السوريون باقون في لبنان… لا عودة قبل الـ2021!

لا يزال لبنان يتلقى إشارات سلبية ومقلقة تؤكد صعوبة عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى بلادهم في المدى المنظور، مما يزيد الطين بلّة ويضاعف الأعباء، التي لم يعد لبنان يتحمّلها لوحده، وهو بالكاد قادر على حل مشاكله الإقتصادية، التي تتفاقم يومًا بعد يوم إلى حدود الضائقة التي تنعكس سلبًا على أوضاعه الداخلية، خصوصًا أن الحكومة المنشغلة هذه الأيام بملف التعيينات لم تبدأ حتى الآن بمنهجة خطة الطوارئ الإقتصادية، التي تمّ التوافق عليها في اللقاء الحواري الإقتصادي في بعبدا، منذ أسبوعين.

وهذا الهمّ الذي يقضّ مضاجع اللبنانيين ويشاركهم طبقهم اليومي يبدو أنه مدرج في ملفات الدول المعنية بأزمة النازحين، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية، دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بدعوته، خلال إجتماعه مع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، الولايات المتحدة الأميركية الى أن تُساعد لبنان في تسهيل عودة النازحين السوريين الى أرضهم، كونه لم يعد قادراً على تحمّل المزيد بعد التداعيات السلبية التي شملت كلّ القطاعات اللبنانية نتيجة تزايد أعدادهم، ومشيراً الى أنّ لبنان ماضٍ في تسهيل هذه العودة وأنّ عدد العائدين إرادياً بلغ حتى الآن 352 ألف نازح لم يُواجهوا أي مشاكل.

 فهل يُشكّل هذا العدد حافزاً للمجتمع الدولي، ومن ضمنه، أميركا لمساعدة لبنان في تسهيل العودة؟

جواب شينكر لم يكن دبلوماسيًا، وهو ابلغه إلى جميع من التقى بهم، ومفاده أن هذه العودة غير ممكنة في الوقت الراهن طالما أن الحل السياسي في سوريا لم تنضج ظروفه بعد، وبالتالي لا يمكن المغامرة في هذا الأمر.

ويبدو أن واشنطن ليست لوحدها في هذا الموقف، لأن لفرنسا الموقف نفسه وكذلك معظم الدول الغربية، وحتى الفاتيكان، الذين يثمنون استقبال لبنان عددا كبيرا جدا منهؤلاء النازحين، الذي يفكر بعضهم بالعودة طوعيًا إلى بلادهم، فيما الأكثرية العظمى منهم لا تفكر بهذه العودة على المدى القريب، لأنها تخشى، بكل بساطة، ألا يكون أمنها مضمونا في سوريا.

وفي رأي المسؤولين الفرنسيين أن مفتاح هذه العودة موجود في دمشق، غير أن المسؤولين السوريين  لا يبدون رغبة حقيقية بتسهيل هذا الأمر، وهم يرفضون، ولأسباب كثيرة،  إتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات التي توحي بالثقة والطمأنينة.
فالولايات المتحدة الأميركية لا تزال تعتبر أن عودة النازحين الى بلادهم سابقة لأوانها، محاولة تبرير ذلك،  إستنادًا إلى التقارير والوثائق الصادرة عن بعض الهيئات الدولية والمنظّمات الإنسانية، مثل الوثيقة الأخيرة لمنظمة العفو الدولية “أمنستي” بعدم توافر الظروف الأمنية والمعيشية والإجتماعية لهذه العودة.

أما اللبنانيون فمنقسمون في مقاربتهم لهذه العودة، ومنهم وعلى رأسهم “التيار الوطني الحر”، يرون ضرورة أن تتم العودة اليوم قبل الغد وتفعيل المبادرة الروسية والعمل على تأمين الظروف المؤاتية لها، فيما يعتبر آخرون، ومن بينهم “القوات اللبنانية” أن هذه العودة في الظرف السوري الداخلي الراهن غير آمنة، في الوقت الذي لا يزال الأمن العام ينظم عملية العودة الطوعية لعدد لا بأس به حتى الآن.

من جهة ثانية قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في مقابلة نشرتها  صحيفة “ترود” الروسية: “لقد انتهت الحرب في سوريا فعلاً. هذه الدولة تعود بشكل تدريجي إلى الحياة الطبيعية السلمية. لقد بقيت هناك بؤر توتر في الأراضي التي لا تسيطر عليها الحكومة السورية، على سبيل المثال في إدلب وشرق الفرات”.
وحدد لافروف أولويات المرحلة المقبلة، بالإشارة إلى الأهمية الخاصة لـ”تشكيل وإطلاق لجنة تهدف إلى دفع الإصلاح الدستوري”. ورأى أن إنجاز تشكيل اللجنة “سيكون خطوة مهمة في دفع العملية السياسية التي يقودها السوريون أنفسهم وتنفيذ مهامها بمساعدة من جانب الأمم المتحدة”.
فإذا كانت توقعات لافروف في محلها فإن الحل لن يبصر النور قبل موعد الإنتخابات الرئاسية في سوريا في العام 2021، وهذا يعني أن عودة النازحين غير الطوعية لن تتم قبل هذا التاريخ.

اندريه قصاص – لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!