القضاء يستدعي وزراء الاتصالات الثلاثة: محمد شقير، جمال الجراح، وبطرس حرب
علمت «الأخبار» أن المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم استدعى وزير الاتصالات محمد شقير، وسلفَيه جمال الجراح وبطرس حرب، للاستماع إليهم بناءً على المعلومات التي زوّدته بها لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، على مدى سنتين، إضافة إلى معطيات سبق أن قدّمها له النائب ياسين جابر، فضلاً عما أثير لاحقاً في اللجنة، وخاصة لجهة طلب إنشاء لجنة تحقيق نيابية في قطاع الخلوي.
كذلك علمت «الأخبار» أن رئيس الحكومة سعد الحريري ممتعض من عدم شمول الاستدعاء الوزير السابق نقولا صحناوي الذي نُقِل في عهده القرار المالي في قطاع الخلوي من الشركتين اللتين تديران القطاع إلى وزير الاتصالات. ويرى الحريري أن اقتصار الاستدعاء على 3 وزراء مقربين منه هو استهداف سياسي له. ولم يُعرف ما إذا كان الوزراء الثلاثة سيلبّون دعوة القاضي إبراهيم، علماً بأنه لم يطلب الاستماع إليهم بصفتهم مشتبهاً فيهم.
وسبق للوزير الجراح أن امتنع عن تلبية استدعاء سابق لإبراهيم. يُذكر أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال قبل يومين إن عمل لجنة الاتصالات النيابية أدى إلى الاشتباه في ضلوع 3 وزراء على الأقل في فضائح، «وخلال أسبوع، سنسمع كلاماً مهماً في هذا الصدد» (راجع «الأخبار»، عدد أول من أمس).
وكان الوزير محمد شقير قد حاول أمس تغطية تمرّده على الدور الرقابي لمجلس النواب، بموقف من مجلس الوزراء. فالوزير الذي يرفض، خلافاً للقانون والدستور ولكل مبادئ فصل السلطات، حضور جلسات لجنة الاتصالات النيابية، اقترح أمس في مجلس الوزراء أن تُمنع اللجنة من متابعة ملفات وزارته، «لأنها مسرحية، وتستدعي موظفين لـ«بهدلتهم»، وتبحث في قضايا ليست من اختصاصها كملفات الترددات وغيرها». فردّ عون على شقير بالقول إن هذا الأمر ليس من صلاحيات مجلس الوزراء، مذكّراً بوجوب احترام الدور الرقابي لمجلس النواب.
الدولة تقبض على «المجرم»
على صعيد آخر، وضعت السلطة يدها على المجرم المتسبب بالأزمات النقدية والمالية والاقتصادية. تبيّن لها أن الإعلام اللبناني هو المسؤول الأول والأخير عن الأزمة التي «افتُعلت» في الأيام الماضية. ليست سياسات الحكومات المتعاقبة هي التي أوصلت الوضع إلى حافة الهاوية، بل هو الشعب، ومن خلفه الإعلام. ولذلك وجب ضبطهما عن القول أو التعبير. فالمصلحة العليا لا تحتمل تهوراً من هذا النوع، والأولى أن يعمّ الصمت، كما هو حاصل في الحكومة.
الليرة بخير، والوضع الاقتصادي بخير، والبطالة في أدنى معدّلاتها، والسلطة تعي أن أي حديث آخر هو كذب وافتراء وجب محاسبة من يقف خلفه. إنها المؤامرة بعينها. ليس هذا فحسب، الإعلام نفسه، و«الأخبار» خصوصاً، تفتن بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، فيما العلاقة بينهما سمن على عسل. ولذلك تصبح إشارتها إلى أن عون وصف الحريري بالكسول كذب، أما الصدق فأن يقول الحريري: «أنا لا أظن أبداً أن الرئيس يفكّر على هذا النحو».
وكان عون قد شدّد، في افتتاح جلسة مجلس الوزراء أمس، على أن «حق التظاهر لا يعني حق الشتيمة، وحرية الإعلام لا تعني حرية إطلاق الشائعات المغرضة والمؤذية للوطن»، داعياً الوزراء إلى «تحمّل مسؤولياتكم والدفاع عن الحكومة وشرح ما تقومون به للمواطنين ليكونوا على بيّنة ولا يستمعون للشائعات التي تُطلق من هنا وهناك».
«قمع» عون محاولة شقير تغطية تمرّده على مجلس النواب بموقف من مجلس الوزراء
وإذا كان رئيس الجمهورية قد كشف الداء، فإن رئيس الحكومة لم يتأخر ليصف الدواء، بكثير من الرأفة. لا يؤيد الحريري فرض عقوبة السجن «على الناس الذين يطلقون أخباراً كاذبة تدخلنا في كثير من الأماكن بفوضى وعدم استقرار في البلد». هو يدعو إلى «مقارنة القانون الموجود لدينا بما هو مطبق في الخارج، وحسب الإمكانات المالية لوسائل الإعلام لدينا، تفرض غرامات على هذا الأساس. ليس طبيعياً، بحسب رئيس الحكومة، «أن يكون هناك أشخاص يعتبرون أنفسهم إعلاميين، يطلقون كلاماً من هنا أو هناك». لا يقف الحريري عند الهجوم الذي يتعرض له، لكن «إن كان هناك من ضرر على المال العام أو على الدولة، وحتى الهجوم على رئيس الجمهورية يرتّب عقوبات بحسب القانون، فلتكن هذه العقوبات مالية، وعندها من يريد أن يشتم ولديه بعض المال، فإن خزينة الدولة ستكون هي المستفيدة». اقتراح إضافي لتحسين الإيرادات، فات الحريري أن يضيفه إلى ورقته الإصلاحية.
على المنوال نفسه، سار وزير الإعلام جمال الجراح الذي أفتى بأن الإعلاميّين ليسوا خبراء اقتصاديين أو ماليين، وبعض هؤلاء يجتهد في تحليل الوضع الاقتصادي والمالي بما يؤثر سلباً على الوضع العام. كما يكتبون أموراً من شأنها إلحاق الضرر بالوضع النقدي والاقتصادي للبلد، إضافة إلى شتم المسؤولين: من فخامة الرئيس أو دولة الرئيس وغيرهما. هذا أمر غير مقبول، وهناك علاقة تكاملية، ومهمة الإعلامي إيصال الواقع الحقيقي للناس».
تلك حملة بدأت تؤتي ثمارها سريعاً. أول الغيث تعميم داخلي صادر عن أمين سر الحزب الاشتراكي ظافر ناصر، يطلب فيه «أخذ الحيطة وإبقاء أي انتقاد ضمن القواعد والأصول تفادياً لأي إجراءات يُفضّل تجنّبها»!