خريطة شرق أوسطية تطوي «سايكس بيكو»؟

نتائج الإنتخابات الإسرائيلية لم تخرج عن التوقعات المنتظرة، حيث إستنفرت إدارة ترامب كل إمكانياتها لإنجاح الحليف المدلل للبيت الأبيض «بيبي»، رغم كل فضائح الفساد التي يتخبط فيها أمام القضاء، ورغم مؤشرات الإستطلاعات التي سجلت التراجع المتزايد في شعبيته.
 ولكن فوز نتانياهو وأحزاب اليمين المتطرف سياسياً ودينياً، يشكل تحدياً إضافياً للمنطقة العربية، التي تمر أصلاً في مرحلة صعبة من الإضطرابات والفوضى، فضلاً عن التعقيدات الجديدة التي ستواجهها السلطة الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية ورئيسها الذي نسف أسس العملية السلمية، حيث أوقف المفاوضات مع الفلسطينيين، وأطلق العنان لزرع المستوطنات، وأمعن في تهويد أحياء القدس الشرقية، وصولاً إلى قضم الأراضي المحتلة، وإعلان ضمها إلى الدولة المغتصبة، كما حصل مؤخراً في الجولان، بتشجيع مباشر من الإدارة الأميركية، وسيد البيت الأبيض شخصياً.
 حماس الرئيس الأميركي غير المسبوق في دعم نتانياهو ومخططاته المعادية للسلام مع العرب والفلسطينيين، سيعرض القضية الفلسطينية لأخطار غير مسبوقة، خاصة في ظل هذا الوضع العربي المضعضع والمتشرذم، والذي يفتقد إلى الحد الأدنى من التنسيق والتعاون في مواجهة تحديات المرحلة المقبلة من الصراع، التي يستغل فيها العدو الإسرائيلي هذا الخلل الفادح في الموازين الديبلوماسية والعسكرية، لنحر القضية الفلسطينية على عتبة الخلافات العربية ــــ العربية، والفلسطينية  ــــ الفلسطينية.
 لا شك أن هذه المعطيات السلبية في الواقع العربي الراهن، والتقارب الأميركي  الإسرائيلي المتزايد، ستفتح الطريق امام ما يسمى «صفقة العصر»، وفرض الشروط الإسرائيلية لإنهاء الصراع العربي  الإسرائيلي، وتفريغ ما تبقى من صلاحيات وأدوار للسلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى مجرد إدارة لحكم ذاتي ممسوخ، تحت السيطرة الإسرائيلية، مما يمهد لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، إيذاناً بإنتهاء عصر خريطة سايكس  بيكو، التي عاشت قرابة مئة عام!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!