ألروس في بيروت : العودة ضمن التسوية
في البلاد المنهكة سياسيا واقتصاديا والرازحة تحت وطأة خلافات اهل الحكم والقوى المفترض انها شريكة في التسويات، خلت جلسة حكومة «الى العمل» الاولى بعد «عشرينية» الموازنة، من اي مواضيع قد تنطبق عليها صفة الخلافية.
ذلك أن المصالحات الهشة والقسرية لا تحتمل التطرق الى عمق القضايا والملفات التي تتباين فيها وجهات النظر، ولو انها تحمل طابع الالحاح، وفي مقدمها التعيينات. لقاء الساعات الخمس الذي حاول الرئيس سعد الحريري خلاله تبديد مناخات التوتر مع الوزير جبران باسيل، اعقبه امس بخريطة طريق ترسم اطارا لطريقة النقاشات الموازناتية على الحلبة البرلمانية تنبثق من رحم «التطورات الاقتصادية والمالية في البلد وكلها تؤشر الى قلق جدي من قبل الأسواق والمستثمرين في الداخل والخارج».
فبعدما اكتملت عملية تبريد الساحة السياسية باجتماع الحريري – باسيل الذي انتهى بتمسّك مشترك بالتسوية الرئاسية، انعقد مجلس الوزراء في السراي برئاسة الحريري، وناقش جدول اعمال دسما من 100 بند. وتحدث الحريري في مستهل الجلسة موجّها رسائل تدعو الى اهمية تفعيل العمل الحكومي وتزكية التضامن الوزاري. فقال «لم يعد بامكاننا ان نسير بالوتيرة نفسها فجميعنا في مركب واحد، وكلنا مسؤولون عن سلامة هذا المركب الذي اسمه لبنان. عقدنا 19 جلسة لمجلس الوزراء لنتفق على مشروع الموازنة وهذه الجلسات لم تكن للتسلية، بل لنقاش عميق ومفصل. لهذا السبب، اعتبر ان مسؤولية كل واحد منا في الحكومة، والتضامن الوزاري في ما بيننا يفرض علينا جميعا ان ندافع في مجلس النواب عن قراراتنا التي اتخذناها سويا».
غير ان رياح التهدئة يبدو لم تلفح اجواء المختارة- بعبدا. اذ غرّد رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط على «تويتر» قائلاً: «في فلسطين صفقة قرن وفي لبنان صفقة قرن. هناك أرض وشعب على مشارف المصادرة والتهجير، وهناك اتصالات وكهرباء واملاك بحرية ومصافي ونفط وغاز على مشارف القرصنة والتوزيع والتخصيص. هناك صهر وهنا صهر يعبث بالاخضر واليابس، هناك رئيس يهدد العالم يمينا وشمالا وهنا تسوية القهر الذل والاستسلام».
على صعيد آخر، نشطت الحركة الدولية والعربية على الساحة اللبنانية. فبدأ الوفد الرئاسي الروسي الذي يناقش ملفي النزوح السوري واجتماعات استانة مع المسؤولين اللبنانيين، جولته على القيادات المحلية من عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري.ويستكمل جولته اليوم.
وافادت مصادر مطّلعة ان الوفد الروسي ينقل الى المسؤولين اللبنانيين نصيحتين الاولى ان لا عودة للنازحين السوريين الا من ضمن مسار العملية السياسية للتسوية السورية التي تسير، ولو ببطء، بمواكبة ومباركة دوليتين، وتاليا على اللبنانيين وقف السجالات في هذا الشان لانها من دون نتيجة. اما الثانية فتحذير من المغامرة بالانخراط في اي عملية عسكرية قد تقع، على غفلة، في الاقليم، «فانئوا بانفسكم وحيّدوا ساحتكم عن اي مواجهة».
ومع بدء الوفد الروسي زيارته الرسمية الى بيروت، اكدت اوساط مقرّبة من «حزب الله» «تأييدها للمبادرة الروسية لاعادة النازحين، كما اي مبادرة ترمي الى عودتهم»، وشددت على «ضرورة التعاطي المباشر الرسمي بين الدولتين اللبنانية والسورية لوضع آلية مناسبة لعودتهم، اذ لا حلّ لازمة النازحين الا من خلال هذا التواصل. الجميع «يُنظّر» في هذا المجال متناسياً ان الاساس في هذا الموضوع التواصل المباشر مع الحكومة السورية».
في الموازاة، يبدأ وفد من مجلس الشورى السعودي زيارة الى بيروت، حيث ستكون له سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع الرؤساء والمسؤولين اللبنانيين تصب كلّها في خانة ترسيخ التنسيق البرلماني بين الدولتين وتفعيل دور لجنة الصداقة البرلمانية السعودية – اللبنانية.
الشرق