نفق سكة الحديد يتحدى اسرائيل
تنفس البقاعيون الصعداء بعدما وقّعت اللجان النيابية المشتركة على مشروع قانون نفق يربط ميناء بيروت بالبقاع. جاء التوقيع بإجماع كل نواب البقاع على اختلاف مواقفهم ومشاربهم السياسية، أولاً، لاعتباره خشبة الخلاص من أتون “الموت” على طريق ضهر البيدر، وثانياً، كونه يعد أحد أهم أسلحة الردع والدفاع بوجه العدو الاسرائيلي، الذي بدأ تنفيذ مشروعه بربط ميناء حيفا بخط الحجاز لقطع الطريق على لبنان من أن يكون نقطة الربط والتواصل الاقتصادي. لذا يرى بعض النواب أن الموافقة على مشروع قانون لشق هذا النفق، هو من أهم وأكبر الإنجازات لما له من أهمية على الصعد كافة، ما يستدعي الإسراع في تلزيمه وتنفيذه.
وبحسب الدراسة التي أعدها مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية منذ نحو ثلاث سنوات، فإن هذا النفق يبلغ طوله نحو 23 كلم، يبدأ من قناطر زبيدة في منطقة الحازمية وينتهي في سهل البقاع الأوسط بين خراج مكسه وتعنايل، وذلك حسب مستوى الإرتفاع والتوازنات والمنخفضات الجيولوجية. وتكشف الدراسات أن النفق معد لسكة حديد تنقل الركاب والبضائع والسيارات، وليس طريقاً سريعاً للسيارات كما يظن البعض، لأن مجرد التفكير أن يكون خط سير للسيارات يعني زيادة المشكلة، كون المسافة أقصر ويزداد التنقل من والى بيروت وبالتالي يزداد الازدحام. ومن شأن سكة الحديد أن تخفف عبء زحمة السير في العاصمة كذلك عبء سير الشاحنات بين البقاع وبيروت. ويستحيل أن يكون هذا النفق خط سير للسيارات (طوله يزيد عن 23 كلم)، بوجود إنبعاثات غازية للسيارات لأنها ليست بمجملها سيارات حديثة ومجهزة لأن تكون صديقة للبيئة. وأشارت الدراسات إلى أن النفق يخلق ميناء جافاً يرفع من القدرة الاستيعابية لميناء بيروت. لذا يتسابق النواب، كلّ يريد أن يجيّر النفق لنفسه كمعدّ للمشروع، كونه يعتبر حلماً للبقاعيين الذين لم يصدقوا بعد أن هذا الحلم يمكن أن يتحقق ويتم ربط البقاع ببيروت، من دون مخاطر تهدد سلامة العابرين عليه بشكل يومي.
وكانت اللجان النيابية عقدت أمس الأول جلستها برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي والمقرر رئيس لجنة الصحة النائب عاصم عراجي، وتمّت الموافقة على اقتراح قانون يجيز للحكومة إنشاء نفق يربط البقاع ببيروت على طريقة الـ BOT، الذي كان تقدم به كل من النواب: الفرزلي، عراجي، محمد القرعاوي، عبد الرحيم مراد، محمد نصرالله، سليم عون، البير منصور، بلال عبدالله ونقولا نحاس، وقد تمّت الموافقة على اقتراح القانون.
عراجي: يوقف معاناة البقاعيين
وأكد مقرر اللجان المشتركة عضو كتلة “المستقبل” النائب عاصم عراجي لـ”نداء الوطن” أن مشروع القانون قدم منذ نحو ثلاثة أشهر، وبعدما صادقت عليه اللجان المشتركة أصبح بحكم المنجز والنافذ، لم يتبق سوى مروره بالهيئة العامة، وبطبيعة الحال سيقطع الى مجلس الوزراء لأن جميع ممثلي الكتل النيابية صوتت عليه وهكذا أجيز للحكومة تنفيذ المشروع”، وقال: “أطلعت الرئيس سعد الحريري عليه منذ تقدمت به، واعتبر أنها فكرة متقدمة، وكذلك الرئيس الفرزلي أطلع الرئيس نبيه بري وأيضاً كان مرحّباً”. ولفت إلى أن “النقاش إستغرق في اللجان المشتركة نحو ساعة ونصف الساعة، وبعدها صوّت عليه معظم النواب الذين حضروا الجلسة”. وأوضح أن “هذا الإقرار هو إجازة موافقة للحكومة لأن تقره وتضعه على الطاولة للعمل به على قاعدة BOT لأن الوضع الإقتصادي للحكومة لا يسمح بمشاريع ضخمة ومكلفة أو أن تعمل على مبدأ الشراكة بين القطاع العام والخاص. ولفت عراجي إلى أهمية هذا النفق كونه يوقف معاناة البقاعيين من التنقل بين منطقتهم والعاصمة خصوصاً في فصل الشتاء، عدا عن عدد الحوادث والضحايا الذين سقطوا على طريق ضهر البيدر، كما أهمية هذا النفق أنه يربط ميناء بيروت بالبقاع ويساهم في تعزيز دور لبنان الاقتصادي في المنطقة العربية”.
واعتبر عضو كتلة المستقبل النائب محمد القرعاوي أنه “آن الأوان للمواطن البقاعي ان يرتاح من المعاناة اليومية، وخصوصاً في فصل الشتاء، التي يعيشها يومياً على طريق شتورة”. أضاف: “يستحق البقاع والبقاعيون هذا الإنجاز”. ولفت إلى أن “أهمية النفق في فرص العمل التي يخلقها، عدا عن انه يساهم في حل مشكلة الازدحام في العاصمة، كما يساهم في خلق ميناء جاف في البقاع ويعزز قدرة لبنان التنافسية في التصدير”، وقال إن “هذا المشروع سيكون شرياناً إقتصادياً إنمائياً وحيوياً يربط لبنان بمحيطه العربي، لأنه الشريان الوحيد”.
ضاهر: يخفّف كلفة الاستيراد
يفند النائب ميشال ضاهر بالأرقام أهمية إنشاء هذا النفق، وقال: “كان من ضمن مشروعي الانتخابي”، الأهمية فيه أن يرتبط بالمرفأ عبر خط متصل بقناطر زبيدة، مما يخلق ميناء جافاً في البقاع، أضاف: “لنتمكن من رفع الطاقة الاستيعابية لمرفأ بيروت من مليون و 200 ألف الى 5 ملايين كونتينر، هذا ما يعيد لبنان الى موقعه الطبيعي في حركة الترانزيت، ويكون بوابة عبور الى العالم العربي. وهذا ما يستدعي السرعة في تلزيمه وانجازه، لأن إسرائيل بدأت تنفيذ مشروع ربط ميناء حيفا بخط الحجاز عبر سكة القطار، وهذا يخفف كلفة الإستيراد على الشحن كما يخفف كلفة التصدير”، وأوضح أنه “يخلق منطقة حرة في البقاع لتكون بوابة عبور لإعادة اعمار سوريا في المستقبل مما يؤمن آلاف فرص العمل في البقاع”.
وكشف أن الدراسات تقول إن سوريا بحاجة الى استيراد 50 مليون طن سنوياً لإعادة إعمارها، والمرافئ السورية لا تستوعب أكثر من 11 مليون طن، لذا نحن أمام فرصة تاريخية للاستفادة من ظروف المنطقة عبر اعادة اعمار سوريا والتصدير الى العراق.
المعلوف: قاعدة اقتصادية
ولا يختلف رأي عضو تكتل الجمهورية القوية سيزار المعلوف عن النواب الآخرين، وأكد لـ”نداء الوطن” أن خطوة اقرار نفق بيروت – البقاع ليست بالسهلة، فهي تعتبر “الدرجة الأولى على سلم الانماء في المناطق”. وشرح المعلوف أهمية هذا النفق في الانعاش الاقتصادي والصناعي للبنان، وقال: “أهميته أنه يساهم في حل مشكلة الازدحام القاتل في العاصمة، لأنه نفق لخط سكة حديد يكون أسرع من أن يكون خط سير للسيارات، ولمدى قدرته على تحويل مدينة زحلة وسهل البقاع الى قاعدة اقتصادية، من خلال إنشاء ميناء جاف ومدينة صناعية ومعرض يقصده التجار العرب والاوروبيين”.
بدوره النائب عبد الرحيم مراد بارك للبقاعيين بإقرار هذا النفق الذي يريح البقاعيين من كلفة عبورهم على “طريق الموت” في ضهر البيدر، وقال: “هناك كلفة يومية من أرواح أبنائنا”، كما اعتبر أن هذا النفق أهميته تكمن في تعزيز القطاع الصناعي والاقتصادي.