جنبلاط لبري: النجدة!

تدور الدائرة وتدور ويُحكى عن قرب حصول لقاء بين حزب الله والتقدمي الإشتراكي برعاية رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، يأتي إستكمالاً للحراك الأوّل الذي بدأه الأخير على خلفية “أزمة عين دارة” و “المصارحة والمصالحة” التي حصلت في قصر بعبدا، ولكن المفارقة أن الصراخ يعلو ويرتفع ويحجز ويضرب مواعيد إعلاميّة، وحزب الله آخر من يعلم!

في إعتقاد البعض، أن الدَوي الذي يُسمع صداه في أرجاء المجلس، ما هو إلّا نِتاج عصف فكري يسعى “الإشتراكي” إلى تعويم تفاصيله عساه يثبّته بفعل أمر واقع، هذا البعض بنى تمنّياته على رُزمة معايدات ودعوات سُجّلت على خط الضاحية – المختارة، تعتبر مصادر مواكبة أنها “لم تنقطع في ذروة الاشتباك، وبالتالي لا يصح تصريفها بما يُخالف منطق الدعوات”.

ثم أن البعض الآخر يُفسّر الدائرة الدوارة بأنها شيء من لفت النظر تجاه مساعي جارية يبدو لغاية اللحظة أنّ الحزب يمارس أمامها فعل التطنيش، كفعل فتاة لا تستهوي شاباً!

وللحقيقة، أن ثمّة “خطّابة” في بالها مسعى جمع ونية، أو مصلحة، في إتمام جواز شرعي غير ماروني وأبعد ما يكون عن “عقد زواج مُتعة”، وهذا يندرج ضمن التفكير السياسي البعيد المدى لهذه الجهة.

رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي حَزَمَ أمره في السير قُدماً بمشروع الجمع بين حزب الله والإشتراكي بناءً على دعوة إشتراكية من جنبلاط شخصياً، الذي طلبَ من صديقه القديم برّي إتمام صلحة بينه وبين الحزب، وطبعاً برّي لا يمانع اداء الدور في مثل هذه الأحداث، وكيف لا إذا ما كانت إكراماً لعزيزين!

المشكلة تكمن بالعروس المتمثلة بحزب الله، الذي يبدو أنّه غير طوّاق لإتمام هذه المسألة، وهو على ما ينقل زواره، لا يرغب في إتمام عقد قران الآن، “عملاً بالتجارب المرّة السابقة” لذا هو يُمارس نوعاً من أنواع الاستماع من دون التعليق على الدعوات التي ترده رغم أنّها تأتي من “حبيب القلب”.

يعتبر وليد جنبلاط أن الفرصة سانحة أمامه الآن لإتمام “صُلحة” يرعاها برّي، مختلفة عن سابقاتها، وهو يعتبر أنه سلّف موقفاً للثنائي الشيعي حين قَبِل بالتنازل عن رزمة مطالب تسهيلاً لمصالحة قبرشمون، أكبرها التراجع عن مطلب الجلوس مع الأصيل (أي حزب الله) بدلاً عن الوكيل (أي طلال أرسلان). في بال “البيك” أن الحزب في وارد رد الجميل وإن باب الحارة سيفتح كي يتمّم صفقة!

لكن الضاحية في مكان آخر، لسان حالها يلهج بذكر كلمة “بكير” عند كل مرّة تُسأل فيها عن هذه الاحتمالات، لا بل أن المعلومات المتوفّر لـ”ليبانون ديبايت” تؤكّد أن كل العروض التي تقدّمَ بها الرئيس برّي لصالح إنعاش الفكرة وتأمين موعد يجمع الحزب بالاشتراكي، لم يرد عليها الأوّل بإيماء الرأس بل بعبارة “منشوف”، ومنشوف هذه غير معلومة الأجل.

ثم أن وليد جنبلاط، وضعَ عند الرئيس برّي نظرةً تقول إنه ومن الواجب في حال أردنا تصحيح العلاقة، أن يحصل اللقاء بينه وبين السيد حسن نصرالله، وهذا من وجهة نظر الحزب مستحيل حدوثه حالياً لكون ظروفه لم تنضج بعد، واقصى ما يمكن أن يحصل هو لقاء على مستوى قيادي كالذي استضافته عين التينة عند بلوغ الخلاف على معمل “عين دارة” اوجّه.

لكن حزب الله لا يسمع ولا يُعلّق. كل الاقتراحات التي وردت إليه تعامل معها بخفّة تدل إلى عدم “عجلته”، وان الوقت لم يحن بعد. آخر ما ورده من الرئيس برّي، هو عقد لقاء على مستوى قيادي يؤسّس إلى لقاء أشمل، وهو مطلب تعاملَ معه الحزب كما تعامل مع ما سبقه، وبعدها لم يتبلغ الحزب أي جديد من عين التينة المنهمك سيّدها في التحضير لإحياء ذكرى إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في النبطية.

ثم أنّ سفر اللواء عباس إبراهيم صاحب العصا السحرية التي لها أن تُزيل الكثير من العثرات من أمام أي خطوة، تُحسب في خانة تأخير احتمالات حصول لقاء لا تقريبه، والمعنى أن الانتظار على قارعة الضاحية سيطول إلى حين تكوّن أجواء لها أن تُصلح المخرّب وتُعيد برمجة العقل المجرب في شكلٍ مختلف.

في خلاصة الموقف، لا تعتبر مصادر مطّلعة على موقف الضاحية “ضرورة الآن لإتخاذ خطوة على وزن مصالحة مع الاشتراكي ما دام جرح جريمة قبرشمون – البساتين وما ترتبَ عنها لم يندمل بعد”. بمعنى أوضح، حزب الله الذي ترصد راداراته محاولات إشتراكية لـ”كسر طلال أرسلان”، لن يقبل بلقاء يريد من يطلبه أن يكون بمثابة “عملية كسر لخلدة”.

ليبانون ديبايت – عبدالله قمح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى