جون بولتون الفوضى والحروب

 

 

 

جون بولتون الفوضى والحروب

بقلم الكاتب محمد سعد

مستشار في العلاقات الدولية والدبلوماسية

 

في كتابه الشهير انهيار الامبراطوريات يبين المؤرخ كيندي ان اهم عناصر سقوطها هو توسعها باكثر من امكانياتها المادية والعسكرية، وهذا ما انطبق على الامبراطورية البريطانية، والاتحاد السوفياتي، وهذا ما يحصل الان مع الامبراطورية الاميركية، ففي محاضرة له في جامعة هارفارد ذهب مؤرخ القرن العشرين الى نفس النتيجة وقال: “ان الامبراطورية الاميركية ستسبب الفوضى والبربرية اثناء سقوطها”.

جون بولتون الذي عينه ترامب مستشارا للامن القومي، وهو الثالث منذ تولي ترامب منصبه، يعتبر واحدا من ابرز صقور ادراة بوش الابن، وهو معروف في اوساط الكونغرس بالمتطرف في قضايا الشرق الاوسط، اضافة الى انه مقيت في معاملته اثناء خدمته في وزارة الخارجية.

حقائق عن بولتون

1 ـــ لقي تعينه ترحيبا حارا في الكيان الصهيوني، فهو الموصوف والمعروف بغلوه في تأييد الصهيونية ودعمه المطلق لها.

2 ـــ يرفض بولتون حل الدولتين، وافشل قرارا امميا يساوي بين الصهيونية والعنصرية، متحمس وداعم لقرار اعلان القدس عاصمة “لاسرائيل”، ومن المعلوم تردده على البيت الابيض اثناء تحضير صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وله مقال في الواشنطن بوست في 5 كانون الثاني 2009 الصفحة 11 يقول فيه: “ان مشروع حل الدولتين فشل لان حماس قتلت ذلك المشروع، فالارض المقدسة لا تتسع لبعثين، لذا لا بد من اعادة غزة الى مصر، والضفة الغربية الى الاردن لانهما دولتين مرتبطان بمعاهدات سلام مع “اسرائيل” ولديهما اجهزة امنية قمعية”.

3 ـــ دفع بولتون من اجل غزو العراق، وهو المسؤول عن تحديد الاسلحة انذاك، واستند في تبريره للغزو على مزاعم كاذبة حول اسلحة الدمار الشامل العراقية، اذا يعتبر ان اسوأ قرار بعد غزو العراق هو انسحاب القوات الاميركية عام 2011.

4 ـــ بولتون من اشد المعارضين للاتفاق النووي الايراني، ويدفع باتجاه ان تضع ادارة ترامب استراتيجية لتغيير نظام الحكم في ايران، فهو يعتبر نظام “الملالي” هش للغاية، ويعتقد ان هناك معارضة داخلية له هائلة للغاية، وهذا الكلام الخادع يشبه كثيرا التعمية والتضليل اللذين مارسهما بولتون عشية غزو ادارة بوش الابن للعراق.

5 ـــ يؤيد بولتون استخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية، اذ كتب مقالا يبين فيه ما اسماه حجج ودعاوى قانونية لضرب كوريا الشمالية استباقيا (هو بالمناسبة احد رواد الحرب الاستباقية وابرز الداعين والمروجين لها)، لوقف ما اعتبره بولتون تهديدا وشيكا.

6 ـــ عمل سفيرا للولايات المتحدة الاميركية لدى الامم المتحدة في ادارة بوش الابن، فاثناء عمله ازال توقيع الولايات المتحدة الاميركية من معاهدة انشاء المحكمة الجنائية الدولية.

فاوض بولتون على اكثر من مائة اتفاقية ثنائية لمنع تسليم الاميركيين الى المحكمة الجنائية الدولية، وصفه ريتشارد بينتر كبير المحامين في البيت الابيض اثناء فترتي رئاسة بوش الان بالرجل الاكثر تطرفا وعدائية، معتبرا تعينه انذاك دعوة الحرب (هذا الكلام ينطبق على تعينه ايضا في ادارة ترامب)، وربما حرب نووية يجب ايقافها باي ثمن.

7 ـــ يدعو لخفض الدعم الاميركي للامم المتحدة مغلبا الاحادية الاميركية على كا ما عداها من عمل جماعي دولي في اطار المنظمات الدولية.

8 ـــ ينظر بولتون الى الاتحاد الاوروبي بصلف واستعلاء، فالاوروبيون يحتاجون الولايات المتحدة الاميركية ومظلتها العسكرية وحمايتها الامنية، لمواجهة الاندفاعة

الروسية وصعود نجمها، لذا لا حاجة لسماع اصواتهم في المنعطفات والاستحقاقات الكبرى.

جون بولتون سينضم الى فريق ادارة ترامب الذي لم تبقى بلدا الا وعادته، مخلفة اختلالا كبيرا في العلاقات الاستراتيجية مع الحلفاء الاوروبيين، لا سيما في الملف النووي الايراني وغيرها من الملفات الكبرى والحيوية، هذه الادارة التي فرضت قيودا على التجارة الحرة مع الصين، مما دفع الاخيرة لمعاملتها بالمثل، هذه الادارة التي ترفض التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ، هذه الادارة التي تهدد بالانسحاب من عشرات المعاهدات والاتفاقيات الدولية، هذه الادارة التي وضعت كل شيء تحت سيف التهديد والوعيد، هذه الادارة التي اعلن رئيسها بوقاحة بان دول الخليج غنية ونريد جزء من ثرواتهم، هذه الادارة فقدت توازنها واتزانها.

فكيف سيكون المشهد الدولي بعد انضمام بولتون الى ادارة ترامب؟

الجواب يكمن في مشاريع الحروب الجديدة التي اكتملت معالمها وخططها وتفاصيلها في جعبة معسكر ترامب المتأهب للحرب في واشنطن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى