كنيسة القديس جاورجيوس في ابو قمحة الجنوبية

 

 

تقول الرواية انه وفي قديم الزمان وايام الخير والبركة، وصل الى قرية ابو قمحة فارس شاب جميل يتقلد رمحه وعدة القتال على صهوة جواده قادماً من انطاكية ومتجهاً الى بلاده في الاراضي المقدسة… ولاحظ الاهالي ان وصول هذا الفارس المجهول الى بلدتهم تزامن مع امور ايجابية عدة، منها: تدفق مياه نبع البلدة التي كانوا في امس الحاجة اليها للري والشرب والاستخدامات الاخرى، اضافة الى فيض المواسم الزراعية من حبوب وثمار، فكان ان عمت البهجة بين الاهالي الذين كانوا يعانون شظف العيش وظلم الحكام. ويبدو ان الفارس الشاب لم يكتفي بنعمه على الاهالي بل اخذ يساعد المرضى على الشفاء ويعالج المصابين ويهتم بمواساة المحزونين والمفجوعين وكان سنداً للجميع في محبته. ولم يكتفي الفارس الشاب بذلك بل بادر الى الطلب من الاهالي بناء كنيسة على أسم القديس جاورجيوس، وهذا ما كان اذ شرع الاهالي في بناء الكنيسة حجراً وراء حجر بمعونة الفارس، الى ان كان يوم ابلغهم فيه عن نيته اكمال رحلته الى الاراضي المقدسة جنوباً فكان ان اجتمع الاهالي لوداعه وساروا معه الى ان بلغ مشارف القرية حيث امتطى حصانه وانطلق جنوباً الى فلسطين… وهنا كانت المفاجأة عندما تبين للاهالي ان اثار اقدام هذا الفارس انطبعت على الصخر وكذلك اثار اقدام حصانه فايقنوا عندها وكمن يصحو من الحلم ان هذا الفارس الشاب الجليل ليس إلا القديس جاورجيوس الشهير، قاتل التنين وحامي الحمى…
لم يتخلى القديس جاورجيوس عن قرية ابو قمحة التي اخذت اسمها من زراعة سهول القمح، وتحولت اثار دعسات حصانه الى مقصد للمؤمنين من كل الطوائف وطالبي الشفعة من الاولياء الصالحين، كيف لا وهو “القديس القبضاي” لدى الموحدين الدروز كما وصفه آل تلحوق، او “الخضر” عليه السلام لدى المسلمين…
يحفظ الاهالي قصصاً او اخباراً كثيرة عن شفاعة القديس جاورجيوس في ابو قمحة والعجائب التي جرت على يده… وخلال الحروب الكثيرة التي مرت على البلدة سقطت الالاف من القذائف المدفعية وقنابل الطائرات على البلدة ومحيطها، لكن القرية الصغيرة الوادعة نجت من الشرور والخراب وخصوصاً الكنيسة التي كان الاهالي يحتمون في داخلها ويروي العمرون من بينهم كيف كانوا يسمعون قرقعة حوافر حصان مار جريس على سطح الكنيسة في سعيه لحماية الاهالي…

بيار عطاالله – المرصد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى