تفاهم نيسان جديد: الحزب موافق.. وإسرائيل تطلب ضمانات!
صدى وادي التيم-امن وقضاء/
تفاهم نيسان جديد يحضر في الكواليس. الحزب موافق مشترطاً الكلام عن فرصة تاريخية أمام لبنان لكن بعد حرب غزة، وإسرائيل موافقة على أن تحصل على ضماناتها بعدم اجتياح الجليل. على هذا التقاطع تصل الوفود الدولية تباعاً إلى بيروت، وآخرها الوفد الفرنسي الذي زار السراي الحكومي الخميس. سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو قال إنّ وفد وزارة الخارجية يستكمل ما بدأه وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه في زيارته الأخيرة. ليست رحلة الوفود الفرنسية سهلة في هذه المرحلة، فالوفود الأمنيّة السياسية المؤلّفة من “الكي دورسيه” والجيش الفرنسي تعمل على مشروع تفاهم تقول مصادر دبلوماسية إنّ إطار التفاهم يشبه تفاهم نيسان الذي تلا عناقيد الغضب عام 1996. مقرّرات التفاهم هذه يتمّ التحضير لها دولياً لتكون منطلقاً لتطبيق القرار 1701 برعاية دولية. إلا أنّ هذا المسار أمامه مجموعة تحدّيات داخلية وخارجية إذا نجحت المساعي في تفكيكها فسيكون لبنان أمام مرحلة إعادة إعمار وازدهار طال انتظارها.
ما بين نيسان 96 واليوم
في عودة سريعة إلى عناقيد الغضب وتفاهم نيسان، لا بدّ من الكلام عن داخل كان متماسكاً بوجود رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي وُصف بعمود الاتفاق يومها. وكان في قصر بعبدا الرئيس الياس الهراوي، وكانت سوريا حاضرة برعايتها إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ضامنة الاتفاق. اليوم يختلف الواقع الداخلي مع فراغ رئاسي عمره عام ونصف وانقسام داخلي عمودي وحكومة تصريف أعمال بالكاد قادرة على تسيير أعمال البلاد. خارجياً سوريا فقدت نفوذها، والرعاية المطروحة لأيّ اتفاق مقبل لا تزال مقتصرة على خماسية أميركا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا. وبالتالي هي غير مكتملة بانتظار رعاية إقليمية قد تتمثّل في إيران والمملكة العربية السعودية وقطر في المرحلة المقبلة. لم تمنع هذه التحدّيات استمرار العمل الدولي، وتحديداً الأميركي الفرنسي، على صياغة اتفاق يتضمّن مقرّرات تتعلّق بالحدود الجنوبية “لحفظ الأمن والسلام” مقابل دعم اقتصادي مفتوح على استثمارات ستنقل لبنان إلى مرحلة ازدهار مقبلة. بناء عليه وصل وفد الخارجية الفرنسية إلى بيروت لمتابعة العمل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المفترض أن يحمل جواب لبنان على الطروحات الفرنسية. مصادر مقرّبة من الحزب تتحدّث عن علم وانفتاح الحزب على النقاش، لكن كما قال الأمين العامّ للحزب ليس قبل إنهاء حرب غزة. اليوم مع وصول وفد حركة حماس إلى القاهرة لخوض البحث في التفاصيل الأخيرة حول المفاوضات مع إسرائيل، تقول مصادر من الحركة لـ”أساس” إنّ الأسبوعين الأخيرين ستُختتم فيهما المرحلة الأولى من المفاوضات على الهدنة الأولى. فهل يشكّل هذا التطوّر أرضية لبدء الكلام الجدّي في لبنان عن إطار تفاهم جديد برعاية دولية وإقليمية؟
مقرّرات المسوّدة الفرنسيّة
نفت مصادر دبلوماسية أن يكون وزير خارجية فرنسا المعيّن حديثاً قد حمل تهديدات أوصلها إلى ميقاتي. لا بل تحدّثت عن مسوّدة مقرّرات عمليّة لتطبيق القرار الدولي وخلق إطار تفاهم على ذلك برعاية دولية.
تبدأ خطوات التفاهم بوقفِ الأعمال العسكرية في الجبهة الجنوبية مع انتشار الجيش اللبناني واليونيفيل على طول الحدود.
قالت المصادر الدبلوماسية إنَّ سيجورنيه حمل المقترحات نفسها إلى تل أبيب قبل وصوله إلى بيروت.
نفت مصادر دبلوماسية أن يكون وزير خارجية فرنسا المعيّن حديثاً قد حمل تهديدات أوصلها إلى ميقاتي. لا بل تحدّثت عن مسوّدة مقرّرات عمليّة لتطبيق القرار الدولي وخلق إطار تفاهم على ذلك برعاية دولية
لكن في المقابل وبانتظار الاتفاق على صيغة مدى الانسحاب وإخفاء السلاح الثقيل أو سحبه شمالاً، تتحدّث المصادر الدبلوماسية عن انتشار أكثر من عشرة آلاف جنديّ في الجيش اللبناني بعد فتح باب الالتحاق بالجيش لسبعة آلاف عسكري جديد، بالإضافة إلى قوات اليونيفيل على طول الحدودِ الجنوبية.
تجاوبت تل أبيب مع طروحات سيجورنيه بضرورة أن تطبّقَ إسرائيلُ القرارَ 1701 بوقف خروقاتِها للأجواءِ اللبنانية وسحب جنود الاحتياط عن الحدود، بحسب المصادر نفسها. وبالتالي عند التوصّل إلى إطار تفاهم يدعونه العاملون عليه “اتفاق نيسان آخر”، سيشكّل الوسيط الدولي لجنة رباعية مؤلّفة من لبنان وإسرائيل والولاياتِ المتحدة الأميركية وفرنسا للبَدء في بحث معالجة النقاط الثلاث عشرة العالقة على الخطّ الأزرق بما فيها الأراضي المحتلّة في مزارع شبعا وقرية الغجر وكفرشوبا.
كثيرة هي الاختلافات بين الأمس واليوم، وتحديداً تلك التي رعت تفاهم نيسان. ولكن بانتظار ما سيحمله هذا الشهر من جديد في الحرب على غزة، لا مستحيل في البدء بمسار لبناني إسرائيلي جديد أصبح موضوعاً على السكّة بانتظار الإقلاع. الجميع حاضر والمواقف ناضجة، خارجياً عبر الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وإيران التي يزور وزير خارجيّتها لبنان في الساعات المقبلة. وداخلياً يبدو القطار قد أقلع اليوم في جلسة مجلس الوزراء، التي على الرغم من المشكل الأمنيّ على أبواب السراي، سارعت إلى إقرار تعيين العميد حسان عودة رئيساً للأركان في الجيش اللبناني، وهو وحده الذي يستطيع أن ينوب عن قائد الجيش في حال غيابه عن المؤسّسة. فهل بدأ ملء الفراغات وصولاً إلى الرئاسة؟
جوزفين ديب- أساس