي وتتجه الأمور من تصعيد إلى آخر خاصة بعد أن وصلت المسألة إلى حد تدخل عسكري مباشر واجتياح عسكري مقّنع من تركيا للشمال السوري، مع ما يصاحب ذلك من مجازر ومآسي إنسانية، ما يجعلنا نتساءل بعد سنوات طويلة من الحروب في المنطقة وعليها من هو المستفيد من هذه الحروب ومن الخاسر؟! إن قراءة متأنية تجعلنا نجيب بأن المستفيد الأول هو الكيان الصهيوني، وإن الخاسر الأكبر هو القضية الفلسطينية وتأخر تحرير فلسطين، إضافة إلى الشعوب التي تطالها الحروب قتلاً وجرحاً وأسراً وتهجيراً.
إننا في لبنان نعاني وبشكلٍ كبير من أحداث المنطقة، فبعد أن انتهت المرحلة الأولى من المعاناة بالقضاء على داعش والجماعات التكفيرية بحيث لم يعودوا يشكلون خطراً أساسياً على أمننا ما خلا بعض حركات للذئاب المنفردة، نعيش اليوم أزمة اقتصادية ناتجة عن عدم إمكان حل مشكلة النزوح السوري في لبنان نتيجة ضغوط الدول الكبرى على لبنان وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية.
إننا في تجمع العلماء المسلمين بعد دراسة وافية للواقع في لبنان والمنطقة نعلن ما يلي:
أولاً: ندعو الحكومة اللبنانية للبدء باتصالات مكثفة مع الحكومة السورية لترتيب إعادة النازحين السوريين إلى أماكن آمنة في الداخل السوري، في المناطق التي هي تحت إشراف الدولة ويمكن تأمين ظروف مناسبة لعودتهم إلى بيوتهم أو أماكن إيواء مؤقتة بانتظار إعادة بناء بيوتهم إن كانت قد هدمت.
ثانياً: نرحب بالمبادرة التي أقدم عليها دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري بلقاء فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتشاور معاً لمواجهة الظروف التي يمر بها الوطن والضغط على الحكومة لإنجاز الموازنة بأسرع وقت ممكن، مع إيلاء الجانب الإصلاحي فيها عناية خاصة إن لجهة زيادة المخصصات العائدة لمواجهة الأزمات الاجتماعية التي تعاني منها الطبقات الفقيرة، أو لجهة البحث عن موارد إضافية للخزينة لا من جيوب الفقراء بل من ضرائب تطال الطبقات الغنية وأرباح المصارف واستعادة حقوق الدولة من الأملاك البحرية مع مفاعيل رجعية وإيقاف الهدر والفساد بالضرب بيدٍ من حديد على كل فاسد مهما علا شأنه.
ثالثاً: نستنكر التفجير الذي طال ناقلة النفط الإيرانية “سينوبا” في البحر الأحمر، ونطالب بلجنة تحقيق لمعرفة من يقف وراء هذا الهجوم، وإن كنا نعتقد أن الكيان الصهيوني هو من فعل هذا الأمر للإيهام بأن المملكة السعودية تقف ورائه لتعطل إمكانيات حوار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة السعودية بدأت تظهر في الأفق، وبعد إعلان الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني عن خطة لضمان أمن مضيق هرمز، الأمر الذي إن حصل فإنه يساهم في إعادة السلم إلى المنطقة ويخرجها من أزماتها المتصاعدة.
رابعاً: نستنكر ما أورده رجب طيب أردوغان في خطابه أمام حزبه مبرراً اجتياح جنوده وقصفه الجوي والبري للشمال السوري، معتبرين إن كل ما أورده إنما هو محض افتراء وقلب للحقيقة رأساً على عقب، فتركيا هي من أدخل الجماعات الإرهابية التكفيرية من داعش والقاعدة وغيرهما إلى سوريا وليست هي كما يدعي من يقاتل داعش ويحاربها، وهو من عطل اتفاق إدلب في سوتشي لأنه لا يريد في الحقيقة إنهاء الأزمة السورية من دون أن يحقق أطماعه الطورانية في الاستيلاء على الشمال السوري.
خامساً: نتوجه بالتحية للشعب الفلسطيني البطل الذي هو أمل الأمة في الصبر والصمود وإبقاء القضية الفلسطينية حية بانتظار تحقيق الوعد الإلهي بزوال الكيان الصهيوني، وهو من أسقط ويسقط كل المؤامرات في المنطقة وآخرها مؤامرة صفقة القرن، وفي هذه المناسبة نتوجه بالتحية لمن خرج اليوم في مسيرات العودة وكسر الحصار في أسبوعها الـ78 تحت شعار”جمعة أطفالنا الشهداء” فإنهم بصمودهم الأسطوري هذا يؤكدون أنهم شعب بطل وشريف وجريء ومخلص وعلى يديه إن شاء الله سيكون زوال الكيان الصهيوني.