كيف ما قلبتها مش ظابطة!

مع كل إشراقة شمس مشكلة جديدة. ينام اللبنانيون على خبرية ويستفيقون على خبرية أخرى. يبحثون بين سطور الصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل علّهم يجدون خبرًا مطمئنًا فلا يجدون.

يشاهدون نشرات الأخبار المرئية ويسمعون أخبار الإذاعات فلا يجدون فيها سوى أوراق نعي. الأبيض غائب وحتى الرمادي. وحده الأسود هو المسيطرّ. وكيفما حاولوا التحايل على الواقع والسعي إلى تجميله لا يفلحون ولا يوفقّون في ذلك. “مش ظابطة”!

هي نتيجة واحدة لا غير. لا تتعب ولا تحتار. لا تشقى ولا تتعب. البلد سائر نحو الإفلاس، أقله سياسيًا. السياسيون في وادٍ والناس في وادٍ آخر. إهتمام أولئك غير إهتمام هؤلاء. ما يجمع بينهم من قواسم مشتركة أنهم يعيشون في بلد واحد. لكن المفارقة أن الفريق الأول، أي السياسيين، يعرف من أين تؤكل الكتف، فيما لا يعرف الفريق الثاني، أي الناس، من أين يؤكل الرغيف.

قد يقول قائلون إن ما نكتبه نحن معشر الإعلاميين فيه شيء من الحقيقة، ولكن المبالغة في تصوير الأمور على أنها ميؤوس منها ففيها الكثير من الشطط الإعلامي بغية الحصول على أعلى نسبة من القرّاء، الذين عادة تستهويهم العناوين المثيرة، والتي تتناول في حيثياتها ما آلت إليه أوضاع البلاد.

وللإجابة على هؤلاء نكتفي بتوجيه سؤال واحد إليهم، وأغلبيتهم من الموالين للعهد ويصعب عليهم تقبّل الواقع بمرارته: إذا كان في كلامنا مبالغة، على حدّ زعمكم، “حطوّا على عيننا” ودلونا على إيجابية واحدة قد تحقّقت منذ سنتين ونصف. فإن فعلتم ووضعتم حصرمًا في عيوننا نعدكم بأن كتاباتنا من اليوم وطالع ستكون إيجابية، وسنحاول التفتيش عن هذه الإيجابيات بالسراج والفتيلة بهدف الإضاءة عليها وعدم تيئيس الناس من خلال كتابات “مأجورة”، كما يحلو لأهل السلطة تسمية من لا يتفق معهم بالرّأي، بإعتبار أن إتهام الآخرين بالفشل يبقى الأسلوب الأنجح لتبرير الفشل الحقيقي، إذ ليس مطلوبًا من المعارضة تحقيق الإنجازات، ومن مصلحتها التفتيش عن العثرات والثغرات في أداء السلطة وإقناع الناس بصوابية رأي المعارضين وتصويب البورصة لتكون وجهتها نحو المشاريع التي تطرحها هذه المعارضة كجزء من خطتها الآيلة إلى تسّلم السلطة من خلال ما يمكن أن تفرزه الإنتخابات النيابية المقبلة، التي يجب أن تتم وفق قانون إنتخابي أكثر عدالة في صحة التمثيل من القانون الحالي، الذي يُتهم واضعوه بأنهم صاغوه وفصّلوه على مقاسهم.

ما حذّر منه بالأمس الرئيس نبيه بري يصبّ في خانة أن لا شيء “ماشي” في البلد، الذي يقف على قارعة الطرق الدولية يستجدي بعضَا من مساعدات لكي يضع نفسه من جديد فوق الخط الأحمر. وحتى الإستجداء، الذي له أصوله وأساليبه، لم نحسن إستخدامه كما يجب. والدليل أن الدول التي كانت متعاطفة معنا في السابق لم تعد تبالي، ولسان حالها لماذا علينا أن نكون ملكيين أكثر من الملوك أنفسهم، والمقصود هنا المسؤولين اللبنانيين.

اندريه قصاص – لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!