إسرائيل تتحضّر لزلزال مدمر…

أجرت إسرائيل قبل أيام، أكبر مناورة في تاريخها أُطلق عليها اسم “الأمواج العظيمة 2019″، وضمت ممثلي 10 قوى بحرية وحلف شمال الأطلسي في ميناء حيفا، لمحاكاة آثار زلزال مدمر يضرب وادي بيت شيان في شمال إسرائيل، ويتسبب بمقتل سبعة آلاف شخص ويجرح ألوفاً ويدمر المستشفيات والبنية التحتية.

الصدع السوري – الإفريقي

يصف مسؤولو البحرية الإسرائيلية هذه المناورة بالأضخم في العالم، وتمثل ضرورة قصوى، لأن الدولة العبرية تقع على طول خط زلزالي فاصل وناشط: الصدع السوري – الإفريقي، الممتد في قشرة الأرض مسافة 6000 كيلومتر من لبنان وسوريا ووادي نهر الأردن والبحر الميت. كان آخر زلزال كبير ضرب المنطقة في عام 1927، وبلغت قوته 6.2 درجة على مقياس ريختر، وأسفر عن مقتل 500 شخص وجرح 700. ويقدر العلماء أن مثل هذه الزلازل تحدث في هذه المنطقة كل 100 عام تقريباً، لذلك من المرجح أن يتكرر بعد ثماني سنوات.

عن طوير سيناريوهات المجابهة التي تحاكيها التدريبات، قال الرائد عميشاي راشاميم، رئيس قسم التدريبات البحرية، لصحيفة “التايمز” الإسرائيلية، إن البحرية الإسرائيلية والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ الإسرائيلية المعروفة باسمها العبري “راشيل” درستا الزلازل التي ضربت هايتي في عام 2010 واليابان في عام 2011. وحاكت المناورة تشريد أكثر من 150 ألف شخص وتدمير شبكات الكهرباء وإمدادات المياه والاتصالات والطرق والمستشفيات.

أهداف المناورة

شاركت الولايات المتحدة وفرنسا واليونان مشاركة  كاملة في التمرين، فأرسلت سفناً وأفراداً إلى حيفا للمشاركة في التدريبات إلى جانب نظرائهم الإسرائيليين. وشارك في الجوانب غير المادية للتدريبات ممثلون من قبرص وتشيلي وإيطاليا وألمانيا وكندا والمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

وكان للتدريبات البحرية، حسب “التايمز” الإسرائيلية هدفان رئيسيان: التدريب على إنشاء “بوابة بحرية”، تمر عبرها معظم المساعدات الإنسانية التي تحتاجها إسرائيل في أعقاب الزلزال الهائل، ومعرفة كيفية رفع كفاءة العمل مع المنظمات الوطنية والدولية التي ستشارك في أعمال الإغاثة أثناء الكوارث. وقبل سنوات اختُبرت بعض جوانب الموجات القوية، بما فيها إنشاء “بوابة بحرية” في ميناء أشدود. ولكن لم يحدث من قبل أن قامت البحرية بمحاكاة آثار الزلزال على هذا المستوى.

ومن الافتراضات الأساسية لـلمناورة، هو وصول معظم المساعدات الإنسانية بحراً، وليس جواً، في حال حدوث زلزال أو كارثة طبيعية واسعة النطاق. وذلك لأن أكبر طائرات الشحن لا يمكنها أن تحمل جزءاً يسيراَ مما يمكن أن تحمله السفن. ونقل هذه الكمية من المساعدات بأمان وسريعاً إلى أنحاء البلاد المفترض أن تتضرر طرقها وبنيتها التحتية جراء الزلزال، يتطلب بذل جهد هائل من البحرية الإسرائيلية والموانئ، وغيرها من مؤسسات خدمات الاستجابة للطوارئ.

السيناريو المفترض

بعد وقوع الزلزال تعلن إسرائيل حال الطوارئ، وتطلب المساعدة من الحكومات الأجنبية، وتقوم البحرية وغيرها من الهيئات المعنية بتقييم الأضرار التي تلحق بموانئ البلاد – وأكبرها ميناءا حيفا وأشدود – وتحديد أيهما يكون أنسب لتلقي المساعدات الإنسانية.

لإدارة جهود الإغاثة، تنشئ إسرائيل مركز التنسيق البحري الذي يضم ممثلي البحرية و “راشيل” والشرطة وسلطة الموانئ والخدمات الطبية والبحرية الأجنبية. وحسب الرائد عميشاي راشاميم، تحدد “راشيل” المطلوب من المساعدات الإنسانية، سواء أكانت خياماً أو ماءاً أو دواءاً أو أي شيء لم تفكر فيه البحرية.

وتعتبر إسرائيل أن مشاركة أساطيل أجنبية عشر وحلف شمال الأطلسي، ينبع من إدراكها أن هذا النوع من التدريبات ليس مفيداً لها فحسب، بل لجميع الدول، إذ ليس من المتوقع متى تضرب الكارثة وأين. ويورد راشاميم مثالاً يشير إلى تعاون الدول ونجاح المناورة: أثناء التدريبات قام شخص بإنقاذ ضحية من الماء في قارب إسرائيلي قابل للنفخ. وبعدها جاء طبيب إسرائيلي على متن سفينة إسرائيلية ليقدم الإسعافات الأولية. ثم وصل قارب يوناني ونقلهم إلى سفينة أميركية. وأخيراً نقلتهم مروحية فرنسية إلى مستشفى إسرائيلي.

سامي خليفة – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!