رسالة قداسة البابا فرانسيس الى الاعلاميين والصحفيين
وجه قداسة البابا فرنسيس، في لقاء عقده امس في صالة كليمنتينا، رسالة من 126 صفحة مكتوبة باللغة الايطالية الى الصحافيين والاعلاميين.
حضر اللقاء حوالى 400 صحافي اعضاء جمعية الصحافة الاجنبية في ايطاليا ومندوبون لدى الكرسي الرسولي.
تعتبر هذه الرسالة وثيقة هامة ومادة دراسية يجوز تعميمها والافادة منها لما فيها من توجيهات وإرشادات تصلح لأن تكون قواعد سلوك لمهنة رأى فيها البابا الكثير من النبل والشجاعة والرسولية.
ودعا البابا إلى “صحافة متواضعة وحرة لا تنغمس في بيع الغذاء الفاسد من المعلومات الخاطئة ولكنها تقدم خبزا صحيا من الخير والحقيقة”.
وتوجه الى الصحافيين بالقول: “أحضكم على العمل وفقا للحقيقة والعدالة، بحيث يكون التواصل أداة للبناء وليس للتدمير؛ للقاء وليس للاشتباك؛ للحوار مع الآخر وليس لمناجاة الذات. للارشاد وليس للتضليل؛ للتفاهم وليس لسوء الفهم؛ للمضي في سلام، وليس لبث الكراهية؛ لتوفير صوت لمن لا صوت له، وليس لتوفير مكبر للصوت لمن يصرخ بصوت أعلى”.
وعبر البابا فرانسيس عن تقديره وتقدير الكنيسة للجهد الثمين الذي يبذله الصحافيون، والذي “يسهم في البحث عن الحقيقة، لأن الحقيقة وحدها تحررنا”.
التواضع والحقيقة
وفي تأكيد على التواضع باعتباره العنصر الأساسي في مهنة الصحافة، اعتبر البابا “أن البحث عن الحقيقة يستتبع الكثير من الصعوبات ويتطلب الكثير من التواضع”.
ورأى “أن افتراض معرفة كل شيء هو آفة تحجب البحث عن الحقيقة”، موضحا “أن أي مقال أو تغريدة أو تحقيق يمكن أن يكون جيدا للبعض وسيئا للبعض الآخر وأحيانا لمجتمعات بأكملها إذا كان المرء غير متنبه ودقيق”.
وإذ لاحظ “أن بعض العناوين الصارخة يمكن أن تعطي صورة زائفة عن الواقع”، حض الصحافيين “على مقاومة إغراء نشر أخبار لم يتم التحقق منها في شكل كاف”.
وقال: “بدلا من ذلك، يحاول الصحافي المتواضع معرفة الوقائع بشكل صحيح وكامل قبل نشرها والتعليق عليها. وعلى الصحافة تجنب الترويج للشعارات التي، بدلا من أن تضع الأفكار قيد التنفيذ، تلغيها”.
وأسف البابا ” لاستخدام لغة عنيفة ومهينة تؤذي الناس وأحيانا تدمرهم في زمن هيمنة العبارات العدائية، حيث أصبح قول الأشياء السيئة عن الآخرين عادة بالنسبة للكثيرين، إلى جانب تلك المتعلقة بتصنيف الأشخاص، فيجب أن نتذكر دائما أن لكل شخص كرامته، التي لا ينبغي المس بها”.
وشدد البابا على “أن حرية الصحافة وحرية التعبير هي مؤشرات مهمة على الحال الصحية لأي بلد”، مشاركا “آلام الصحافيين الذين قتلوا أثناء قيامهم بعملهم بشجاعة وتفان للإبلاغ عما يواجهه الكثير من الناس خلال الحروب والمآسي”.
وقال: “نحن في حاجة إلى الصحافيين الذين يقفون إلى جانب الضحايا، من يتعرضون للاضطهاد، إلى جانب أولئك المستبعدين أو المهمشين أو الذين يتعرضون للتمييز. إن الصحافيين بحاجة إلى تذكر المنسيين الذين عانوا ويلات الحروب، مثل شعوب الروهينجا واليزيديين”.
ودعا الصحافيين إلى “مساعدة العالم على عدم نسيان أولئك الذين يتعرضون للاضطهاد والتمييز بسبب عقيدتهم أو عرقهم وضحايا العنف والاتجار بالبشر”.
وقال: “إن أولئك الذين أجبروا على ترك منازلهم بسبب الكوارث والحروب والإرهاب والجوع والعطش، ليسوا أرقاما، بل وجها وقصة ورغبة في السعادة. هناك محيط مغمور من الخير يستحق أن يكون معروفا ليعطي قوة لأملنا”، مشيرا إلى “أن الصحافيات هن أكثر حساسية لمثل هذه القصص الإنسانية”.
واستشهد بقول البابا القديس يوحنا بولس الثاني في اجتماع مع الجمعية نفسها العام 1988: “الكنيسة تقف إلى جانبكم. أكنتم مسيحيين أم لا، في الكنيسة ستجدون دائما التقدير المناسب لعملكم والاعتراف الدائم بحرية الصحافة”.