تبديد المال العام في لبنان: التعليم الرسمي نموذجاً
أكثر من مليار ونصف المليار ليرة لبنانية سنوياً تعويضات لجان فاحصة تدفع لأشخاص لا دور لمعظمهم في الفحص
إن هذا المقال نداء إلى وزير التربية والتعليم العالي ووزير المالية والهيئات الرقابية نناشدهم فيه إلغاء المرسوم 4857 تاريخ 23/08/2010 الذي يؤدي إلى تبديد ما يزيد عن 1.5 مليار ليرة لبنانية سنوياً من المال العام.
وزراء وموظفون سابقون وصحافيون تحدثوا مراراً عن ضروب تبديد المال العام في لبنان، ولم يعر أحد كلامهم اهتماماً واستمر التبديد حيث هو بل ازداد واستفحل.
ومن النماذج الأشد سواداً لهذا التبديد مئات الملايين التي تهدر سنوياً باعتبارها أتعاب اللجان الفاحصة المشرفة على الامتحانات الرسمية والتي يدفع معظمها لأشخاص ليس لهم أي دور في الامتحانات، أو لهم فيها أدوار ثانوية لا تحتاج منهم سوى لبضع ساعات في كل دورة، أو لهم فيها دور بحكم الوظيفة التي يحصلون فيها على راتب شهري عن قيامهم بالدور المنوط بهم.
ومع الأسف الشديد، إن التبديد غير المشروع الذي نتحدث عنه منظم بمراسيم معلولة زاد في علاتها إبداع المديرية العامة في سوء تطبيقها.
ففي التعليم المهني تم تشريع التبديد بمراسيم عديدة آخرها المرسوم رقم 4857 تاريخ 23/08/2010 الذي ربط تعويضات رؤساء لجان التصحيح ونواب الرؤساء بمجموع تعويضات المصححين في لجنتهم. وربط تعويضات اللجنة الفاحصة التي تتولى نظرياً الإشراف على الامتحانات بتعويض الرئيس الأعلى تعويضاً.
فقد خصص المرسوم المعلول لكل رئيس لجنة أتعاباً تساوي 10 % من مجموع أتعاب مصححي لجنته ولكل نائب رئيس تعويضات تساوي 9 % من مجموع الأتعاب.
وخصص مرسوم التبديد كل عضو في اللجنة الفاحصة بتعويضات على النحو التالي:
تعويضات كل من المدير العام ورئيس مصلحة المراقبة والامتحانات ورئيس دائرة الامتحانات: لا يتعدى أعلى تعويض يناله رئيس لجنة × 2.
تعويضات موظفين من المديرية العامة للتعليم المهني والتقني من الفئتين الثانية والثالثة يكلفهم المدير العام معاونته لإعداد أسئلة الامتحانات الرسمية وتدقيقها وطبعها واستنساخها : لا يتعدى أعلى تعويض يناله رئيس لجنة × 1.5.
تعويضات موظفي المديرية العامة للتعليم المهني والتقني من الفئتين الثانية والثالثة ومدراء المعاهد والمدارس الفنية الرسمية والخاصة وممثلين عن أرباب المهنة: لا يتعدى أعلى تعويض يناله رئيس لجنة × 0.5.
وقد حرى تطبيق هذا المرسوم منذ سنة صدوره إلى اليوم على نحوٍ يؤدي إلى تبديد نحو مليار ونصف المليار ليرة لبنانية سنوياً من دون أي مسوع، كما هو مبين أدناه.
التطبيق الفعلي لمرسوم التبديد في امتحانات البكالوريا الفنية
يبلغ المتوسط السنوي لتعويضات التصحيح في اللجنة الأكبر 400,000,000 ل.ل تقريباً.
وبناءً على ذلك:
يحصل رئيس هذه اللجنة على تعويضات بمبلغ 40,000,000 ل.ل ويحصل نائب الرئيس على تعويضات بمبلغ 36,000,000 ل.ل وعادة ما تستغرق أعمال التصحيح فترة من أسبوع إلى أسبوعين.
* يحصل المدير العام على تعويضات بمبلغ:
40,000,000 ×2 = 80,000,000 ل.ل.
* يحصل ستة أعضاء في اللجنة الفاحصة على تعويضات بمبلغ:
40,000,000 × 1.5 = 60,000,000 ل.ل لكلٍ منهم.
بمجموع 360,000,000 ل.ل ومعظم هؤلاء الأعضاء لا دور لهم فعلي في الامتحانات في مراحلها المختلفة، أو لهم دور فيها بحكم وظيفتهم في مصلحة الامتحانات والمصلحة الفنية.
* يحصل ثمانية من أعضاء اللجنة على تعويضات بمبلغ:
40,000,000 × 0.5 = 20,000,000 ل.ل لكلٍ منهم.
بمجموع 160,000,000 ل.ل وليس لأي من هؤلاء الأعضاء دور من قريب أو من بعيد في الامتحانات.
وهكذا، تحصل اللجنة الفاحصة في كل دورة على تعويضات أقلها
40,000,000 ل.ل × 15 = 600,000,000 ل.ل
منها 80,000,000 ل.ل للمدير العام أقل الموظفين دوراً فعلياً في الامتحانات.
التطبيق الفعلي لمرسوم التبديد على مستوى الامتياز الفني والإجازة الفنية
يبلغ المتوسط السنوي لتعويضات اللجنة الأكبر 250,000,000 ل.ل تقريباً.
وبناءً على ذلك:
يحصل رئيس هذه اللجنة على تعويضات بمبلغ 25,000,000 ل.ل ويحصل نائب الرئيس على تعويضات بمبلغ 22,500,000 ل.ل
* يحصل المدير العام على تعويضات بمبلغ:
25,000,000 ×2 = 50,000,000 ل.ل.
* يحصل سبعة أعضاء في اللجنة على تعويضات بمبلغ:
25,000,000 × 1.5 = 37,500,000 ل.ل لكلٍ منهم.
بمجموع 262,500,000 ل.ل ومعظم هؤلاء الأعضاء لا دور لهم فعلي في الامتحانات في مراحلها المختلفة، أو لهم دور فيها بحكم وظيفتهم في مصلحة الامتحانات والمصلحة الفنية.
* يحصل سبعة من أعضاء اللجنة على تعويضات بمبلغ:
25,000,000 × 0.5 = 12,500,000 ل.ل لكلٍ منهم،
بمجموع 87,500,000 ل.ل وليس لأي من هؤلاء الأعضاء دور من قريب أو من بعيد في الامتحانات.
وهكذا، تحصل اللجنة الفاحصة في كل دورة على تعويضات أقلها:
25,000,000 ل.ل × 16 = 400,000,000 ل.ل
منها 50,000,000 ل.ل للمدير العام أقل الموظفين دوراً فعلياً في الامتحانات.
وينضم إلى هذه التعويضات تعويضات للأعضاء أنفسهم في لجان فاحصة أخرى تتولى الإشراف النظري على مراحل أخرى من الامتحانات، وتتكرر كلها (ولكن بمبالغ أقل) عند إجراء امتحانات الدورة الثانية في كل سنة.
إن هذا المقال نداء إلى وزير التربية والتعليم العالي ووزير المالية والهيئات الرقابية نناشدهم فيه إلغاء المرسوم 4857 تاريخ 23/08/2010 الذي يؤدي إلى تبديد ما يزيد عن 1.5 مليار ليرة لبنانية سنوياً من المال العام.