“المركزي” يضع يده على “جمال ترست بنك”.. كلفة تشغيل المصرف تصل إلى 15 مليون دولار سنوياً
ذكرت صحيفة “الاخبار” ان اسم النائب السابق للحاكم، محمد بعاصيري، سرب على أنه الرجل المكلّف من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الإشراف على عملية تصفية “جمّال تراست بنك”. وبحسب مصادر مطلعة، فإن بعاصيري تبلّغ هذا الأمر إلى جانب اثنين من لجنة الرقابة على المصارف، علماً بأن ما يعزّز تسمية بعاصيري، أن مصرف لبنان لم ينفِ الخبر ولا إدارة المصرف المعني أيضاً.
واضافت الصحيفة ان بيان سلامة وتسريب اسم بعاصيري، جاء بعد أقل من 24 ساعة على الزيارة التي قام بها رئيس مجلس إدارة “جمال تراست بنك” أنور الجمّال، إلى حاكم مصرف لبنان، ما أوحى بأن «التسوية» المنتظرة، بعد إدراج المصرف على لائحة «أوفاك» من قبل وزارة الخزانة الأميركية، نضجت في اتجاه التصفية الذاتية، استناداً إلى المادة 17 من القانون 110، وأسقطت خيار بيع موجودات المصرف والتزاماته إلى مصرف آخر، كما حصل مع البنك اللبناني الكندي. هذا الحل جاء، بحسب المطلعين، بعد جولة من الضغوط الأميركية الرافضة لأي معالجة لا تتضمن التصفية، ما أقلق المصارف الراغبة في الاستحواذ على موجودات بنك الجمّال ومطلوباته.
وتابعت الصحيفة ان المادة 17 المذكورة في بيان سلامة تنصّ على تفاصيل “التسوية” الحاصلة. تشير هذه المادة إلى أنه يمكن أحد المصارف الذي لم يعد قادراً على متابعة أعماله، أن يعرض على مصرف لبنان تمليكه موجوداته والتفرّغ عن حقوقه كلياً أو جزئياً مقابل تأمين السيولة اللازمة للإيفاء بالتزاماته ومطلوباته. وتنصّ أيضاً على أنه «إذا تبيّن للمجلس المركزي، بعد تخمين قيمة الموجودات الثابتة والحقوق العائدة للمصرف المعني، مضافاً إليها عند الاقتضاء كل أو جزء من قيمة ضمانة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، أن قيمتها كافية لتسديد كامل الودائع لديه وباقي التزاماته، يعود للمجلس المركزي بصورة استثنائية أن يوافق على تملّك الموجودات وقبول التفرّغ عن الحقوق كلياً أو جزئياً شرط أن يقترن قرار تعيين المصفي بموافقة حاكم مصرف لبنان وأن تجري التصفية بإشرافه ومراقبته».
تقول المصادر إن هذا النصّ يعطي سلامة الحق منفرداً بتسمية المصفي، أي بعاصيري، وبإدخال المؤسسة الوطنية لضمان الودائع في عملية التصفية لتعويض المودعين. التعويضات المنصوص عنها في قانون المؤسسة هي 5 ملايين ليرة عن الودائع التي تزيد قيمتها على 5 ملايين ليرة، والودائع الأقل تدفع كاملة، علماً بأن المجلس المركزي ليس موجوداً بسبب انتهاء مدّة ولاية نواب الحاكم الأربعة، وينوب سلامة وحده عن هذا المجلس بالاستناد إلى نظرية تسيير المرفق العام.
الى ذلك فان تصفية المصرف قد تمتدّ لسنوات، إلا أن المصادر تشير إلى أنها قد تنجز خلال فترة سنة أو سنتين في حدّ أقصى. وفي هذا الوقت يترتب على المصفّي مهمة أساسية تتعلق بالمشكلة التي وقع المصرف بسببها، أي الفصل بين الحسابات الشرعية والحسابات «غير الشرعية». لذلك، قد تكون تسمية بعاصيري لهذا الموقع ملائمة، نظراً لكونه «الوديعة الأميركية» في مصرف لبنان، أي إن تسميته ترضي الأميركيين.
وفي سياق متصل اشارت الصحيفة الى ان كلفة تشغيل المصرف تصل إلى 15 مليون دولار سنوياً، أي إنه إذا امتدت عملية التصفية لسنة ونصف ستبلغ هذه الكلفة 22 مليون دولار، فيما تقدَّر كلفة صرف الموظفين بنحو 30 مليون دولار، ما يعني أن مصرف لبنان سيدفع ما لا يقل عن 119 مليون دولاراً بدل عملية تصفية البنك. علماً بأن العروضات التي تلقاها رئيس مجلس إدارة المصرف أنور الجمال في السنوات الماضية كان أكبرها 106 ملايين دولار خاضعة لدراسة الموجودات والمطلوبات، وأقلها 85 مليون دولار عرضت عليه من شركة “انترا” لدمج المصرف مع بنك التمويل المملوك منها.
واوضحت الصحيفة ان المصرف كان يربح نحو 7 مليارات ليرة سنوياً (4.6 ملايين دولار سنوياً)، لكن مالكيه (أو مالكه أنور الجمال) لن يدفعوا قرشاً إضافياً لتغطية أي نقص قد ينتج من عملية التصفية، سواء للمودعين أو للموظفين، لأن مؤسسة ضمان الودائع ستغطي جزءاً من عملية استرداد الودائع ومصرف لبنان قدّم ضمانته لدفع حقوق الموظفين.
أما عملية التصفية، فهي عبارة عن ردّ الودائع لأصحابها في وقت استحقاقها. وتصفية الموجودات ستجري، بحسب مصادر مطلعة، على أساس القرارات التي ستصدر عن المحكمة المصرفية المنشأة بموجب القانون 110، أي إنها ستشمل التعامل مع محفظة قروض بنك الجمال، ومع الأصول الثابتة التي يملكها، سواء كانت عقارية أو توظيفات في السندات أو سواها… في بعض الحالات، نقلت الموجوادت إلى المؤسسة الوطنية لضمان الودائع لبيعها، إلا أنه ليس بالضرورة أن تتمكن المؤسسة من تصفيتها. وقد حصلت حالات مشابهة مثل تصفية بنك المغترب وبنك مبكو وسواهما من المصارف التي وضع مصرف لبنان يده عليها والتي لا تزال عقاراتها معروضة للبيع.