السيد نصرالله يكسر صمته: هذه دوافع قراره
كتب عماد مرمل في صحيفة الجمهورية :
عقب صمت طويل و«مدروس» فتح باب التأويلات على مصراعيه، يطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» سماحة السيد حسن نصرالله عبر قناة «الميادين»، مساء السبت المقبل، في حوار شامل يجريه رئيس مجلس إدارة «القناة» غسان بن جدو، وينتظره الصديق والعدو على حد سواء، لما سيحمله من رسائل ومعادلات في اتجاهات عدة.
لعلّ حساسية اللحظة الراهنة، ببعديها الاقليمي والمحلي، ستمنح كلام السيد نصرالله وقعاً إضافياً في لبنان والجوار الاقليمي، خصوصاً مع التصعيد الإسرائيلي ضد سوريا وحلفائها وتمادي الأزمة الحكومية في الداخل.
والمفارقة أنّ البعض المستعجل لم ينتظر موعد المقابلة ليبني على الشيء مقتضاه، بل باشر في محاولة سبر أغوار «السيد» واستكشاف نياته منذ الآن، وقبل ان يقول الكلمة – الفصل على الهواء.
وغالب الظن، أنّ هناك من سيركّز على التدقيق في إطلالة السيد نصرالله وملامح وجهه ونبرة صوته وطريقة جلوسه وعدد مرات إرتشافه للمياه، قبل ان يتمعن في مواقفه، وذلك سعياً الى تبيان حقيقة وضعه الصحي بعد الشائعات «المنظّمة» التي روجت لمرضه أخيراً، ونقلته من مستشفى الى آخر بين لبنان وايران.
وحتى بعد الإعلان عن الظهور الإعلامي لـ«السيد» السبت المقبل، واصلت بعض «ماكينات» الحرب النفسية التشويش والتضليل، على قاعدة «عنزة ولو طارت»، حيث جرى توزيع تسجيل صوتي عبر «الواتسآب» يفيد أنّ السيد نصرالله توفي منذ ايام استناداً الى معلومات أجهزة استخبارية رفيعة المستوى، وأنّ أكثر من 8 من كبار الضباط في الجيش الإيراني يجتمعون مع كوادر «حزب الله» في كل لبنان «لتنسيق الوضع حتى لا يفلت زمام الامور من ايديهم»، وانّ «الحزب» سيكون في أقصى استنفار على الارض عند الاعلان عن الوفاة! ولم يقتصر الامر على هذا المقدار من التشويه للحقائق، بل أنّ هناك من ذهب الى حد التشكيك في اصل المقابلة التلفزيونية والزعم أنّها مسجلة منذ فترة.
لكن، وعلى رغم الضغوط المتنوعة التي مورست في الفترة الأخيرة لدفع السيد نصرالله الى موقع رد الفعل، إلاّ أنّه بقي مصراً على اختيار توقيت ظهوره، وفق ساعته هو لا ساعة الكيان الاسرائيلي الذي حاول استدراج «السيد» الى ملعبه أكثر من مرة خلال الاسابيع الماضية، وتحديداً كما فعل عندما فتح ملف الأنفاق المفترضة أو حين راح يفسّر صمت «الأمين العام» على طريقته.
وعُلم في هذا السياق، أنّ المقابلة التلفزيونية على قناة «الميادين» مقررة منذ مدة، وبالتالي لم تأتِ بمثابة رد مباشر على حرب الشائعات التي استهدفت السيد نصرالله كما قد يظن البعض للوهلة الاولى.
وفي التفاصيل، انّ الزميل غسان بن جدو تمنّى على «السيد» قبل أشهر، ان يكون ضيف «حوار العام»، خصوصاً انّ سنة 2018 كانت حافلة بالاحداث المفصلية، وقد تجاوب السيد نصرالله مع الفكرة، وتقرّر منذ ذلك الحين إجراء الحوار في النصف الثاني من شهر كانون الثاني الحالي.
وبهذا المعنى، فانّ «السيد» الذي بات خبيراً ومحترفاً في إدارة الاطلالات الاعلامية، شكلاً ومضموناً، أراد ان يكون أحد أهداف صمته هو التمهيد للمقابلة وتجنب إحراقها بظهور مسبق، الى جانب حرصه في الوقت ذاته على ان يبقى ممسكاً بزمام المبادرة في الحرب النفسية مع الاحتلال الاسرائيلي، وعدم منحه أي فرصة للتحكّم بقواعد اللعبة الإعلامية للنزاع.
أما بالنسبة الى محتوى الحوار مع السيد نصرالله، فإنّه سيغطي ملفات المنطقة من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق وفلسطين، لكن مع إعطاء حيز أوسع نسبياً للوضع السوري، ربطاً بتصاعد الاعتداءات الاسرائيلية التي قد تستوجب مراجعة لقواعد الاشتباك المُعتمدة، حيث يرجّح ان يوجّه «السيد» رسائل حازمة الى تل أبيب، بالترافق مع تظهيره للمشهد السوري الاجمالي، بعد تمكّن دمشق وحلفائها من تحقيق انتصارات مفصلية في مواجهة الارهاب واستعادة السيطرة على معظم الاراضي التي كانت خارج سيطرة الدولة.
وسيتطرّق «السيد» الى خيارات محور المقاومة، على المستوى الاستراتيجي، في المرحلة المقبلة التي تبدو أمام الاحتمالات الآتية: المواجهة الشاملة، التسوية الكبرى، أو النزاع الممسوك، علماً انّ حسم الوجهة نحو أي من هذه المسارات سيكون مسبوقاً بمخاض صعب تمرّ فيه المنطقة حالياً.
وإضافة الى كل ما سبق، سيخصص الحوار مساحة واسعة للوضع اللبناني المُثقل بالأزمات والتحدّيات المتراكمة، حيث سيحدّد السيد نصرالله مواقفه وخياراته حيالها، من الخروق الاسرائيلية على الحدود الجنوبية والتعثر المكلف في تشكيل الحكومة ومسألة توزير «اللقاء التشاوري» ومبادرات الحل، وصولاً الى علاقة «حزب الله» مع الحلفاء والخصوم، مروراً بالعقوبات المالية والواقع الاقتصادي.