يارا صنف آخر لا تشمله الأخبار .

 

يارا حسن أسعد ابنة التسع سنوات او حواليها.
حين كانت تتشاغب من أجل لعبة، أو تعاند بقوة من أجل موقف أو رأي كنا نقول طفلة صغيرة .. و لا يصح كسر شخصيتها او تغيير نفسيتها، بل علينا توجيهها والسيطرة نوعا” ما على عنادها لنحشو به ضمن مفاهيمنا وآرائنا التي كنا نحسبها مطلق الصح .. فنحن نتمتع بخبرة الحياة وتجاربها، خَبِرنا مصاعب .. وتجاوزنا مصائب و…و…و. .. وهذه الصغيرة التي يجب ترويضها او على الاقل الحد من طموحها وعنادها.

اعترف أننا كنا نتراجع أحيانا” ونطيعها، وكانت تفاجئنا أن تمسكها بما تريد تحقيقه لم يكن لعبة أطفال، فقد كانت تتمتع كثيراً بكلمات تفاجئنا بمعانيها وعمقها، وتكشف أن وراء الك التعابير عقل واعد وفهم نافذ، وربما اكثر منا!

لكن اللغة لا تساعدها على التحسين في العبارة او التزلف في الفكرة فيهي لا تجيد المحسنات البديعية والبلاغية وكل ما يصدر عنها لا يتعدى الفطرة.

بعد تجاوزها سن السابعة بدأنا نستدرج غضبها وتوترها قصدا” وعندا” لنستخرج بعض الدروس التي تتعلمها من فطرة الأطفال فتهزأ أحيانا” .. وتتركنا حائرين وأحيانا” تضحك وتجيب بأسلوبها وطريقتها.

باختصار جاءت مرحلة الحساب الذهني، مسابقات محلية ثم على مستوى الوطن والناجحون مسافرون للتحدي العالمي، وكان خوفي من أفكار مسبقة أحملها مسبقاً ان البنات قاصرات في الأرقام والحساب وعقلهن ميال للخيال والكتابة، ولا يجيد ابدا” لعبة الأرقام، وهذه الصورة لم تكن تتلبسني وحدي بل معظم الناس والأهل والمعلمين، ولا ادري سلبية الفكرة. كيف تولدت وهل حاولنا أن نزيلها أم استسلمنا لها وعليها نقيس .

أتأمل يارا كيف تحرك أصابعها وتصل الى الجمع أو الضرب أو القسمة أو الطرح، وهي بأصابعها النحيفة الصغيرة تعطيني الجواب بأسرع من الآلات .. أقول غدأ تمل فلا بد ستتعبها الأرقام وكأنها تسمع ما يدور بفكري وتقول باسمة : سترى.

وبين اجتهادها وإصرارها ومثابرتها، وعزمي على إمتلاك اليقين والثقة المطلقة بها.. كان الصراع الداخلي عندي .. لكن ابتسم دائما وأقول لها أملي بك أنك ستحققين درجة .. ولكن يا حبيبتي مجرد سفرك هو نجاح .. ومثابرتك تعني أنك نخبة من لبنان .. وعليك أن تثبتي للعالم أن في لبنان قدرات عظيمة لا تشملها الأخبار ولا المحللون الذين يملأون الشاشات. فنحن صنف آخر

وفوجئت بأنها تحتل المرتبة الأولى عاليما” لفئتها العمرية، صحيح أن ثقتي بها كانت كبيرة، لكن النتيجة أكبر من توقعاتي.

فهنيئا” لك.

د. محمد أسعد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى