الحدود اللبنانية في ورطة .. خلاف وعجز وضغوط غير مطمئنة

لاشك في أن الواقع اللبناني اليوم ممسوك من الداخل والخارج ولكنه ممسوك من نقاط ضعفه وفقاً لمصالح القوى الداخلية والخارجية. والضائقة الإقتصادية والمالية التي يعيشها اليوم ليست سوى حرب إقتصادية ومالية يجري مجابهته بها من بوابة “سيدر” حيث بدأت تتظهر مؤخراً خيوط الملفات الشائكة التي بدأ العمل على ربطها به.
وآخر خيوطها ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية، الذي رُبط تسهيل الحل فيه بالحصول على دعم أميركي لمشاريع استثمارية في لبنان تصل الى نحو 6 مليار دولار أميركي.
بالطبع الحماسة الأميركة تجاه لبنان في التوسط لحل ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية لا يمكن قراءتها بمعزل عن صفقة القرن التي يستعد الرئيس الأميركي للكشف عن بنود شقها السياسي في الأسابيع المقبلة. قد يرى البعض في هذا الربط مبالغة ولكن في قراءة بسيطة للنتائج التي يمكن أن تترتب على ترسيم الحدود في حال تمت وفقاً للصيغة التي تسعى الإدارة الأميركية مع العدو الاسرائلي إلى فرضها، بما يوصل الى التوقيع المباشر على وثيقة خطية تحمل إلى جانب توقيع لبنان توقيع العدو الإسرائيلي، فإنه يتضح أنها ستكون بطريقة أو بأخرى بمثابة اللبنة الأولى في مساعي فرض “السلام مع العدو الاسرائيلي بدون اتفاق سلام” على ما قد يستجر ذلك من خطوات أخرى أوسع في هذا الإطار.
بالطبع تدرك الإدارة الأميركية ان أي صيغة بموضوع ترسيم الحدود لن تمر من دون موافقة “حزب الله”، من هنا يأتي الحراك الاميركي في دكّ اسفين الخلاف بين القوى لسياسية اللبنانية بطريقة غير مباشرة عبر تحويل بوصلة التفاوض حوله الى يد رئيس الحكومة سعد الحريري بعد ربط الحل فيه بالدعم الأميركي للبنان، في حين أن ملف التفاوض في عهدة رئيس مجلس النواب نبيه بري المعروف بحرصه على عدم تقديم أي تنازلات في ملف الترسيم لاعتبارات عدة منها ما هو مترتبط بالموقف السوري من الترسيم لناحية أراضي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ومنها ما هو مربتط بموقف “حزب الله”، الذي في حال تم ترسيم الحدود بخلاف توجهاته فان ذلك يعني تطبيق فعلي للقرار 1701 نحو وفق اطلاق النار، وبالتالي سقوط مبرر وجود سلاح “حزب الله” . أضف اليها مواقف بعبدا غير المباشرة الأخيرة الرافضة لحصر ملف التفاوض في يد مرجعية أخرى غيرها على ما يحمل ذلك من مساعٍ لإعادة  الدور للمرجعية الماروينة  في القرار اللبناني دولياً.
قد لا يقف التهور الأميركي عند هذا الحد ولا عن مساره في فرض العقوبات وتجفيف منابع تمويل ايران وحلفائه وعلى رأسهم “حزب الله”، وإنما قد يتعداه الى خطوات ميدانية أوسع قد تجد ساحتها في لبنان مستفيدة من عدة عوامل، من ضمنها ملف ضبط الحدود مع سوريا وقد سبق أن استخدمت القوات الأميركية المطار العسكري في منطقتي رياق وحامات والقاعدة العسكرية في عمشيت ولديها فرقة عسكرية حالية فيهم، مما يعزز فرضية استعمال اللاعب الأميركي لهذه الورقة، التي يطمح لها منذ زمن بعيد،عبر إنشاء قاعدة عسكرية ثابتة في أحد تلك المناطق بما يحفظ له موطىء قدم في المنطقة بالتوازي مع التواجد العسكري الروسي في سوريا ويسمح له في آن من تقويض حراك “حزب الله” على الحدود اللبنانية – السورية.
امام هذا المشهد، يبدو أن الواقع اللبناني متجه نحو مزيد من الضغوط على كل المستويات فيما الحلول باتت مرتبطة بخيوط الحل الخارجية في ظل عجز واضح للقوى السياسية الداخلية عن المعالجة الاقتصادية والمالية خارج اطار مؤتمر “سيدر” والتزاماته.  
(ميرفت ملحم – محام بالاستئناف) – لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!